الآن حصحص الحق و(كركب البص) نحو معبر أرقين في الطريق إلى مصر.. والتوجّه إلى ميدان التحرير حيث مبنى جامعة الدول العربية وإلى مكتب مساعد الأمين العام للاقتصاد..! فقد وصلت النيابة السودانية إلى إعلان الاتهام بالقبض على قائد مليشيات الإنقاذ “كمال حسن علي” ومسؤول الخدمة الإلزامية ومعسكرات التجنيد القسري أيام جريمة قتل التلاميذ والصبايا المروّعة في العيلفون… مَنْ يحصي ثناءً على الحق سبحانه وتعالى..؟.. وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها..؟!
هذا الشخص الذي تم إعلان الاتهام عليه في مجزرة العيلفون كافأته الإنقاذ على أعماله في التجييش والتقتيل ومنحته وسام النيلين من الطبقة الأولى (لخدمته الممتازة..!) والرجل يرصد هدايا الإنقاذ بنفسه في سيرته الذاتية بموقع الجامعة العربية الإلكتروني ومنها وزير الدولة بوزارة الخارجية السودانية 2011-2012 وسفير السودان بالقاهرة ومندوبه الدائم لدى جامعة الدول العربية 2012- 2014 ثم وزيراً للدولة للرعاية والضمان الاجتماعي (لاحظ الرعاية والضمان) للفترة 2014- 2015 ثم وزيرا للتعاون الدولي 2015- 2016 ثم في نهاية 2016 احتل مقعد السودان في الجامعة العربية (وحتى تاريخه)…!!
صر تعتبر جماعة الإخوان (جماعة إرهابية) والسودان يعتبرهم أسوأ من ذلك..! وهذا الرجل له مسيرة حافلة في صفوفهم فقد عمل رئيساً لتحرير صحيفة المسيرة الإخوانية ومجلة “المقدمة” وتولى عضوية مجلس إدارة مجلس ركائز المعرفة للدراسات والبحوث (..) ومن جانب آخر كان عضواً في المكتب القيادي لحزب الإنقاذ وعضواً في قطاعه السياسي وقطاعه الاقتصادي وأيضاً قطاع العلاقات الخارجية وعدد من القطاعات الفئوية الأخرى (…) كما رأس مكتب الحزب بالقاهرة ولا تنسى أنه وكما كتب بخط يده في سيرته الذاتية ترأس الاتحاد العام لكرة اليد لدورتين 2003-2013..!!
والمهم أنه عمل مديراً عاماً للمركز القومي للإنتاج الإعلامي (بوق الإنقاذ) ثم مديراً عاماً لمؤسسة الفداء للإنتاج الإعلامي (ونعوذ بالله من آثام هذا المركز الذي كان يوثق ويهلل لذبح أبناء الوطن في محرقة الإنقاذ ضد الشعب السوداني) ثم نائب المنسق ثم المنسق العام للخدمة الوطنية.. وهنا تطل عليك مذبحة العيلفون التي لا يمكن مقارنة دمويتها وبشاعتها بمذبحة (شاربفيل) في جنوب إفريقيا التي يعدها العالم من أكبر المآسي المفجعة في تاريخ الإنسانية والتي تم فيها اغتيال 69 متظاهراً.. ولم يكن العالم يدري أن مليشيات الإنقاذ ستصنع مذبحة (أكثر نموذجية وإحكاماً) وأبعد دموية وبشاعة من شاربفيل بقتل أكثر من 100 صبي ويافع وقاصر وتلميذ بالرصاص الحي على الرؤوس ومن وراء الظهور وبالإغراق القسري..ولم يكونوا في مظاهرة أو احتجاج (مثل شاربفيل) إنما أرادوا التسلل بهدوء إلى بيوتهم لقضاء يوم العيد مع أهاليهم ثم العودة للمعسكر..!!
كنت على وشك مخاطبة السيد سفير مصر بالخرطوم عبر هذه المساحة حول (مسألة كمال علي) بالرغم من عدم وجود علاقة مباشرة للسفير بأعمال الجامعة العربية.. لكن فكّرت في مخاطبته للاتصال بالخارجية المصرية التي يمكن أن تنقل لممثلها في الجامعة مشاعر السودانيين تجاه وجود هذا الرجل فيها ممثلاً للمؤتمر الوطني الذي لم يعد له وجود في السودان.. لكني أحجمت عن ذلك فلربما ردت علينا الجامعة العربية بأنه لم يصلها طلب من السودان بسحب ترشيحه؛ وبذلك امتنعت عن مخاطبة السفير.. إلى أن جاء الفرج أخيراً بإعلان اتهام (كمال علي) بشأن مجزرة العيلفون وبرفقته تسعة أشخاص آخرين.. فهيا لا يتأخر طلب تسليم هذا الرجل عاجلاً لمواجهة العدالة..حتى تهنأ أرواح صبايا المجزرة في مراقد الخلود..!!