بعيداً عن إيجابيات وسلبيات قرار الحكومة السودانية تعويم العملة الوطنية فقد اعتبره الكثير من السودانيين بالداخل بانه اختبار صعب وحقيقي لوطنية المغتربين والبالغ عددهم اكثر من ستة ملايين نسمة معظمهم يقيمون بدول الخليج العربي .
وحسب خبراء اقتصاديون يقولون بانّ تحويلات المغتربين السودانيين عبر السوق الموازي بلغت حوالي (9) مليار دولار سنوياً في حين تبلغ تحويلاتهم عبر القنوات المصرفية الرسمية حوالي (150)مليون دولار حسب تقديرات 2019م .
فقد شاب عملية تعويم الجنيه السوداني وتحويلات المغتربين جدل كثيف ولغط عجيب فهناك تحويلات تصل لذوي المغتربين في مواعيدها المحددة ويستلمونها بالمقابل فقد ظل آخرون من اسر المغتربين وعوائلهم لم يستلموا التحويلات التي حولها لهم اقربائهم من الخارج عبر القنوات الرسمية والصرافات وحدث امس الاول حرج ومرج كبيرين في احدى البنوك بالخرطوم بحيث اشتكى عدداً من المواطنيين بانهم لم يستلموا حوالاتهم لاكثر من ثلاثة ايام قضوها جيئةً وذهاباً فيبدو ان هناك خللاً كبيراً في هذا الامر اما انّ الحكومة عبر البنك المركزي لم توفر سيولة بالنقد الاجنبي لتغطية هذه الحوالات اما ان يكون هناك خلل اداري وفني والبنوك السودانية ليست مهيئة لتدارك الامر ووقع عليها قرار تعويم الجنيه السوداني كالصاعقة .
يقول الخبير الاقتصادي والمحلل المالي خالد ادم عيسي المقيم بدولة الامارات العربية المتحدة : ( أن امر التضارب في عدم استلام بعض اهالي المغتربين لتحويلات ابنائها يعود الي احد امرين هما ؛ الامر الاول : اما ان يكون البنك المركزي لا تتوفر لديه السيولة الكافية من النقد الاجنبي حتى يغطي بها هذه التحويلات .
الامر الثاني : اما ان يكون هناك خلل اداري وفني تقني مرتبط بهذه البنوك السودانية وهي ليست لديها التقنيات الكافية في التعامل مع مثل هذه الاجراءات علماً بان كل البنوك السودانية هي خارجة عن إطار المنظومة المصرفية والمالية العالمية منذ عشرات السنين بسبب الحصار الاقتصادي الجائر الذي فرضته الادارات الامريكية المتعاقبة على السودان وشعبه وبالتالي تاثرت البنوك السودانية بمثل هذه القرارات الجائرة ولم تستطيع هذه البنوك المواكبة والتطور) .
فقد ظلت تحويلات المغتربين السودانيين هدفاً لحكومة البشير السابقة على الرغم من الثقة المفقودة بين المغتربين والنظام السابق الا ان تحويلاتهم كانت لها الاثر الطيب لاسرهم وللاقتصاد السوداني .
فقد فشلت سياسات النظام البائد في مخاطبة قضايا المغتربين عبر توفير نوافذ لهم للاستثمار او محفزات جاذبة لكي تتدفق تحويلاتهم السنوية والتي يمكن ان تغطي ما نسبته 40% من فاتورة الواردات السودانية حسب خبراء اقتصاديين ويمكن ان تشكل هذه التحويلات رافداً مهماً للنقد الاجنبي .
يجب على الحكومة الحالية ان تضع استراتيجيات ورؤى وافكار جديدة لتحقيق ذلك والاستفادة من تحويلات المغتربين عبر النوافذ المصرفية الرسمية واعادة بناء جذور الثقة والتواصل مع المغتربين اضافة الي تفعيل دور الجهاز المصرفي وبناء شبكة من المراسلين بالخارج حتى تستطيع الحكومة هزيمة السوق السوداء وبالتالي تحتاج الحكومة الحالية الي تحرير سعر الصرف لتحويلات المغتربين كخطوة اولى مهمة وضرورية كما فعلت مع عائد صادر الذهب .