صحيفة الديموقراطي
الخميس ٥ مارس ٢٠٢١
منذ يومين تضجُ الأسافير تفاعلاً مع فيديو (مُجتزأ ومُفبرك) ، تظهر فيه الدكتورة مريم الصادق وزير الخارجية وهي تُلقي بتصريح أمام نظيرها المصري ، يفيد المُستعجلين والعاجزين عن تحري الأخبار من مصادرها الموثوقة أن السيدة الوزيرة قالت ما معناه أن أراضي السوداني مُتاحة لكافة الجيران بلا قيدٍ ولا شرط لأن السودان أراضيه واسعة ويعاني من قلة السُكان ، أما حقيقة ما قالتهُ الوزيرة من بيان دبلوماسي راقي ومسئول فيمكن الحصول عليه من موقع سونا للأنباء كاملاً دون تقطيع ولا تزوير ، ولأن وسائل التواصل الإجتماعي أصبحت (مرتعاً) عاماً للقطعان المُعادية للثورة وشخوصها ، مُترَّصدين أوجه الفشل فيها بفارغ الصبر الذي لا يطيقونه ، فيعمدون إلى التزوير والتلفيق ، وكل ذلك لا مبرَّر له عندي شخصياً سوى الخصومة السياسية والأخلاقية والقيَّمية التي ما وجدت ثورة ديسمبر المجيدة مُشعلاً لنيرانها سوى فلول النظام البائد ومن تبعهم من (المُستأنسين) وسائر المُتضرَّرين من إنهزام عهد الفساد والمحسوبية والضلالة والزيف.
وبعد ما تابعهُ الجمهور من (أشكال) و(مضامين) أساليب فلول النظام البائد في حربهم الخاسرة ضد مسيرة الحرية والسلام والعدالة ، تأكَّد للجميع بأن (الكوزنة) ليست إنتماء سياسي ولا إعتقاد فكري بقدر ما هي منهج معطوب في السلوكيات والقيَّم و الأخلاقيات ، ويظهر ذلك حتى في أشكال ومضامين الأسلحة المستعملة في سِجال خصوماتهم مع الآخرين ، لذا كان لا بُد من إنشاء منصات حكومية رسمية تعمل على تفنيد الكم الهائل من الأخبار الزائفة والمزوَّرة التي شملت الخبر المقروء والوثائق الرسمية والفيديوهات والتسجيلات الصوتية ، ثم تعمل على نفيها وتصحيحها لعامة الناس من الذين لا يجيدون أو لا يعرفون أصلاً سُبل (الإستوثاق) من هذه المنشورات التي باتت تترى على مدار اليوم الواحد بالعشرات بل المئات وبإخراج إعلامي إحترافي يُوحي للمُتلقي بأن المنصة التي قامت ببثه موثوقة وذات خبرة ، هيئات رصد الشائعات ومحاربتها في وسائل النشر الإلكتروني باتت في الكثير من الدول رافداً أساسياً للمنظومات الأمنية التي تعمل على حماية إستراتيجيات الدولة وتوجُّهاتها ومصالحها وسُمعة شخوصها ، وهي أيضاً رافد إعلامي إستراتيجي يُضاف إلى الأجهزة الإعلامية للدولة يستهدف بالأساس (حماية) المنتوجات الإعلامية التي تصدرها المنابر الرسمية من التشويه والتزوير الذي يضرُ كثيراً بالمصالح الإقتصادية والأمنية والإستراتيجية.
على الحكومة الإنتقالية في هذا المُنحنى الهام في تاريخ ترسيم وتثبيت مسار النظام الديموقراطي ، أن تنتبه إلى أن المنابر التقليدية للإعلام الرسمي لم تعُد تجتذب حسب تقديري الشخصي أكثر من 25% من المُستهدفين ، إذا ما قورنت بالإهتمام الجماهيري الكبير الذي تستأثر به وسائل النشر الإلكتروني ووسائل التواصل الإجتماعي ، وهي مطالبة الآن أكثر من أيي وقتٍ مضى بتفعيل منصات رسمية على فيس بوك وواتساب وإنستغرام وغيرها من البرامج التواصلية الإلكترونية ، تعمل بالأساس على دحض الشائعة ونفيها ، ثم تصحيح الخبر أو المادة في أقل مدى زمني ممكن ، قبل إنتشارها وتأثيرها على توجُّهات الرأي العام التي قد لا تقف نتائجها في أحيان كثيرة عند مُجرَّد (التلقي الصامت للمعلومة المزوَّرة) ، ففي بعض الأحيان قد تؤدي الشائعة إلى ردود أفعال غير مُتوقَّّعة تُكبِّد الكثير من الخسائر وتعمل على إفشال وضياع الكثير من الخطط والمشاريع والفُرص.