محجوب الخليفة
لايعقل ابدا أن يعتمد شعب متحضر اسلوبا غوغائيا وتهريجا مخجلا في مواجهة اﻷخطاء الفادحة التي ترتكبها حكوماته فبدلا من أن يخرج للاحتجاج والضغط علي حكومته لتغيير سياستها واجبارها لوقف تفريطها في حقوق السودان وممتلكاته ومنع التغافل عن تهريب ثرواته بطرق رسمية او عن طريق التحايل أو اتخاذ خطوات فعلية وضاغطة ﻹستعادة جزء عزيز من ارضه، ينشط كثير من ابنائه من أجل الخروج إحتجاجا علي زيارة الرئيس المصري أو مهاجمة المصريين ﻹفراطهم في إستغلال موارد السودان بمباركة من الحكومات السودانية أو دون رضائها.
المنطق يقول الفيل الذي يستحق الطعن هو الحكومات السودانية التي ادمنت التفريط في ثروات السودان واراضيه وموارده.. وليس ظل الفيل (الحكومات المصريةالتي ادمنت اﻹفراط في إستغلال مواردنا) كما نمارس نحن اﻵن .
التصحيح يبدأ بمواجهة الشعب صاحب الثورة وصانع التغيير لحكومته وان يحاصرها حتي تتخذ من القرارات والخطوات التنفيذية مايحفظ للسودان كرامته وعزته وموارده.
الشعب السوداني عليه ان يجبر قادته ليكونوا بقامة وطنهم وكرامة شعبهم وان تكون رسالتهم ومنهجهم مواكبا للتغيير الذي حدث ، فلا مجاملة في الثوابت التي من اجلها خرج الشعب وشبابه الثائر الي الشوارع وفي مقدمتها الحفاظ علي أرض السودان وموارده والتعامل مع اﻵخرين بندية بخلق شراكات واضحة يستفيد منها السودان اولا مع تأمين حق شركائه في توظيف تلك الموارد.
والسؤال المنطقي الذي يفرض نفسه بقوة هو ماذنب مصر اذا فرط السودان في ارضه وثرواته ؟؟ فالقرار بيد السودان والحكمة تقول ان الدولة الناضجة لا تترك ثغرة طالما انها قادرة علي اتخاذ القرار الصحيح والتاسيس لشراكات متوازنة تعود بالنفع للشعبين الشقيقين بعيدا عن التهريج والتصرفات السوقية المبتذلة..
الحكومة السودانية في حالتها الراهنة مع المصريين ينطبق عليها المثل العربي الشهير
(يداك اوكتا وفوك نفخ)
وقصة المثل ان رجلين كانا في سفر ويحمل كل واحد منهما قربة ماء لزوم السفر ، وعندما وصلا نهرا وارادا العبور افرغ كل واحد منهما قربته ونفخها ثم ربط كل منهما قربته بيديه ثم استخدم كل واحد قربته للسباحة بها، وعندما وصلا عمق النهر تفاجأ احدهما بترسب الهواء من قربته واصبح في مواجهة الغرق الحتمي فصاح لصاحبه مستنجدا فجاء رد صاحبه (يداك اوكتا وفوك نفخ) بمعني انك انت من نفخ الهواء بقربتك ويداك هي التي ربطتها.
فذلك المثل ينطبق علينا. نعم نحن من نفرط ولذا يجب ان نلوم انفسنا ونحاسب حكوماتنا.