وسط أجواء طغت عليها حرارة اشعة الشمس المرتفعة تخللتها عاصفة ترابية ، تحرك حسين الريح من منزله بامبدة السبيل متابطا ظرف اخضر اللون بداخلة حزمة من الوصفات العلاجية قاصدا صيدلية الامدادات الطبية بالخرطوم بحثا عن دواء لوالده المصاب بالقلب والسكري
جاء توجه حسين محم الامدادات بعد طواف عدد من الصيدليات دون الحصول على العلاج ، قال ل” التحرير” ، إنه كلما وكان أقدامه صيدلية اما وجدها مغلقة أو تنعدم فيها الأدوية، داعيا إلى اهمية معالجة أزمة الدواء التي لم تبارح مكانها منذ عهد الإنقاذ
ليست حسين وحده الذي يواجه معاناة البحث عن الدواء فها هو عبد القادر سليمان يحمل روشتته العلاجية ارهقه ” اللف” من صيدلية لأخرى بحثا عن علاج الصرع لشقيقه وفيتامين ” ك” لعلاج مرض سيولة الدم الذي أصاب والدته ، اكد انعدام هذه العلاجات في الصيدليات وسط الأحياء والشوارع الرئيسية وان طبيبة صيدلانية إرشدته بالذهاب الى الصيدليات قرب المستشفيات وأكدت له بان هذه العلاجات لا تتوفر في الصيدليات وسط محيط المناطق السكنية لقلة الحالات الطارئية حمل روشتاته وذهب لكن دون فائده ، بعدها اتجه نحو صيدلية الامدادات الطبية وهناك تفاجأ بازدحام المواطنين والمرضى الباحثين عن العلاج، لكنه اكتشف أن الدواء غير متوفر
في سياق ذلك كشفت تقارير إعلامية سابقة عن أقتراح نفاذ (41%) من مخزون الأدوية بهيئة الامدادات الطبية في غضون 20 يوما الأمر الذي ينذر بكارثة حقيقية سوف تواجه السودانين ، وأكد صيادلة انقطاع تام للادوية المنقذة للحياة والعديد من الادوية الاخرى وأشارت إلى وجود خلل كبير في القطاع وإهمال من قبل الدولة لأهم القطاعات الحيوية التي تقف عليها حياة المواطنين بشكل كامل
وثمة اسباب عديدة بخلاف اقتراب نفاذ نسبة كبيرة من الأدوية الامدادات جعلت الصيادلة يدخلون في اضراب مفتوح اليوم ، فبحسب الصيدلي عبد القادر الزين ، منها الوضع الاقتصادي الضاغط وانعكاس عليهم بالاضافة الى التدهور الذي يشهده القطاع ولمجتبهة ذلك اتجه الكثيرون للعمل في جانب تحضير وتركيب خلطات تفتيح وتنعيم البشرة وغيرها من التركيبات بالتالي تحولت إلى مراكز تجميل بسبب الوضع الراهن والأزمات المتكررة ، وتوقع استمرار انقطاع الأدوية لفترات أطول بسبب مديونيات على الامدادات لم تتمكن الدولة من سدادها ، وتاسف لان يكون القطاع اخر أولويات واهتمام الحكومات التي تعاقبت على الحكم بالبلاد ، وناد بضرورة المعالجات الجذرية حتى يجد المريض العافية ويشعر الصيادلة بالاستقرار
وكان نائب رئيس لجنة أصحاب الصيدليات بولاية الخرطوم دكتور انس الحسين ، قد حذر في تصريحات سابقة من تفاقم أزمة الدواء ووصف الوضع الراهن للدواء بالكارثي جدا على أصحاب الصيدليات ، وأكد أن البلاد تعاني من عدم وجود إمداد دوائي من الشركات منذ أكثر من شهر بحجة أعادة التسعيرة الحديدة للدواء
واشار انس الى أن مافيا الدواء من تجار أو شخصيات تمتلك رؤوس أموال ما زالت تتلاعب في الدواء عبر الشراء من الشركات بطرق غير سليمة، وتطرح الدواء بصور سيئة من أجل الربح المادي فقط.
ورأى انهم يلعبون الدور الكبير في تفاقم الأزمة، وقال:” هنالك تقاطعات فى طرح أدوية شركات بسعر أعلى من سعر شركات أخرى والشركات لا تبيع لكل الصيدليات”، وأوضح أن الرقابة الحكومية تمارس فقط على الصيدليات.
وانتقد انس ضعف الرقابة الحكومية على الشركات وطريقة توزيعها الدواء للصيدليات موضحاً بأن إضراب اللجنة التسييرية لأصحاب الصيدليات سيكون مفتوحاً إلى حين تحقيق المطالب ولفت الى الهدف الأساسي من الاضراب هو توفير الدواء للمواطن لأن الصيدليات باتت خالية تماماً من الادوية في ظل توفق الإمداد لها، مشيراً إلى أن المواطن يجوب كل العاصمة المثلثة من أجل درب بندول أو حقنة ملاريا أو حبة ضغط.
فيما دافع أصحاب شركات عن أنفسهم واكدو ل” التحرير” الضغوط والحصار المفروض عليهم من الدولة وارتفاع تكاليف المنتجات العلاجية المستوردة من الخارج وكشف ندير شركة فضل حجب اسمه ، عن إغلاق عدد من الشركات أبوابها بسبب الإفلاس والمديونيات والضغوط الاقتصادية وعدم دعم الدولة لهم وبعضهم ترك العمل واتجه نحو مجالات أخرى أكثر ربحية وحذر من دخول بعض التجار في القطاع لا علاقة لهم بالأدوية وإنما يبحثون عن الارباح مما أدى إلى حدوث فوضى كبيرة في القطاع الذي يحتاج لاعادة تنظيم والجلوس لمناقشة المشاكل وإيجاد المعالجات العاجلة
وكان وزير الصحة الإتحادي في السودان الدكتور عمر النجيب قد أعلن في نهاية فبراير الماضي ، عن مساع لتوفير الدواء لستة أشهر قادمة وتعهد بحل مشاكل الدواء بالبلاد وسداد المديونيات.
وقد ذكر النجيب إن نتائج اجتماعات مجلس الوزراء أسفرت عن تأكيد مجانية العلاج
وقال الآن يتم التخطيط لحل مشاكل الدواء لفترة الستة أشهر القادمة حتى تتمكن الوزارة من الحلول الجذرية لمشاكل الدواء.
وبحث مع مجلس الوزراء معالجة مشاكل الدواء ومديونية الإمدادات البالغة (70) مليون يورو ووعد بتوفير الدعم اللازم للإمدادات الطبية لتلافي حدوث أي مشاكل أونقص في الدواء.
وسبق وان أكد مدير عام الصندوق القومي للإمدادات الطبية د. بدر الدين الجزولي وجود تحديات تواجه الصندوق تتمثل في تراكم ديون ومتأخرات في وزارة المالية، مما يؤثر على استدامة وفرة الأدوية بجانب ارتفاع سعر صرف الدولار وتوفير النقد الأجنبي وطالب بحل المديونيات وجدولتها عاجلاً.
فيما يؤكد الواقع استمرار الازمة ويظهر ذلك من خلال البحث المضني الذي يتكبده المواطتين بحثا عن الدواء ، وصدقا لتحذيرات سابقة اطلقها بعض النسؤولين في القطاع تفيد بالاتقماس السالب لتعويم الجنيه على تفاقم فقدان الأدوية من الأسواق، خاصة المنقذة للحياة والبالغ عددها 1700 صنف، إضافة إلى المحاليل الوريدية وعلاجات أمراض الجهاز التنفسي والأمراض النفسية والعصبية والأمراض المزمنة.
ها هو القطاع يشهد انقطاع مجددا للادوية ودخلت ارفف الصيدليات من العديد من الأصناف، وبحسب صيادلة يأتي ذلك التدهور وسط إحجام الشركات المستوردة عن تسليم العديد من الأصناف للصيدليات بعد قرار تعويم سعر الصرف، ما فاقم الأزمة على المواطنين.