الخطاب الذي بعث به اللواء سفير كمال حسن علي لأصحاب السمو والمعالي وزراء الخارجية العرب بالجامعة العربية يستسمِحهم فيه الإبقاء عليه في وظيفته بالجامعة العربية وعدم الإستجابة لما بلغ علمهم من إتهام بضلوعه في أحداث معكسر العيلفون، لأنه، بحسب زعم كمال، أن كل ذلك فرية بلا دليل قُصِد منها الإساءة إليه ولأسرته، وتحركها دوافع سياسية، إستند فيه على تأسيس براءته على القاعدة الفقهية التي تقول بأن “البينة على من إدعى واليمين على من أنكر”.
ثم قام فور ذلك بإستيفاء شروط هذه القاعدة بأن حلف في صلب الخطاب لأصحاب المعالي السفراء على اليمين بما نصه كالآتي: “وأقسم لكم على ذلك بالله العظيم الذي لا اله الا هو أنه لا علاقة لي من قريب أو بعيد بهذا الأمر” ثم أعقب القسَم بتنبيه أصحاب السمو والمعالي إلى خصلة التقوى التي يتمتع بها حتى لا يُقال أن قسمه كاذب، فأضاف: “وأنا لا أبيع آخرتي بدنيتي ناهيك عن أن ابيعها بموقع او وظيفة”.
هذه الحجة أخذ فيها صاحبنا بعجز القاعدة وتجاهل شطرها، وهو أن الحلف باليمين الذي يؤخذ به بموجب هذه القاعدة، يُشترط أن يكون بعد أن تقوم جهة الإتهام بتقديم ما لديها من أدلة وبراهين على الإدانة وليس قبل ذلك، وهو المعنى الذي ورد بالقاعدة نفسها التي جعلت تقديم البينة سابقاً على حلف اليمين، وأهم من ذلك، أن كلا الإجرائين (تقديم البينة ويمين المُنكر لها) يكون أمام جهة قضائية مختصة وليس مجلس يضم سفراء دول أجنبية.
ثم من قال لهذا اللواء أن من يحلف اليمين ينال البراءة هكذا من الباب للباب؟ فاليمين تكون حجة براءة فقط في حال عجز الإتهام عن تقديم البينات التي تؤدي للإدانة، فاليمين وحدها لا تفضي للبراءة في جميع الأحوال، وقد أدرك هذا المعنى الأسلاف الذين صاغوا المثل الشعبي الشائع: “قالوا للحرامي إحلف، قال جالك الفرج”.
“
هذا الخطاب قد يصلح لإمهال اللواء كمال في وظيفته لما تبقى له من مدة، ولكنه لا شأن له بالتهمة التي تلاحقه بها النيابة