ألقت وزيرة الخارجية الدكتورة مريم الصادق، كلمة في الاحتفالية الدولية الكبرى، التي تعقدها منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، اليوم الخميس،
11 مارس 2021 بمقر المنظمة في الرباط تحت رعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، عاهل المملكة المغربية، تحت شعار “المرأة والمستقبل”.
وذلك عبر تقنية الفيديو، للإعلان عن الانطلاقة الرسمية لعام الإيسيسكو للمرأة 2021.
نص كلمة السيدة د.مريم الصادق المهدي وزيرة الخارجية بمناسبة الاحتفال بعام 2021م عاماً للمرأة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل “فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ”
والصلاة والسلام علي نبينا محمد القائل “النساء شقائق الرجال”
السادة والسيدات جميعا مع حفظ الالقاب السلام عليكم ورحمة وبركاته..
في البداية أود ان أتقدم بأسمى آيات الشكر والتقدير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ولمنظمة الإيسيسكو لتنظيم فعالية الاحتفال بـعام 2021م عاماً للمرأة ، لقد أحسنت المنظمة باختيار شعار “المرأة والمستقبل” وبجعل عنواننا اليوم “رموز نسائية منبع إلهام للمستقبل”، كما يحمد لجلالة الملك تبنيه لهذه البادرة لدفع مسيرة النساء في العالم الإسلامي، استمراراً لنهج رائد ظهر قبلاً على سبيل المثال في الطريقة التي خرجت بها “مدونة الأسرة المغربية” معبرة عن تطلعات النساء المسلمات بكافة أطيافهن الفكرية، محققة التعايش والعدالة والاستنارة والأصالة والمعاصرة في ذات الآن.
لقد ظلت المرأة علي الدوام مفتاحاً للتنمية المستدامة فهي إحدى جناحي طائر الإنسانية الذي لن يستطيع التحليق بجناح وحيد. ولها دورها المعلوم في بناء المجتمعات السلمية فمجتمعات الحرب بالضرورة تهمش النساء. وقد أثبتت التجارب قدرة المرأة علي خوض مختلف مجالات الحياة بكفاءة واقتدار، إنها المدرس الأول في كل بيت ومستودع وناقل المعرفة الأهم في تنشئة الأجيال.
وفي مجتمعنا السوداني ظلت المرأة منذ التاريخ القديم تلعب دوراً مهماً في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فمنذ ممالك ما قبل الميلاد في كوش ونبتة ومروي خطت ملكاتنا – الكنداكات- تاريخاً من نور، وحتى ملكاتنا القبليات في القرن التاسع عشر الميلادي، مروراً بمشاركة النساء الفاعلة في الحركات المناهضة للاحتلالين الأجنبيين: الأول في القرن التاسع عشر والثاني في القرن العشرين، كما شاركت بعد الاستقلال بفعالية في مجهودات تأسيس الدولة الديمقراطية فولجت قبة البرلمان في وقت باكر، كما ساهمت بقوة في مناهضة الاحتلالات الداخلية العسكرية، وفي استعادة الديمقراطية عبر ثورتين شعبيتين في عامي 1964م و1985م، وقد توج هذا الدور بمشاركتها الفاعلة في ثورة ديسمبر 2018م المجيدة التي شكلت فيها المرأة السودانية رأس الرمح لتغيير نظام شمولي تواصل لثلاثين عاماً، وذلك لإرساء الحرية، السلام والعدالة. وجاءت الوثيقة الدستورية التي شكلت خارطة الطريق للفترة الانتقالية داعمة لهذه المسيرة الناصعة ولهذا الدور الرائد، بتأكيد التساوي في الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين النساء والرجال والالتزام بحماية المرأة واحترام حقوقها وتمثيلها بنسبة لا تقل عن 40%.
لكل ذلك فإن الحكومة السودانية تتبنى خطة طموحة للعدالة النوعية، وتنسق وزارة الخارجية السودانية مع الجهات ذات الصلة بالدولة لتنفيذ تلك الخطة، بما في ذلك تبني سياسة التمييز الإيجابي، وزيادة تمثيل النساء بالخارج، ورفع نسبتهن في المواقع القيادية، وتعزيز دورهن في إرساء دعائم السلام، والتعاون مع الدول والمنظمات الدولية لتحقيق العدالة النوعية وردم الفجوة بين الجنسين في التعليم، وفي الاقتصاد بما يبطل حقيقة (تأنيث الفقر)، بالإضافة لدعم الصحة الإنجابية، ودعم النساء أثناء جائحة كوفيد 19.
إنني إذ أعلن عن التزامنا بالخطط المتبناة في إطار دعم المرأة في بناء مستقبل زاهر، وسعينا بقوة لإنجاح مبادرة عام 2021م للمرأة، أهيب بالجهات القائمة على انتقاء الرموز والنماذج النسائية، ووضع المشاريع وتنفيذها، أن توسع عدستها لمسح كامل خريطة العالم الإسلامي، فالحقائق والظروف تختلف من بلد لآخر مما يقتضي مخاطبة مراعاة الخصوصية