محجوب الخليفة
قديما كان مقبولا لدي العالم ان يطلق علي الشعب السوداني شعب الله المختار لصفاته وتميزه بين شعوب الارض قاطبة..ولكن دارات اﻷيام والسنوات وتبدلت اﻷحوال فتغيير الوصف المستحق قديما (شعب الله المختار ) ليصبح اليوم وباﻷدلة والبراهين والمواقف والشواهد الماثلة هو شعب الله المحتار..
فقد أصبحت الحيرة هي متلازمة نفسية ملتصقة بأهل السودان داخل البلاد وخارجها..
ولعل مبعث الحيرة وسببها هو سلوكنا وتناقضنا الغريب والمثير للدهشة والذي تعجز كل مراكز البحوث العلمية في كشف اسبابه ودواعيه لتقف عاجزة تماما عن ابتكار علاج ناجع ودواء فعال يخلصنا من تناقضاتنا المحيرة والمربكة لكل الحسابات.
ولندع نماذج حيرتنا منذ عهود مضت ونراجع حيرتنا المعاصرة أي مرحلة مابعد ثورة ديسمبر المجيدة..
اولا :- ثورتنا رغم زخمها وقوتها استعانت بالنظام السابق ﻹقتاع النظام نفسه ثم احتكمت اليه وشاركت لجنته اﻷمنية في الحكم ثم اتهمت مكونها العسكري بشبهة المشاركة في فض اعتصام القيادة ثم كونت لجنتها القومية ﻹزالة تمكين النظام السابق ولكنها وضعت علي رأس اللجنة احد اعضاء مكونها العسكري.
الحيرة هي أن الحكومة اﻹنتقالية هي هجين تناسبه مقولة الفرزدق لسيدنا الحسين بن علي عندما التقاه وسأله عن اهل كربلاء الذين دعوه ليناصروه حيث قال له(يابن بنت رسول الله فإن أهل كربلاء قلوبهم معك وسيوفهم عليك)
وربما كان ذلك أدعي أن يقال ﻷهل الثورة وصناعها فلربما ساعدهم في فهم الواقع ومآلاته.
ثانيا:- الحيرة تستشري في النفوس وتطل من عيون البسطاء وهم يطاردون معاشهم اليومي ويعجزهم سباق الاسعار وندرة الضروريات وتفاقم ازمات الخبز والوقود والدواء وتسيطر عليهم الحيرة وهم يتابعون اﻷخبار التي تحدثهم عن عشرات السفن المحملة بالوقود وغاز الطبخ والقمح ولكنهم ينتظرون شحنات الوقود والغاز التي لا تصل.
ثالثا:- تتحدث الحكومة والشعب معا عن تهريب ثروات السودان وان الدول المحيطة به تمارس تخريبا متعمدا وسرقة لثرواته بطباعة العملة السوانية باﻷطنان وتسريبها الي داخل السودان لشراء المحاصيل والثروات بل والعملات الحرة والخروج بها الي بلدانهم ﻹعادة تصديرها الي دول العالم وجني ثمار ذلك الملايين من الدولارات ، والحيرة تطل مرة اخري عندما نعجز عن فهم الحكومة وامتناعها عن حسم تلك الفوضي بتغيير عملة السودان ثم منع اﻷجانب من الدخول المباشر للاسواق وإنما شراء مايرغبون عبر شركات ومؤسسات تشترط توريد الثمن بالعملات الحرة.
رابعا:- تأتي قمة الحيرة عندما تتجه الحكومة بكلياتها وتستجيب لرغبات ذات الجهات والدول التي تتهمها بتهريب ثروات السودان وتخريب إقتصاده وطباعة عملته وتزويرها بل واحتلال جزء عزيز من اراضيه ، والحيرة تطل هنا بهذا السؤال لماذا تصر الحكومة علي أن تواصل ولعب دور التلميذ الغبي لايستفيد من تجاربه ويدمن اﻹستسلام للعقاب.
خامسا:- ربما يحتار الشعب السوداني نفسه في تجاوبه مع امنيات حكومته وتصاعد وتيرة قناعته وصبره رغم بلوغ ازماته الخانقة مرحلة تجعل مسايرة الوضع اﻹقتصادي شبه مستحية
ولا يناسب الحال اﻹ نكتة متداولة في اﻷسافير تقول (حال الشعب السوداني مع حكومة حمدوك زي عرس الجعليين يجلدوا فينا ونبشر والنسوان يزغردن ههههها.
فعلا شعب الله المحتار مع سبق اﻹصرار والتسكع.