السودان علي اختلاف الحقب السياسية ظل حفيظاً علي مكانة المملكة العربية السعودية يرعي علاقاته بها في مختلف الأصعدة واستمرت قيادة المملكة علي سياسة واحدة تدعم مايعزز سبل التعاون المشترك وتتغاضي عن المنغصات إبان هيجة الدكتور حسن الترابي لأول عهد الإنقاذ وهو يزعم قيادة أممية إسلامية لنظام تتعثر خطاه في الحكم يمشي ظالعاً بلا هدي ولاكتاب منير وحقبتئذ اصطبر السودانيون قبل غيرهم علي صوت عقور عبر أثير الإذاعة السودانية يخبط بالإساءة وفاحش القول يتنابذ بالألقاب علي قادة الدول العربية في بذاءة لامثيل لها.
علاقات أهل السودان بأرض الحجاز ممتدة عبر القرون عبر رحلة الحج التي تحتشد من تمبكتو بغرب أفريقيامروراً بمدن دارفور التي كانت تخب رواحلها بمحمل السلطان علي دينار وبكسوة الكعبة الشريفة ولقد استدامت العلاقات بين البلدين في العهد الحديث بجهود السودانين للمساهمة في إبتناء المملكة وتأسيس نهضتها في طور جديد عبر الكفاءات السودانية والعمالة الناجحة في المجالات المختلفة ثم ولقد كانت مدن البحر الأحمر محطاً للتجارة المثمرة بين الشعبين وموئلاً يقطنه أهل الحجاز يتجرون ليمتد نسباً وصهراً.
المملكة العربية السعودية تسعي قيادتها باستمرار لتأكيد مايدعم العلاقات بصورة تضطرد بوتيرة واحدة دون مساس أو تدخلات في الشأن الداخلي لما تقدره من خصوصية مع السودان وعلي الرغم من أنها تعرضت في وقت سابق إبان حكم الترابي/البشير من حزازات ومهددات خصوصاً أمنها المائي في إقليم البحر الأحمر الذي غدا لفترة منطلقاً لأعمال قد تضر بالمنطقة إلا أن سياساتها اتسمت بالإتزان والحكمة والرشد.
السعودية وعقب سقوط نظام البشير ترقب السودانيون يستقبلون عهداً جديداً يستعيدون وضع علاقات بلادهم إلي وضعها (الطبيعي) مع دول وشعوب العالم خطوة أولي ثم أخذت قيادة المملكة تدفع بعلاقاتها مع الخرطوم بما يحقق إرادة شعبها وأهداف ثورته علي الرغم من أن البعض قد تظني دوراً سلبياً لقيادتها بالعمل ضد التحول الجديد غير أن المملكة لم يطرأ علي موقفها من السودان ما يؤكد ظن هؤلاء وأولئك فسياسة المملكة الخارجية ظلت ثابتة علي الدوام حتي في أكثر أيام حكم السودان قتامة إبان حكم البشير الذي استعدي العالم بلا استثناء وبلا سبب وفي الآونة الأخيرة أعلنت الرياض دعمها للسودان وحكومة الفترة الانتقالية بل وقدمت دعمها المقدر للشعب السوداني لمكافحة جائحة كرونا وكذا للحد من مخاطر الفيضانات التي اجتاحت مدنه وقراه قبل بضعة أشهر.
زيارة دولة رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك تجب ماقبلها وتؤكد في فصل جديد بأن العلاقات بين البلدين ليست في استدامة معاني حسن الجوار وأزلية العلاقة فحسب وإنما في تأكيد كشف المصالح الدائمة لفائدة الشعبين فمنطقة البحر الأحمر عوضاً عن كونها خط(أمني) للمملكة فهو أيضاً ساحة تستثمر فيه بإمكاناتها الضخمة لبناء شراكات عمل وإنتاج علي نحو استراتيجي مثمر فضلاً عن حاجة المملكة السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي للإستثمار في المجال الزراعي والحيواني لمايذخر به السودان من موارد ضخمة ومناخ مواتي.
العلاقات السودانية السعودية بعد الزيارة الناجحة التي قام بها الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء تحدد المسار وتضبط الخطي لعلاقات استراتيجية راشدة بين البلدين خصوصاً والسودان يستعيد حصانته السيادية ومكانته الفاعلة في المحيط الإقليمي والدولي ودوره الإيجابي علي الصعيدين العربي والافريقي بعد سنوات حكم غيهب عزله عن دوره ومكانته.
makasha141@gmail.com