ما يحدث في قطاع الكهرباء مؤلم للغاية . وللاسف الشديد فإن انقطاع الامداد الكهربائي اصبح هو الاصل والاستثناء هو وجود التيار الكهربائي . وتطاولت ساعات انقطاع التيار الكهربائي لتصل لاكثر من عشرة ساعات في اليوم الواحد في بعض الاحياء . نعم هناك تبادل في انقطاع التيار الكهربائي واصبحت مقولة ( يوم لك ويوم عليك ) تطبق بحرفية عالية في مجال الكهرباء .
والمضحك عندما يكون اليوم عليك في القطع لا يقدمون دقيقة ولا يستأخرون في القطع اما عندما يكون اليوم لك يتلكأون في الاعادة لساعة او ساعتين .
ومع بدايات شهور الصيف والارتفاع المفاجيء في درجات الحرارة منذ اسبوع تقريبا وأقتراب موعد شهر رمضان المعظم تحولت حياة الناس الى جحيم لا يطاق واصبح القلق يساور الجميع . ومع انقطاع الامداد الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة نهارا ولسعات البعوض ليلا يتذمر الجميع ويسبون ( سنسفيل ) كل من له علاقة بالكهرباء وتنهال الدعوات عليهم ووالله يا خيري نخشى عليكم وعلى كل الطاقم الذي يدير هذا المرفق الحساس من هذه الدعوات !!
قل لنا بكل الصدق يا خيري .. ماذا يجري في قطاع الكهرباء ؟؟ نعلم جيدا كفاءتك في هذا المجال ولا يستطيع كائن من كان ان يشكك ولو للحظات انك احد الابناء البررة لهذه الثورة العظيمة وميدان الاعتصام يشهد لك انك ركلت رغد العيش في الخليج والدخل والراتب الدولاري المغري وفضلت البقاء وسط اهلك الغبش لخدمتهم ولا احد في إمكانه ان يزايد على نضالك من ايام جامعة الخرطوم وعملت بعدها في الهيئة القومية للكهرباء وبعد الانقلاب المشؤوم ، كنت نزيلا في سجون النظام المباد ظلما وعدوانا وقهرا وأبعدت من منصبك وباختصار شديد انت ايقونة من ايقونات ثورة ديسمبر العظيمة ..
كل ما ذكرته وكثير مما لم أقله هي حقائق لا ينكرها الا مكابر .. فبصدق سنوات النضال الطويل قلنا يا خيري ماذا يجري في قطاع الكهرباء ؟
كل قطاعات الخدمات الاخرى مثل الخبز او الوقود او الدواء فيها هبوط وصعود .. يتوفر البنزين اليوم وبعد ايام تبدأ الصفوف ثم تختفي الصفوف وهكذا الخبز وهكذا الدواء كلها هبوط وصعود من فترة لاخرى .. الا قطاع الكهرباء ومنذ شهر رمضان العام الماضي لم نجد الا الهبوط المستمر وبخطوات متسارعة للخلف اي ما يقارب العام الكامل الان لم يطرأ اي تحسن في الامداد الكهربائي الا المزيد من التدهور المستمر .
وبعد الزيادة المهولة في تعريفة الكهرباء والتي قبلها الشعب وعلى مضض وعلى أمل ان ذلك سيحسن من مستوى التوليد الكهربائي الا ان الوضع ظل كما هو بل وللاسف الشديد اصبح أسوأ مما كان . ويؤسفني جدا ان اقول ان الكهرباء تقهقر الى الخلف وكأننا عدنا الى الايام الاولى من ايام سيئة الذكر حكومة الانقاذ في بداية تسعينيات القرن الماضي .!!
أعلم تمام العلم ان الامر ليس كله بين يديك وان هناك مشاكل كبيرة في هذا القطاع قد تكون خارجة عن سيطرتك فلماذا تتحمل انت لوحدك كل هذا الوذر؟
لماذا لا يتحمل وزير المالية عدم توفير السيولة المطلوبة لتأمين قطع الغيار التي تحتاجها المحططات الحرارية والوقود اللازم للتشغيل ؟ ولماذا لا يتحمل مجلس الوزراء بكامل هيئته مسؤولية عدم اهتمامهم بهذا القطاع الحيوي ؟ والى متى ينظر مجلس الوزراء الى هذا القطاع وكأنه نوع من انواع الترف وان الكهرباء فقط لتشغيل مكيفات ومراوح المنازل ويمكن الاستغناء عن ذلك .
الكهرباء ايها السادة الكرام ضرورة من ضرورات الحياة مثل الخبز والدواء ولا يقل عن ذلك . وكل دوران عجلة الاقتصاد يعتمد وبشكل اساسي على الطاقة والكهرباء مصدر اساسي من مصادر الطاقة .
ورسالتي الاخيرة للمهندس خيري .. القاصي والداني يعلم تمام العلم ان قطاع الكهرباء يعتبر معقل من معاقل النظام السابق وكبار سدنة النظام السابق كانوا يهيمنون على كل مفاتيح هذا القطاع .. هل مازالوا يهمنون وبنفس القوة ؟؟ وهل هناك آيادي خفية مازالت تعبث بهذا القطاع ؟ . احيانا يتخيل الي ان مجلس الوزراء أو فلنقل ان رئيس الوزراء قد قام بربط يديك جيدا ثم قذف بك في بحر الكهرباء وقال لك ( اياك ان تبتل يا خيري) .
وكما نطالب رئيس الوزراء دائما بمكاشفة الشعب بالحقائق المجردة .. نطالب الاخ خيري ايضا بمكاشفة الشعب بكل الحقائق وان لا يتحمل وحده ما يجري في هذا القطاع الهام حتى لو دعى الامر لمغادرة هذا الكرسي الساخن الذي تجلس فيه .
كان الله في عوننا جميعا