abusimazeh@yahoo.com
—————————————–
لماذا ترتبط مواسم الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أفريقيا، بالعنف، أكثر من أي موسم أو مناسبة أخرى، حيث تظهر السلطات الحاكمة أقل تسامحا مع الرأي الآخر، وأكثر ميلا لممارسة القمع والكبت، مما يجعل من الممارسة الانتخابية ابعد ماتكون عن الديموقراطية وسلميتها. لعل الاستثناء في الانتخابات التي جرت مؤخرا، هو النيجر، حيث فاز احد مواطنيها العرب، محمد بازوم، لأول مرة، ليخلف محمدو ايسوفو الذي تنحي، بعد إكمال فترتين رئاسيتين، دون أن يسعى لتعديل الدستور، للترشح لولاية ثالثة، في اتساق تام مع تعهده المعلن، بهذا الخصوص، وهو أمر كان محل إشادة واسعة. وقد رشحه ذلك، ضمن عوامل أخرى، للحكم الرشيد، للفوز بجائزة مو إبراهيم، ليكون الثاني، بعد سيرلاف، التي تنحت من حكم ليبيريا، بعد فترتين رئاسيتين، لتفسح المجال أمام صعود نجم كرة القدم العالمي، جورج ويا، خلفا لها.وكذلك فيز
في بوركينا فاسو، التي تشكل مع النيجر، بجانب تشاد وموريتانيا ومالي، مسرح عمليات الحرب ضد الارهاب(القاعدة، داعش، بوكو حرام)،حيث فاز الرئيس مارك روش كابوري، بولاية ثانية،وبنسبة مشاركة بلغت 60٪،حسب وسائط الإعلام، على الرغم من خروج أجزاء واسعة من البلاد من سيطرة الدولة لصالح الجهاديين.
ربما يعود اقتران الانتخابات بالعنف إلى السلطة الحاكمة، السلطة غير الديموقراطية عقيدة، في الجمهوريات الأفريقية، ونزوعها الضمني للارتداد نحو الملكية، ضمانا للبقاء في الحكم،عبر قمع المعارضين، وتعديل الدستور،وافراغ الانتخابات من مضمونها الديموقراطي، وتحويلها إلى آلية لاحتكار السلطة،مدى الحياة، بدلا من تداولها، عندما تتيح للحاكم، التجديد، ولاية بعد أخرى،ومن ثم توريث الحكم لأحد أبنائه،من بعده،
فالانتخابات الرئاسية إلىوغندية، التي جرت في ١٤ يناير ٢٠٢١،انتهت بفوز الرئيس يويري موسيفني، الذي ظل يحكم يوغندا منذ عام ١٩٨٦، بولاية سادسة،لم تخل من عنف، استهدف بشكل منهجي، منافسه،الفنان الشعبي بوبي واين وأنصاره.
وفي تشاد، حيث ينتظر أن تجري الانتخابات في ١١ أبريل ٢٠٢١،تشهد البلاد حالة من التوتر مع تصاعد حملة من الرفض لترشح الرئيس إدريس ديبي لولاية سادسة، مدتها خمس سنوات، وقد تفاقم الوضع إثر ملاحقة احد المرشحين المنافسين لديبي، هو يايا ديلو جيرو، بتهمة اشانة سمعة الرئيس والسيدة الأولى، انتهت الملاحقة بمقتل عدد من أفراد أسرته، بمن فيهم والدته، إثر هجوم لقوات الأمن على منزله، للقبض عليه.
وكان الخوف من تجدد أعمال العنف التي رافقت الانتخابات الرئاسية، التي جرت في ٣١ أكتوبر ٢٠٢٠،في كوت ديفوار،التي فاز فيها الرئيس الحسن واتارا، وخلفت ٨٥ قتيلا، سببا في أحجام الناخبين عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مارس الجاري، والتي لم يبق منها سوى إعلان النتيجة . غير أن العملية الانتخابية التي انتهت بهدوء غير متوقع، قد تعقبها جولة من العنف، الذي ظل مظهرا ملازما للحياة السياسية، في كوت ديفوار. فقد ادعي تحالف المعارضة، الذي يضم حزب الرئيس السابق، لوران غباغبو، فوزه في الانتخابات، وكذب النتائج الجزئية التي أعلنتها لجنة الانتخابات، وهو ارهاص بصدام قادم في حال الإعلان رسميا عن نتائج مختلفة، وفي غير صالح التحالف.
الأسباب الأمنية نفسها، حالت دون مشاركة ثلثي شعب جمهورية أفريقيا الوسطى، في الانتخابات التي فاز فيها الرئيس فوستان-ارشانج تواديرا، فيما كانت قوات تحالف المعارضة المسلحة، الذي يضم الرئيس الأسبق، فرانسوا بوزيزيه، الذي رفضت المحكمة الدستورية ترشيحه، تحاول اقتحام العاصمة، ماجعل شرعية الرئيس المنتخب محل تساؤل.
وكما حدث في تشاد، فقد تمت ملاحقة زعيم المعارضة في السنغال، عثمان سونكو، قضائيا، بتهمة الاعتداء الجنسي على صاحبة صالون تجميل، الأمر الذي اعتبره ذا دوافع سياسية. ونجم عن ذلك اندلاع تظاهرات صاخبة في البلاد، التي تشهد حالة من التوتر قبيل الانتخابات المقرر إجراؤها عام ٢٠٢٤، رافقها سقوط بعض القتلى، ،حيث تتهم المعارضة الحكومة بمحاولة اقصائها، منذ الان، ولم يفلح الرئيس مكي سأل في احتوائها، على الرغم من الإفراج المؤقت عن زعيم المعارضة. وفيما دعا سأل إلى الهدوء، حرض سونكو أنصاره إلى تنظيم مظاهرات واسعة في الأسبوع المقبل.