علمت اليوم برحيل اخت عزيزة ، تميزت بدفء مشاعرها الأخوية الانسانية ، وطيبة قلبها، ودماثة خلقها.
كانت قبل رحيلها الموجع تعبر بصدق عن تلك الدواخل التي تميز بها والدها الراحل ووالدتها الراحلة.
فقدت أسرتها وأسرتنا فاطمة حسن محمد حسن، ولأسرتنا في (بارا) منذ زمن الأجداد و(الحبوبات) والوالدين علاقة قديمة متجددة و ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، مع ذلك البيت المفتوح في (الأبيض) للأهل والضيوف .
كان والدها حسن محمد حسن وهو رجل شهم وكريم من أبرز رجال السكك الحديد، في تلك الأيام الخوالي .
كانت صافرة القطار القادم من الخرطوم الى الأبيض او المغادر منها الى العاصمة وغيرها في تلك السنوات الماضية تعكس نوعا من الارتياح والطمأنينة بشأن حال السودان والسودانيين .
كانت الصافرة دليل حياة وحيوية وعطاء متجدد ..
كانت بيوت موظفي (السكة حديد) بتصميمها المتفرد تشكل معلما بارزا في الأبيض ،وكان هناك بيت العم الراحل حسن محمد حسن والراحلة (ست البيت) اسما ومعنى (سيدة) التي كانت تحمل سمات الإسم بكرمها الفياض وحيوية دورها في البيت .
في تلك الأجواء توثقت علاقات كبارنا رجالا ونساء بتلك الأسرة ،وتواصلت العلائق بيننا.
بنينا وواصلنا علاقة التواصل المستمر مع اخواتنا بنات عمنا حسن ومع ابنيه الراحلين (محمود قبل سنوات عدة، والتاج قبل أشهر) وكان محزنًا رحيل ابنه حسن الذي كان يحمل اسم جده.
كان التاج يحرص على التعليق على أحاديثي في (الفضائيات) عبر (فيسبوك) و(واتساب) طيلة أشهر الثورة الشعبية السودانية الباهرة في ديسمبر ٢٠١٨ ،اذ كان نبضه مصدر دعم معنوي مهم في وقت صعب .
فقيدتنا فاطمة تربت في الأبيض في تلك الأجواء الدافئة المشحونة بنبض الدواخل الجميلة والشهامة والكرم ، قبل انتقالها والأسرة الى أم درمان حيث انتقلت الى رحمة الله أمس .
كانت تتميز بروح تواصل انسانية تلقائية ، نابعة من الفطرة ،وستظل ذكراها عطرة لدى من عرفوها عن قرب.
نفتقد اليوم ابتسامة (فاطمة حسن) كما يحلو لنا ولأهلنا أن ينادوها ، كما غابت ضحكتها النابعة من قلبها الأخضر .
تفتقدها في شدة أخواتها، اخلاص،علوية، بدرية، ونجاة .. وكل الأهل ..
كانت أختا و أما لأخواتها بعد رحيل (سيدة) التي كانت أما للجميع، وكانت فاطمة حسن تعكس أيضا دفء مشاعر وحيوية والدها الراحل حسن محمد حسن.
أسأل الله أن يرحم الفقيدة وجميع موتانا رحمة واسعة، والتعازي لأخواتها ، وأسرتها والأهل.
الموت حقيقة كبرى ، وما أجمل ان نتمسك دوما بقوله تبارك وتعالى (وبشر الصابرين، الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون).
الراحلون المتميزون بخصالهم تبقى ذكراهم حية في أعماق الناس ، لأنهم غرسوا غراس الود والعطاء الانساني الخلاق والفعل النبيل .
الأحياء يؤبنون بكل الحب السمات الايجابية لهذه الشخصية أو تلك (قبل ان تحل ساعة رحيلنا نحن الأحياء ) ، كما يودعونهم بدموع المحبة، والدعاء الجميل.
فاطمة حسن (هكذا كنا نناديها) كانت من ذلك النوع من البشر ..
فراقها فقد كبير لأسرتها ولنا ،اذ كانت بطبعها نسخة عملية حيوية من (حسن وسيدة).
لندن – ١٤ مارس ٢٠٢١