مر علينا قبل أيام اليوم العالمي للمرأة، وهو احتفال سنوي قصد به رد الاعتبار للمرأة ودعم الحركة النسوية حول العالم واحترام نضالاتها، ونستذكر في هذا المقال بعض النشاط والنضال للمرأة السودانية، اذ شاركت المرأة السودانية في ثورة ديسمبر بطريقة عظيمة جعلت كل المتابعين يندهشون سواء من داخل او خارج السودان، وحملت هذه الدهشة الكثير من الأسئلة حول الكنداكة السودانية وموقعها ونشاطها، وكان الملاحظ ان معظم الأسئلة ذات منطلق ديني ومجتمعي، خاصة القادمة من إقليمنا العربي والإسلامي، واصبح مطلوبا اطلاعهم على المكانة التي انتزعتها الكنداكة السودانية.
المجتمع السوداني يمكن أن يصنف محافظ دينيا في ما يختص بقضايا المراة، مع عدم إغفال بعض المؤشرات المهمة التي تنقله إلى مستوى أكثر انفتاحا، فالمرأة التي تقيد بالبقاء بالمنزل في المجتمعات المحافظة، خرجت في المجتمع السوداني إلى العمل والتعليم منذ وقت مبكر مقارنة مع جيرانها العرب والمسلمين.
في المجال السياسي حازت المرأة السودانية على شرف أن تكون اول سياسية تدخل البرلمان في المنطقة باكملها، ووصلت المرة السودانية إلى مرحلة ان تكون رئيس حزب سياسي ( هالة عبدالحليم في حركة حق)، كما تقلدت منصب الامين العام في أكبر حزب سياسي ( سارة نقدالله في حزب الأمة القومي). في القضاء وصلت المرأة السودانية إلى مرحلة قاضية محكمة عليا وبعد ثورة ديسمبر اصبحت رئيسا للقضاء، كما تقلدت المرأة السودانية مناصب رفيعة في الشرطة ودخلت الجيش.
المرأة السودانية في ريف السودان تقوم بمهام واعمال متعددة بجانب دورها الأسري المعتاد في رعاية الاطفال وصنع الطعام، حيث تساعد في الزراعة منذ التحضير إلى الحصاد، كما ترعى الماشية والاغنام و تقوم بتجهيزات السفر في مناطق الرحل. المرأة السودانية عنصر قوي في الصحافة السودانية منذ أمد بعيد، ودورهن عظيم كناشطات حقوقيات ومحاميات بجانب امتهانهن مبكرا مهنة الطب والتعليم، فاصبحن اليوم الأكثر عددا بين الأطباء والمعلمين.
مقارنة بالمجتمعات المحافظة من حولنا فالمرأة السودانية انتزعت حقها في المساواة في العمل والإنتاج باكرا، وهذا يظهر سماحة الدين لدى المجتمع السوداني وعدم تشدده، رغم أن هذا لا ينفي استمرار تسلط الرجل على المرأة في كثير من المناطق، مع تراجع هذا التسلط مع الايام داخل المدن وخارجها بعد انتشار التعليم والوعي المجتمعي.
كنداكات اليوم هن امتداد لكنداكات الامس الكنداكة اماني ريناس ورابحة الكنانية ومندي بت سلطان عجبنا والعازة، كنداكات الحاضر قدن مع شقيقهن الرجل ثورة ديسمبر المجيدة، واجهن الرصاص والبمبان والاعتقال وعذبن فلم يثنيهن كل ذلك عن مواصلة النضال حتى انتصرت الثورة، ليمثل انتصار ثورة ديسمبر انتصارا خاصا لكنداكات السودان، مما يؤهلهن للعب ادوار رئيسة ومهمة في نهضة وبناء السودان، وهو ما يستوجب ان تحافظ الحكومة الانتقالية على النسبة الدستورية التي منحها الدستور للمرأة بتقلد ٤٠% من نسبة الحكم.
sondy25@gmail.com