انتشرت في الفترة الاخيرة ظاهرة السرقات بشكل مزعج وتطور الامر حتى وصلنا مرحلة السرقات بالقوة المميتة جهارا نهارا . واصبح خطف اجهزة الهاتف المحمول والحقائب النسائية من الناس في الشارع العام وبالقوة والتهديد بالقتل اذا حاول المجنى عليه الدفاع عن عرضه او ماله .
وتوزعت هذه الحوادث في كل انحاء العاصمة الخرطوم ولم تعد كما كانت من قبل في الاحياء البعيدة او الطرفية بل وصلت الى مركز المدينة المثقلة اصلا بكم هائل من عدم الانضباط في المرور والنظافة والنظام العام والسلوك غير الحضاري حتى تحولت عاصمتنا التي كنا نغنى لها بؤرة من بؤر الاجرام والعصابات المسلحة .
ونتيجة لهذا التدهور الامني المريع يلجأ بعض المتضررين لاخذ القانون بيدهم وبدأت تظهر حالات من الهجوم والهجوم المضاد .
وانتشرت في وسائل التواصل عدد من ( الفيديوهات) الخطيرة جدا والتي تؤكد ان المواطن المغلوب على أمره بدأ في الدفاع عن نفسه وعن امواله اما باستخدام الطوب والحجارة او العصا او الاسلحة البيضاء وربما غير البيضاء وسقط عدد من الضحايا نتيجة لذلك .وفقد بعض الضحايا ارواحهم عندما حاولوا الدفاع عن ممتلكاتهم مثلما حدث في جامعة ام درمان الاسلامية قبل ايام قليلة عندما استشهد طالب في مقتبل العمر دفاعا عن ماله .
واخذ القانون باليد ليس حكرا على المواطن فقط هناك ايضا جهات اخرى تمارس نفس الفعل وما حدث من حركة تمازج ( الجبهة الثورية الثانية ) ضد الحركة الاخرى المنشقة عنها ( الجبهة الثورية الثالثة ) قبل ايام قليلة جدا . عندما داهمت قوة من الفصيل الموقع على اتفاقية جوبا على الفصيل الاخر الرافض للاتفاقية وحدثت اشتباكات مسلحة بين الفصيلين وتعرض عدد منهم لجروح وجرى اعتقال البعض منهم ومصادرة اسلحة وذخيرة ومصادرة ملابس عسكرية واشارات رتب عسكرية ..
حدث كل هذا والشمس في رابعة النهار وفي قلب الخرطوم في حي البراري غرب مستشفى رويال . والاغرب من كل هذا ان قائد القوة التي اقتحمت الموقع قال انهم اقتحموا الموقع بقواتهم لانهم ابلغوا الشرطة والتي تأخرت في الحضور فما كان منهم الا ان اخذوا ما يعتبرونه حقا بايديهم !!!! والذي ادهشني حقا ان هذا الحدث ورغم خطورته مر مرور الكرام بدون اي تعليق من اجهزة الدولة الرسمية وحتى الاعلام لم يقف كثيرا عند هذا الحدث وهذا مؤشر خطير ويثبت مدى السيولة الامنية التي تعاني منها الدولة بشكل عام .
وكما يقال ان الحرائق الكبيرة تبدا من عود كبريت لا يتجاوز طوله عدة مليمترات .. هذا العود المتناهي الصغر يمكن ان يكون سببا في احتراق مدينة بأكملها .
وهاهي الشرطة وعلى لسان مديرها العام وفي برنامج تلفزيوني عالي المشاهدة يقول وبالفم المليان فيما معناه ( اعطونا الحماية الكاملة وفي اسبوع واحد يمكن للشرطة ان تنهي هذه الفوضى والقتل المجاني في شوارع الخرطوم وايقاف هذه العصابات التي تروع المواطن )
واستطرد قائلا ( ان النائب العام يوميا يطلب من الشرطة رفع الحصانة عن عدد من افرادها لمحاكمتهم نتيجة لمخالفتهم بعض قوانين التحري والاعتقال وما شابه ذلك ) .
اذن القصة اصبحت واضحة وضوح الشمس .. ببساطة الشرطة في امكانها ان توقف هذه الفوضى ولكنها تتقاعس لاسباب كثيرة اهمها حسب حديث المدير العام خوفها من المساءلة القانونية وبمعنى اوضح الشرطة تريد استخدام العنف ولكنها تخاف ان تقع تحت طاءلة القانون الذي يحمي المواطن من بطش الشرطة !! لذا يطالب المدير العام بالحماية والحصانة الكاملة لرجل الشرطة !! هذه هي المعادلة التي يجب ان نجد لها حلا حتى ينعم المواطن بالامن !!
وسؤالي لسعادة مدير عام الشرطة .. هل جهاز الشرطة به افراد يراعون ادمية الانسان ؟ واين هو رجل الشرطة الذي تطلب له الحصانة ؟ قطعا لا أعني الكل فكما يقال الخير يخص والشر يعم .. الملاحظ ان عدد كبير جدا من رجال الشرطة مازالوا يتعاملون مع المواطن بطريقة فظة للغاية وهناك أعداد ضخمة تم استيعابهم كافراد في جهاز الشرطة في السنوات الماضية أتوا لهذا الجهاز الحساس وكأن مهمتهم الاساسية هي اذلال المواطن وتركيعه وجلده .
حتى اصبحت العلاقة متوترة جدا بين المواطن ورجل الشرطة . لذا ظهرت بعض العبارات الخشنة بين الطرفين منذ الايام الاولى للثورة مثل ( كنداكة جات بوليس جرا ) واضحى الامر وكأن هناك ثأر بين المواطن ورجل الشرطة والثقة اصبحت مفقودة تماما بين الطرفين .
وعلى مدير عام الشرطة وقبل ان يطلب الحماية والحصانة الكاملة للشرطة ان يعيد النظر الف مرة في افراد جهازه الحساس وان يتخلص من الافراد الذين لم ولن يفهموا دورهم الحقيقي في حماية المواطن وليس اذلاله . ولكي تعيد الهيبة لرجل الشرطة على رجل الشرطة وقبل ان يطلب احترام المواطن له عليه ان يحترم هو اولا الجهاز الذي ينتمى اليه وان يكون رجل شرطة بحق وحقيقة .
هناك العشرات بل الالاف من الفاقد التربوي تم استيعابهم في الشرطة في السنوات الماضية . واصبحت مهنة رجل الشرطة مهنة من لا مهنة له . وحتى لا يتجنى علينا احد أكرر انا لا اعنى مطلقا الكل .
يا سعادة مدير عام الشرطة ويا وزير الداخلية أعيدوا للشرطة هيبته واحترامه بالتخلص من العناصر الفاسدة في جهازكم واستوعبوا من الشباب وبالذات شباب الثورة وحسنوا اوضاعهم المعيشية وزودوهم بالتدريبات اللازمة حتى تخلقوا جهازا جديدا نفاخر به الامم . اما ما تقومون به الان كلها عمليات ترقيع لا تفيد كثيرا و ( نفخ في قربة مقدودة) اعيدوا للشرطة هيبته ثم اطلبوا الحماية والحصانة كما تشاؤون
كان الله في عوننا