الثلاثاء ٣٠ مارس ٢٠٢١
صحيفة الديموقراطي
لا نلوم بعض إتجاهات الرأي العام (البريئة) من التواطوء مع سدنة النظام البائد ، والمُتعلِّقة بالمبالغة في بيان ما يحدث من أزمات معيشية وخدمية حالية على أنها (واجهة رئيسية) لفشل الحكومة الإنتقالية خصوصاً في شقها المدني ، لأن مستويات (الوعي) السياسي والإقتصادي والإستراتيجي يجب أن نقبل فيها التعدُّد والتفاوُّت والنسبية ، خصوصاً وأن بعض أولئك النُقاَّد والمُتابكين على من نحنُ فيه من حال ومن منطلقات (بريئة أيضاً) ، تتمثَّل مشكلتهم في مُجرَّد (ضيق) الأُفق وضُعف القُدرة الإستيعابية لما هو ماثل من تحديات ، هذا فضلاً عن (محدودية) القُدرة على التحليل الجيِّد لمسارات الحكومة الإنتقالية في أجندة (الأولويات الإستراتيجية) التي ستنبني عليها فيما بعد قواعد (الإستقرار) السياسي والإقتصادي والأمني والثقافي والإجتماعي.
الإستقرار كلمة مُختصرة تُعبِّر عن مفاهيم عدة جميعها تُعد شروطاً أساسية لإرساء قواعد متينة و(مُستدامة) لإحلال دولة المؤسسات والعدالة والمساواة والتنمية المتوازنة ، (بديلاً) لدولة الحزب والشخوص والإقصاء بشتى أنواعه ، وعلى إفتراض إيماننا ببراءة ما يقولهُ هؤلاء عن الفشل الإنتقالي من منظور أزمات الخبز والغاز والمحروقات ومعها الغلاء الفاحش للأسعار والتي لا يمكن أن ينكرها إلا مكابر ، ثم قمنا بإستثنائهم من قائمة المصطلحات التي بات (يبغضها) ويتوجَّس منها الكثيرون ، مثل مصطلح الفلول أو الدولة العميقة أو النفعيين ، نجد أنفسنا مُضطرين أن نُلفت إنتباههم إلى ضرورة مراجعة تحليلاتهم للواقع الراهن عبر تقدير الفرق بين (الحلول المؤقتة للأزمات) والتي تعتمدها الأنظمة الشمولية لخشيتها من ثورة الشارع وهذا ما حدث في أواخر عهد الإنقاذ البائدة ، وبين (الحلول المُستدامة للأزمات) والتي تعمل عليها حكومة إنتقالية تسندها قواعد شعبية واعية ، لا تخشى غضب الشارع لأن أقصى ما يمكن أن يودي إليه هذا الغضب هو ترجُّلها عن دفة قيادة البلاد التي يعلم الجميع أنها لم تعُد مكسباً بقدر ما هي خِضم من الخسائر والمصاعب.
إيجاد حلول جذرية للأزمات الماثلة ومعها قضايا كثيرة كالغلاء وتردي التعليم والصحة وتوقف عجلة التنمية والخراب الذي طال المشاريع الوطنية الكبرى وتردي الخدمة المدنية وهشاشة بنية النظام المصرفي وغيرها الكثير ، يعتمد بالأساس على (رؤى) إستراتيجية تستهدف (إعداد وتجهيز) البنية الأساسية للسودان الجديد ، ليكون مُستعداً وقادراً على إستقطاب العون الخارجي والإستثمارات الأجنبية الداعمة لتوجُّهاته الإقتصادية والإنتاجية ، فالقضاء على صفوف الخبز والوقود والغاز وغيرها من المصائب (يبدأ وينتهي) بإزالة إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، وتوقيع إتفاق السلام الشامل مع الحركات التي تخلَّفت عن إتفاق جوبا ، وإعفاء ديون السودان ، فضلاً عن إستقطاب دعم قوى المجتمع الدولي على مستوى المُنَّظمات والدول للمساهمة في بناء وتطوير البنية التحتية للواقع الإقتصادي السوداني.