أصدرت قوي المجتمع المدني بيانات أكدت فيه بان “القوى الظلامية تستخدم النمط المكرر في تخويف السودانيين وحثهم على الرجوع إلى كنف القهر والتخلف. تظل كراهية النساء وخلق التشظي المجتمعي هي الذخيرة الأساسية لقوى الإسلام السلفي والسياسي.
ولاتزال تلك القوى تسيء إلى عقيدة السودانيين بعد فشل محاولات هندسة مجتمع لا يحترم التعددية ويستهدف أمان وسلامة النساء في المساحات الخاصة والعامة. تستند هذه القوى في تبريرها لكراهية النساء والبنات لمرجعيات دينية متطرفة وغير عقلانية، وتقاليد بالية عفا عنها الزمن، ضمن سعيها المتصل لإعادة سيطرتها على السودان وشعبه. وما يشجعها على ذلك، ضعف الإرادة السياسية في التصدي لقضايا السلام والمعيشة وتجاهل أمن وسلامة النساء والفتيات.
بلغ الاطمئنان بقوى الظلام إلى درجة السخرية والتبجح والإساءة للفتيات والنساء اللواتي قدمن أجسادهن وأرواحهن فداءً للتغيير والتقدم في السودان، مستغلة المنظومة العدلية التي تجرم النساء بدلاً عن حمايتهن. إن تلكؤ الحكومة الانتقالية في إجراء إصلاحات هيكلية في المنظومة العدلية ومحاسبة قوى النظام السابق التي لا تزال تتسرب في مفاصل الحكم الانتقالي، مستغلة ضعف البنية الانتقالية ومحاولات دفن ضرورة تعيين المجالس التشريعية وإنفاذ شعارات الثورة السودانية “الحرية والسلام والعدالة” ، كلها عوامل تؤدي إلى تفاقم العنف المقنن ضد النساء والفتيات في السودان.
نحن في قوى المجتمع المدني المستقل نرفض رفضاً باتاً الخطابات المكرسة لكراهية النساء والفتيات، التي تتمظهر بجلاء فيما تبثه قوى الظلام والتخلف في مختلف المنابر الإسفيرية، وأجهزة الإعلام المعروفة بتحيزها لقوى الإسلام السياسي وفى منابر الإرهاب التي طالما اتخذت من المساجد غطاء لها ولدعاويها البائسة.
كما ندين كلمات مدير شرطة ولاية الخرطوم المُعفى من منصبه الفريق عيسى آدم اسماعيل البغيضة والتي تكرس لكراهية النساء والفتيات والفقراء والمهمشين في بلادنا، وتصب في نفس نهج القوى الظلامية ومحاولات تصوير النظام البائد وكأنه الحل الأمثل للنجاة، في محاولة لتزييف ذاكرة الشعب السوداني ومحو ما أصاب البلاد ولا يزال جراء حكم منظومة الإخوان المسلمين لثلاث عقود. إن اعفاء مدير شرطة ولاية الخرطوم من منصبه لن يضمن سلام وأمان النساء في المساحات الخاصة والعامة حيث يجب الالتزام بإصلاح أجهزة انفاذ القانون فوراً حتى لا تتواطأ مع معنفي النساء والفتيات في الفضاء العام والخاص.
نحن في قوى المجتمع المدني ومجموعات حقوق المرأة نعلم تماماً أن قوى النظام البائد لاتزال تتحكم في عصب النظام القانوني في السودان، وأن الدعاوى بإعادة منظومة النظام العام التي تستهدف النساء بصفة أساسية وتعزي الانفلات الأمني في مختلف ولايات السودان لغياب هذه المنظومة ما هي إلا افتراءات مضللة. إذ أن الحفاظ على الأمن يتأتى بالحفاظ على أمن وسلامة المواطنين في الشارع العام، وعدم التبرير لجرائم التحريض والاعتداء كما ذكر مدير شرطة ولاية الخرطوم السابق.
إن ظهور الجماعات الإجرامية التي تهدد وتتوعد وتعتدي على النساء في الفضاء العام هو مؤشر لاقتراب البلاد من الغرق في أنساق الجماعات الإرهابية أمثال بوكو حرام والشباب الصومالي وداعش، التي تتخصص في العنف ضد النساء والاغتصاب واختطاف الطفلات وخلافه من السيناريوهات الظلامية التي تخسف بالمجتمعات لقرون من الزمان.
في التاسع عشر من مارس، 2021، ارتكب الهادي إبراهيم جريمة شنيعة في منطقة الصالحة بأم درمان، بقتل ابنته الطفلة ذات الـ 14 عاماً، حيث أطلق عليها عدة رصاصات أودت بحياتها لحظياً. ومن المؤسف أن القانون الجنائي السوداني وقانون الأحوال الشخصية الذين تم توريثهما من منظومة الإسلام السياسي يفتحان الطريق ممهداً وواسعاً لحجج الـــ”ولاية” والــــ”قوامة” لتقف حاجزاً ضد حماية الفتيات والنساء من جرائم العنف المنزلي وتقييد حريتهن في الحركة والتعليم والحصول على الموارد. ولولا حملات المناصرة ومجهودات الصحافة المستقلة لما تعرض قاتل سماح للمساءلة أبداً.
نحن في قوى المجتمع المدني والمنظمات العاملة في مجال حقوق المرأة، نحمل الحكومة الانتقالية السودانية تبعات ازدياد أنماط العنف القائم على النوع الاجتماعي في مختلف أنحاء السودان، بالأخص في إقليم دارفور حيث أصبح العنف الجنسي والافلات من العقاب هو العادي في حياة النساء والفتيات.
كما نحذر الحكومة الانتقالية من الاستهانة بالوضع الحالي من تدهور اقتصادي وأمني، وندعوها للتعامل بجدية مع وباء العنف ضد النساء والفتيات. ونطالب الحكومة الانتقالية بالتقصي واستخدام ما هو متاح لديها من قدرة على المحاسبية، وإعادة هيكلة أجهزة الشرطة والقضاء وتشكيل نيابات متخصصة لمحاسبة القوى”