نبدأ بتهنئة المناضل حاتم ميرغني على فك أسره، ونهنئ أهل مدينتنا على وقفتهم الجسورة مع الحق، ومناكفتهم الشجاعة للباطل، واستبعادهم لكل إرجاف المرجفين الذين أرادوا أن يلبسوا الحق بالباطل، وأن يكتموا الحق وهم يعلمون.
واضح من مجريات أحداث القضية أن حكومة الإنقاذ أرادت بها ترويع أهل أمروابة، واختارت لذلك رمزاً من رموز العمل العام فيها. فسخرت لذلك منظومة الادعاء والقضاء، واستنفرت عناصرها المأجورة خير استنفار.
وصدر القرار الجائر في ٢٠ يوليو ٢٠١٧م، الذي وضع بموجبه حاتم وراء القضبان. بيد أنه لم يدخل السجن وحده، بل احتقب معه قضايا المدينة التي ترزح تحت وطأة فساد كبير لا ينكره إلاّ كل مكابر.
في مرحلة الاستئناف، الذي جرى في مدينة الأبيض، استطاع محامي المتهم، الرجل الألمعي القدير، عبد الرحمن عبد القادر الحاج، أن يقدم مرافعة من عيار غير معهود في سياق الأوضاع الداخلية التي تشتد فيها شراسة الإنقاذ، وتتعدد سبل محاربتها للمعارضين.
اعتمد المحامي في مرافعته على هشاشة الموقف القضائي للشاكي، ولحكومة الإنقاذ التي تقف ورائه. اعتمد أيضاً المحامي علـى قوة حجة شهود الدفاع، وخاصة الشاهد الرابع، الذي أكد «أن الشاكي يقوم بالأعمال المذكورة في المنشور، وهي تتنافى وقيم وأخلاق المجتمع وتتنافى مع رؤية الخدمة الوطنية…».
إذن أرادوا أن يدوسوا على جباه أهل أمروابة، ففشل مخططهم وباءوا بخسران مبين. لكن الإخوان المسلمين، كما تعلمنا من تاريخهم الممتد البائس، لن يقبلوا بالهزيمة. سوف يتربصون لهذه المدينة كل متربص.
وعلى الرغم من المعاناة التي ستقع، ولا شك، على أهل مدينتنا، إلاّ أن الفرصة ستكون أمامهم مواتية لدخول التاريخ من أوسع أبوابه. سيتاح لمدينتنا أن تضطلع بدور حيوي في إشعال نار الثورة، في إطلاق فتيلتها الأولى لتعم السودان برمته، وتخلص شعبنا من حكم جائر تراجعت فيه أقدارنا في كل ضروب الحياة، من اقتصاد واجتماع وسياسة وثقافة ورياضة.
سوف تتربص الإنقاذ بناس بلدتنا. وسوف يزيد وعيهم الجمعي تصاعداً نحو ذرى الثورة. الإنقاذ في كفة، وأهل بلدة كانت آمنة مطمئنة في كفة أخرى. قتال فيه الخسة من طرف الماسك بزمام الأمور، وفيه بسالة وجسارة وحصافة من أهلين بسطاء.
والحشاش يملأ شبكته، كما يقولون.