الأحد ٤ أبريل ٢٠٢١
صحيفة الديموقراطي
على ذات النهج الذي جعلنا ومعنا الكثيرين نندم على عدم إعمال الشرعية الثورية التي تتكيء على مبدأ حماية الثورة ومحاربة الرِدة ، في بدايات الثورة وفعالية وهيجان الزخم الجماهيري في مجالاتٍ عدة أهمها سرعة محاكمة رموز النظام البائد وتفكيك قوى النظام البائد داخل مفاصل الدولة ، تتعامل حالياً حكومتنا الإنتقالية مع هجمة شيوخ الضلال وماسحي جوخ السلطان والمُتردِّدين على موائده الآسنة ، وهُم يُراهنون مرةً أخرى على الطَرق في آذان البسطاء على آلة الدين ونداءات الجهاد الكاذبة وتكفير المسلمين من الذين يخالفونهم الرأي ، في دعوةٍ لا تقبل الشك والإحتمالات في كونها تدعو إلى إفشال مخطَّط السلام ومقاومة محاولات إخراج السودان من نفق الفقر والجهل والمرض ، بالإضافة إلى إقعاده عن أداء دوره الطليعي في حركة العلاقات والمصالح الدولية المشتركة ، وذلك عبر دعوة البسطاء من أبناء شعبه للإلتفاف حول راية الإرهاب الديني ومُعاداة دولة المؤسسات والمواطنة والمساواة والعدالة والقانون والتنمية المُستدامة ، إنهم بكل بساطة يدفعون الناس دفعاً عبر منابر المساجد التي هي لله الذي أنزال الإسلام ديناً للتسامح والحكمة والموعظة الحسنة ، ليهدموا ويعادوا ملحمة إرساء وسطية الإسلام وبناء السودان الجديد.
إن كانت ثورة ديسمبر المجيدة بدماء شهدائها وتضحيات ثوارها المستمرة إلى وقتنا هذا ، لا يستطيع قادتها والجالسين على سُدة قيادتها حماية مبادئها الأساسية والتي تأتي في مقدمتها (أولوية) إفشاء السلام والإستفادة من مردوداته في تحقيق العدالة والمساواة والمؤسسية والتنمية المستدامة ، وتقفُ عاجزة بعدما توفَّر من قوانين وما ورد من بنود في الوثيقة الدستورية ، فضلاً عن ما يجيش في الصدور من ظلامات الماضي ومآسيه وجراحه التي لن تندمل ، عن (حماية مكتسبات الثورة) من هجمة علماء السلطان وأبواقه التي (تجُّرنا) كل يوم خطوتين كلما تقدَّمنا خطوة ، فعلى الأرض السلام ولنا بعد هذا أن نتوقَّع المزيد من التوغُّل في الوحل الذي يتمثَّل في السماح لرذيلة المتاجرة بالدين الإسلامي بالإستمرار في تضليل إتجاهات الرأي العام فيما هو بالتأكيد وأدٌ للثورة وشعاراتها وبرامجها المُتفَّق عليها.
ومن الناحية الموضوعية فإن مبدأ فصل الدين عن الدولة الذي وجد فيه بعض أئمة الضلال المُتطلعين إلى عودة عهود تكَّسبهم من الدين عبر مؤازرة أولي النفوذ في الحق والباطل فُرصةً لتكفير الحكومة وقادتها والتشكيك في توجُّهاتها ونواياها تجاه الدين وأعراف المجتمع وثقافاته المعلومة ، قد تم حسمهُ أو (إعتماده) بوضوح في الوثيقة الدستورية قبل أكثر من عامين ، ثم أُعيد تأكيده عبر بنود إتفاقية جوبا التي تم توقيعها مع حركات الكفاح المُسلَّح قبل أقل من عام ، فالأمر ليس بجديد مثلهُ مثل أمر التطبيع مع إسرائيل والتوقيع على الإتفاقيات الدولية الداعمة لحقوق المرأة والطفل ، فكل تلك الأمور لو اُتيح لهؤلاء تحليلها من منظورهم المُجافي لوسطية المنهج الإسلامي في التعامل مع المُستحدثات والمُستجدات ، وعبر الإسراف في التطرُّف والشطط والفجور الفقهي ، لأصبح أمر الإحتراب في السودان واقعاً لا يمكن تفاديه ، ولكان السلام المنشود حُلماً مستحيل المنال ، يا أصحاب الإمرة على الفترة الإنتقالية إضربوا بيدٍ من حديد كل (مُهدِّد) لثورتنا الباسلة وآمال وتطلُّعات شعبنا المقدام ، وعدالتنا ومساواتنا ووحدتنا وتنميتنا المُستدامة ، على لجنة إزالة التمكين أن تلتفت إلى منابر بيوت الله.