فعلاً كما يقول الشاعر والكاتب والمسرحي السوري (محمد الماغوط) أن الكاذب يقسم على الكتاب المقدّس وكأنه يضع يده على (دليل التلفونات)..! وهذا شأن الإنقاذيين وديدنهم لا غرابة.. أما عندما يتعاهد الثوريون والشهداء على إنجاز بغيتهم من الثورة ذات المهر الغالي من دماء الشباب والإيفاع فيجب أداء المهام والإيفاء بالعهد لوطن عظيم (كم له في الفؤاد دينٌ ثقيلٌ / وعزيزٌ عليك ألا يؤدى) ونحن حكومة وشعباً نحاول أحياناً الهروب من تذكير أنفسنا بالواجبات الثقيلة التي تنتظرنا.. ولكن الحمد لله أن الثوار (صاحين ومفتّحين).. وهاهم يذكروننا (غصباً عنّا) اليوم السادس من ابريل بما تواثق عليه شهداء الثورة.. فلا محيص ولا مهرب ولا جدوى من (التصهين).. وعلى الفترة الانتقالية بكامل مؤسساتها أن (تطالع دفاترها) وكذلك الوزراء وأصحاب السيادة في مجلسهم العامر القدامى منهم والجُدد.. المدنيون منهم ومن معهم من عسكريين.. وأن يراجع كل شخص ما هو مطلوب منه وماذا أنجز.. مع إشارة خاصة إلى الأجهزة العدلية والنائب العام ورئيسة القضاء؛ ماذا صنعوا في ما بين أيديهم من مهام تتعلق بحق الدم وحق النفس وحق الوطن وحق الناس وحق الضمير وقبل ذلك حق الشهداء وهي حقوق واجبة الأداء بشريعة السماء وتشريعات الأرض وبقيم كل ملة ونحلة..!
فلتخرج إذن المواكب لتذكّر (الناسين) بعهود الثورة ومطلوباتها.. ولإعادة الحياة للوثيقة الدستورية.. فقد يطيب لبعض من في أيديهم القرار تناسيها.. ولربما تلهيهم المهام الروتينية فيغرقوا في (يوميات المكاتب) ويتناسوا إكمال هياكل السلطة وإنجازها بذات السرعة التي تم بها (تجليس) مندوبي الحركات على المقاعد الوزارية والسيادية..! كما يجب على كل صاحب منصب في الفترة الانتقالية أن يفتح الطريق أمام لجنة إزالة التمكين ويكون عوناً لها (لا حرباً عليها).. ولتتوقف جماعة الكتابات والأقوال والممارسات السقيمة التي قلبها على فلول الإنقاذ والأقرباء والمحاسيب وتجتهد في إعاقة تفكيك الإنقاذ من أجل حماية مصالحها الخاصة التي ترتّبت على علاقات المنفعة أيام الإنقاذ وتخاف أن تطالها يد العدالة وتنزع منها ما استنامت إليه من ثروة جاءتها عن (طريق السحت) وعبر فساد الإنقاذ الذي توطد عبر شبكة (جمعت فأوعت) من سياسيين وأفندية وادعياء وجاهة متنكرين ورجال أعمال مزيفين وشيوخ مزوّرين ودعاة ووعاظ طراطير مشعوذين وشركات وهيئات وبيوتات وعائلات وإعلاميين وصحفيين ومطربين ومطبلين ومزمّرين (متشكّرين ومقدّرين) وجماعات زفة وطبول وصاجات وأبواق ونافخي كير و(أصحاب كيتة)..!!
ويذكرنا شباب المقاومة وثوار ديسمبر في ذكرى يومهم أيضا بإصلاح أجهزة الأمن وحدة الجيش وقوميته ومهنيته تحت عقيدة قتالية جديدة تعيده لواجباته بعيداً عن توغله في المناصرة السياسية على أيام الإنقاذ.. وبإصلاح مؤسسات الأمن والشرطة وتشكيل المحكمة الدستورية وإنشاء المفوضيات وإصلاح القضاء ومحاكمة القتلة والمجرمين وتوفيق أوضاع المليشيات المسلحة (بعيداً عن ادعاءات المرجلة وممارسات الهرجلة) والطواف على الأحياء وإحياء النعرات القبلية..! كما يذكرنا الثوار بضرورة ملاحقة مثيري الفتنة والمروّجين للكراهية وتهديد أمن المجتمع الذين خرست ألسنتهم عندما كانت الإنقاذ تقتل الناس بمئات الآلاف وتسرق أموال الدولة تحت بصرهم وسمعهم.. بل كانوا من قابضي أعطياتها ودولاراتها التي سرقها المخلوع من وراء الشعب.. (وفقههم يجوّز السرقة من السارق)..! ويذكرنا شباب الثورة أيضاً بضرورة إجازة قوانين النقابات وبذل جهد كبر لتخفيف ضغوط المعيشة..! هذا بعض ما نادوا به في ذكر السادس من ابريل ولا نامت أعين الاسترخاء ولا نامت أعين الفلول وأعوان المخلوع في الإثم.. ونسأل الله ألا تتوقّف (زفراتهم) عن الالتهاب ولا (مرارتهم عن الانفقاع)..!!