لقد قمت بإخراج برنامج الحقل والعلم لمدة 15 عاماً متتالية، تابعت ورافقت خلالها الأستاذ العالم في مجال الزراعة والغابات نورالدين سيدأحمد له الرحمة والمغفرة.
هذه الرفقة جعلتني اكتسب خبرات في مجال ممتع غير مجالي الأساسي، تعلمت منها معاني العروة الصيفية والشتوية في الزراعة، وانواع الحزم التقنية والبحوث الزراعية والغابات وانواعها، وكل شجرة تنبت في السودان اين توجد ومصدرها وطبيعتها الخ.
اتاحت لي طبيعة البرنامج الذي يعتمد على التصوير في الحقل، ومواقع الإنتاج ألا نترك شبراً في السودان الا وصلنا اليه جنوباً وشمالاً شرقاً وغرباً ووسطاً، حيث كانت محطات مشروع الجزيرة والبحوث الزراعية من المحطات الأساسية.
التحية لكل من شاركني في هذا البرنامج الزراعي الاقتصادي المهم، وهو البرنامج الوحيد الذي كسر قاعدة الدورات البرامجية في كل تلفزيونات العالم، حيث تتغير البرامج كل ثلاثة او سته شهور كدورة برامجية تتساقط فيها برامج وتصعد برامج أخرى، ولكنه كسر القاعدة العالمية فاستمر برنامج الحقل والعلم مدة 28 عاماً دون ان يختفي من دورة او يغيب الساعة الرابعة يوم الجمعة الا في مناسبات الأعياد.
والمؤسف والمحزن أن يأتي الخال الرئاسي مديراً للتلفزيون ويمسح كل حلقات البرنامج التي بها كثير من المعلومات في التطوير الزراعي بحجة الحاجة إلى الشرائط قبل دخول تقنية السيرفرات، كما تجاوز الخال الرئاسي ليمسح حلقات صور شعبية للراحل الطيب محمد الطيب، وساعة صفاء لحجاز مدثر، وطبيعة الاشياء للبروفيسور محمد عبدالله الريح، وسير واخبار البروف عبدالله الطيب، وهي من البرامج الثرة التي قمت بإخراجها، كأنما كان يحارب العلم والمعرفة، وتجاوز ذلك بمسح كل أغنيات الحقيبة من مكتبة التلفزيون بحجة انها تتحدث عن (الخصر النحيل والنهود والصدر الطامح).
انه الهوس الديني.