لا يملك احد من وزراء الحكومة الانتقالية حصانة او قداسة تجعله فوق النقد وفوق التصحيح، وكذلك الحال بالنسبة لأعضاء مجلس السيادة وجميع مسؤولي الدولة، جميعهم جاءوا في ظروف استثنائية صنعها الشعب السوداني عبر ثورة شارك فيها الجميع صغيرا وكبيرا، رجلا وامرأة، وقدم فيها الجميع تضحيات عظيمة، لذلك لا فضل لأحد على أحد، ولا يوجد شخص ذو امتيازات أكبر من الاخر، كل الناس من هذا الشعب والى هذا الشعب، انتهى عهد القداسة وجاء عهد المساواة والشفافية والمحاسبة، فليعلم كل من يتصدى للعمل العام انه في مرمى النيران .
ثورة ديسمبر قامت ضد الانفراد بالسلطة والقرار، لذلك ليس مسموحا على الاطلاق في ظل دولة الثورة أن ينفرد وزير او مسؤل بالقرارات وكأنه وحيد زمانه، على الجماهير ان لا تلبس الوزراء هالة من القداسة والتبجيل الاعمى، وأن لا تصفق لهم ان أحسنوا وإن أساءوا، فالوزير في حكومة الثورة هو مجرد موظف مكلف من قبل الثوار لاجل وظيفة محددة، عليه أن يؤديها في جماعية وشراكة مع جميع الثوار تماما كما كان عليه الوضع أيام الثورة، وبعد انتهاء أجل التكليف يذهب من حيث أتى، ليس مسموحا اطلاقا للوزير ان يظن أنه مخلد في هذه الوظيفة وأن يده مطلوقة ليفعل ما يشاء، كل هؤلاء الوزراء جاءت بهم دماء الشهداء وتضحيات الجماهير في الثورة في جميع مدن وقرى وازقة السودان، عليهم ان يعوا هذه الحقيقة ويعملوا وفقها.
الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد والواقع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه الدولة، ليس مبررا للقبول بالتجاوزات من الوزراء والمسؤلين، ولا مدعاة للسكوت عن الخطأ من قبلهم، بل مطلوب جدا النقد والمواجهة مع المسؤلين، ونصحهم ومناصحتهم والعمل معهم على معالجة الأخطاء وعدم تكرارها، الوزير الذي يظن نفسه فوق النقد والإصلاح يجب ان تواجهه الجماهير بشيء واحد فقط وهو (البل) ولا شيء سواه، فالسكوت عن تجاوزات الوزير او المسؤول ستصنع منه فرعونا جديدا، وهذه الثورة جاءت لإنهاء عهد الفراعين إلى الأبد.
كوادر الأحزاب السياسية والحركات المسلحة التي جاء منها وزراء الحكومة الانتقالية عليهم أن يكونوا الأكثر نقدا للوزراء الذين ينتمون لاحزابهم وحركاتهم، من أجل تجويد اداءهم وتطويره، التصفيق للوزير والمسؤول فقط لانه ينتمي لحزبك السياسي سيقود إلى فشله وتضخيم ذاته وسيقود هذا السلوك إلى فشل الحكومة باجمعها اذا تحولت كوادر الأحزاب إلى مشجعي مدرجات يصفقون لمسؤليهم في النصر والهزيمة. على الشعب أن يعي دوره في دولة الثورة، دوره هو ان يراقب ويقوم الموظف سواء كان رئيسا او وزيرا او غيره، اذا أجاد الشعب هذا الدور وقتها يمكن أن نقول أن ثورة ديسمبر قد صنعت التغيير الحقيقي.
sondy25@gmail.com