بصورة مفاجئة أعلن بالأمس عن اغتيال الرئيس التشادي ادريس ديبي، مقتل ديبي سيلغي بظلال قاتمة على المشهد السياسي السوداني المعقد اصلا، الرئيس المقتول ينتمي لاحدي القبائل المتداخلة بين السودان وتشاد، كما أنه صاهر في وقت من الأوقات احد القبائل السودانية، هذا بالإضافة إلى كونه انطلق من السودان في معركته لتحرير تشاد من قبضة حسين حبري، وتتحدث كثير من الروايات الشفهية عن إقامة اقاربه في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات بمكتب النائر بمحلية الماطوري التابعة لولاية الجزيرة.
علاقة الرئيس الراحل ديبي التاريخية بالسودان متداخلة وعميقة، ولكنه يظل في نهاية الأمر دكتاتورا حكم تشاد بالقوة لمدة خمس دورات حكم، وقتل بعد يوم واحد فقط من فوزه بالدورة السادسة عبر انتخابات انسحب منها عدة مرشحين مما يشكك في نزاهتها، وهي مأساة أفريقيا الكبرى ان يحكمها من يملكون السلاح والقوة وليس الرؤساء المنتخبين عبر الانتخابات الديمقراطية، لذلك ليس متوقع ان يجد الرئيس المقتول تعاطفا من قبل أنصار الحرية والديمقراطية في افريقيا وحول العالم، ولكن اغتياله بالنسبة للسودان قد يزيد من التهاب المنطقة الملتهبة في غرب السودان، وهو ما يحتاج تواصل خاص وسريع بين الحكومة الانتقالية السودانية والمجلس العسكري الجديد في تشاد من أجل تأمين الحدود والتوافق على أولويات استتباب الأمن وتقليل التوترات.
تشاد تمثل عمقا استراتيجيا للسودان، ويمثل استقرارها السياسي والأمني ركنا مهما في استقرار السودان السياسي والامني، المعارك التي تدور في تشاد بين الحكومة والمتمردين يجب ان يسعى السودان في سبيل معالجتها وإحلال السلام، مقتل الرئيس ديبي منعطف صعب قد يجعل الحكومة التشادية عازمة على الأخذ بثأره وعدم التحاور مع حركات الشمال المتمردة، ومن جهة أخرى قد يمثل مقتل الرئيس دفعة معنوية للمتمردين ورصيد مهم لتشجيعهم على مواصلة الزحف نحو العاصمة، في خضم هذا يجب أن نتزكر الدور الفرنسي باعتبار أن الرئيس المقتول كان يمثل أحد الداعمين للسياسة الفرنسية واحد وجوهها في افريقيا، تدخل فرنسا سيكون من أجل استمرار موروث ديبي والذي قد يمثله نجله المعين في رئاسة المجلس العسكري الجديد، كل هذه السيناريوهات متوقعة، ولكن في نهاية الأمر يظل الحوار بين أبناء الوطن الواحد لإنهاء الحرب هو خيار تشاد الصحيح اذا أرادت أن تمضي نحو الاستقرار السياسي، وهو الدرب الذي يجب أن يضعه السودان خطا استراتيجيا في تعامله مع الواقع التشادي، فتشاد المستقرة ستعزز بلا شك إستقرار السودان.
sondy25@gmail.com