في زيارته لعطبرة واجه رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك هتافات مناوئة من بعض مواطني عطبرة، وهو سيناريو غير معتاد في زيارات رئيس مجلس الوزراء، مما يدل على انخفاض في شعبيته، وهي شعبية كانت ملء السمع والبصر في بداية تعيينه، بيد انها بدأت تتناقص في الفترة الأخيرة، فالرجل منذ محاولة اغتياله في مارس/٢٠٢٠ لم يعد يظهر كثيرا امام الجماهير، وليس معروفا هل ابتعاده عن اللقاءات الجماهيرية ناتج عن توجيهات أمنية خوفا من تكرار محاولة إغتياله أم هو هروب من مواجهة الجماهير التي لم تر حتى اليوم من حكومة حمدوك ما يغريها بالاستماع والتصفيق له خاصة على صعيد الواقع الاقتصادي المزري الذي يعيشه المواطن السوداني.
لم يكن حمدوك وحده الذي هتفت ضده جماهير عطبرة فقد هتفت كذلك ضد الفريق ياسر العطا عضو المجلس السيادي في احتفالية تكريم أسر شهداء عطبرة بحضور والي نهر النيل آمنة المكي، ورغم أن السلوك غير حضاري في حضرة أسر الشهداء التي قبلت بحضور التكريم، إلا إنها رسالة يجب أن لا تمر بدون دراسة، فعطبرة معلوم عنها وقوفها الصارم مع الثورة، وكونها لا تحسن استقبال ضيوفها من القادة فإن في الامر ما يستحق الوقوف عنده، وليس عسيرا استنتاج ان ضعف اهتمام الحكومة الانتقالية بالأهداف الثورية المباشرة من تحسين الاقتصاد والقصاص من قتلة الشهداء ومحاكمة قادة النظام البائد هي الأسباب المباشرة لتزايد الغضب على الحكومة وقادتها.
بالنسبة للفريق ياسر العطا فقد أصبح من المعلوم أن العلاقة المتوترة بين الثوار وقادة المجلس العسكري السابق لن تعود إلى نقطة التصالح ما لم يتم الفصل في قضية فض الاعتصام ومحاسبة المجرمين الحقيقيين الذين أمروا بفض الاعتصام وقاموا بتنفيذه. أما بخصوص حمدوك فإن هتاف الثوار ضده قد يكون منطلقا بالأساس من حالة الاحباط من انجازات حكومته التنفيذية الضعيفة على الأرض في ظل استفحال الأزمات الاقتصادية والأمنية. قد يقول البعض ان الهتاف ضد قادة الحكومة الانتقالية مخطط له ومدبر من قبل معارضي السلطة من الشيوعيين والكيزان، وهو قول لا يخلو من منطق ولكنه ضعيف.
لا نعتبر ما حدث في عطبرة ضد حمدوك والعطا دليلا قاطعا على انتهاء إيمان ثوار عطبرة بحكومة الثورة ولكنه دليل على عدم الرضا عن الأداء الحكومي، وهي صورة قد تتكرر في مدن أخرى يزورها أعضاء مجلس السيادة والوزراء، مما يتطلب من الحكومة الانتقالية الاجتهاد في تطوير مستوى إنجازها للملفات المتعلقة بالحياة اليومية والمتعلقة بأهداف الثورة في القصاص والعدالة.
sondy25@gmail.com