الأحد ٢٥ أبريل ٢٠٢١
صحيفة الديموقراطي
في تغريدة على تويتر أثلج الدكتور نصر الدين عبد الباري وزير العدل صدور (المُحتارين) من أمثالي مرتين ، الأولى عبر تأكيدهُ على قناعة الحكومة الإنتقالية بشقيها العسكري والمدني على (الجدوى الإستراتيجية) للجنة إزالة التمكين في تحقيق الهدف الأسمى للثورة ، والمتمثِّل في القضاء على الدولة العميقة وإسترداد أموال الشعب السوداني التي إستباحها منسوبي الحركة اللاإسلامية زوراً وبُهتانا بإسم الله والإسلام والجبروت ، والثانية شرحهُ القانوني والعدلي للذين (يتذاكون) على العامة وهم في حقيقة الأمر إما من الفلول أو مُنتفعيهم الذين سُدت في وجوههم أبواب الفساد ، حين يستميتون في إتهام لجنة إزالة التمكين بأنها (تُصادر) أموال الناس بالباطل دون سند قانوني ولا إمكانية توفِّر للمتضرَّرين الإستئناف أو التظلُّم ، حيث أوضح السيد وزير العدل أن ما تقوم به اللجنة في موضوع أموال (فاسدي الإنقاذ) في حقيقة الأمر ليس (مصادرة) ، بقدر ما هو (إسترداد) لأموال الشعب والدولة ، وبين هذا وذاك من معاني في الإصطلاح فرقٌ كبير يستحق التأمُّل من منظورات أخلاقية وقانونية وعٌرفية ، فما تم سلبهُ وثبتت سرقتهُ هو في الحقيقة مالٌ (مُسترد) لأصحابهِ وليس (مُصادر) لمجهول ، ومَن أُدين بالأدلة والإعترافات والشهود والوقائع والوثائق لا يحق لهُ المطالبه بما نُزع منهُ ، مع فتح الباب أن (يسترحم) ويطلب عبر محاميه تخفيف العقوبة التي تلي (نزع أو إسترداد) المال المسروق .. هكذا الأمر بكل بساطة.
أما الذين يُشكِّكون في أمر (شرعية أو عدم شرعية) ما إكتسبهُ نافذي الإنقاذ الملعونة من أموال إستناداً على عدم كفاية الأدلة ، وعدم إلتفات لجان التحقيق إلى (حشد البيِّنات) التي تثبت حصولهم على هذه المنقولات والأموال بطرق غير شرعية ، فيكفي الشعب السوداني في هذا المنحى مُجرَّد الركون إلى فقه المنطق وما تفرضهُ الواقعية في التعامل مع تحليل الوقائع والأحداث ، من باب أن يقول كل من سمع لمن يسمع ، أو كل من رأى لمن لم يرى : هل يُعقل أن يمتلك نافذ في نظام سياسي لا تتعدى صفته الموضوعية على أية حال كونهُ موظف دولة أن يمتلك ما يفوق الألف وأربعمائة قطعة سكنية في العاصمة الخرطوم ، وهل يُعقل أن يمتلك موظف دولة آخر ما يقارب الـ 70 % من أسهم خمس شركات حكومية وثلاثة أخرى شبه حكومية فضلاً عن أهم وأفخم فندق في الخرطوم ، هذا غير ما يتم حصرهُ حالياً في الولايات وما سيتم حصرهُ أيضاً على صعيد الأموال التي تم تهريبها خارج البلاد ، من وجهة نظري فُلتجافي العدالة (سُلحافئية) الإجراءات إذا كانت ستودي بها إلى (مُجافاة) ومُغالطة الواقع والمنطق.
التقدُّم بعجلة نحو بتر الفساد ومحاسبة روُّادهُ وإسترداد مال الشعب والدولة ، يتطلَّب الطَرْق بشدة على باب الشرعية الثورية التي تُعلي من مقام الوطن والمصلحة الجماعية ، فلا وقت للوطن ولا للمواطن بعد الآن للإستسلام إلى المماطلة والتسويف في الإيفاء بالحقوق وتوطين مبدأ المحاسبة والقصاص ، فالتلاعب بالقانون وتحيُّن الفُرص وإقتناص الثغرات هي (ملاعب) مشهودٌ للكيزان بالبراعة والإبداع في ممارستها إذا ما أُتيحت لهم الفرص ، وأعتقد أن إنشاء لجنة إزالة التمكين واحدة من أهم إنجازات وإبداعات الحكم الإنتقالي بعد ثورة ديسمبر المجيدة ، كما أعتقد أيضاً أن أهم أسباب إنشائها ، تفعيل قُدرتها على (تجاوز) روتينيات وشكليات و(تسويفات) النظام العدلي الذي خلَّفته الإنقاذ البائدة ، شكراً الدكتور نصر الدين عبد الباري على جرأتكم الموشَّحة بنُصرة بالحق وإزهاق الباطل.