إذا قال لك أحدٌ إن مفوضية الفساد يمكن أن تحل محل لجنة تفكيك الإنقاذ فلا تصدقه و(أعلم إنو متراذل) كما يقول عبيد عبد الرحمن في أغنية “غزال البر يا راحل”.. فلا وجه للاشتباه أو الاشتباك بين عمل الهيئتين.. بل إنهما سيكونان بمثابة (القمرين النيريَن) في منظومة مكافحة الفساد التي يبطئ بعجلة دورانها (ناس قُراب منك) يسمعون ولا يتحرّكون..! وسنظل نقرع على باب النائب العام ورئيسة القضاء تذكيراً بما نراه من بطء وتراخٍ ومراوحة لا تنسجم مع طبيعة المرحلة وجرائم الدم الكبرى والنهب المنظّم والتدمير الأعظم.. مع الانشغال ببلاغات من الدرجة العاشرة مثل دفتر الشيكات في إدراج مدير مكتب (عثمان كبر) وصاحب الموتر الذي نقل الدولارات من مقر المخلوع إلى بيت يوسف عبد الحي.. ؟!
الحديث عن إحلال مفوضية الفساد في مكان لجنة التفكيك محاولة فاشلة نشط فيها أعوان الفلول من داخل مؤسسات الانتقال؛ وقد سبق أن تمنّى رئيس لجنة التمكين الذي استقال هرباً من مواجهة فساد الإنقاذيين بسبب لا وجه له غير (مجاملة الأصدقاء) على حساب (الواجب الوطني)..! وكلها محاولات عقيمة لتمييع الصلاحيات بين اللجنة والمفوضية.. وهذه من أماني الإنقاذيين الذين أرادوا أن تقتل إحداهما الأخرى..! وصوّرت لهم مخاوفهم بسبب ما اقترفوه أن مفوضية الفساد ربما تكون (أرحم) من لجنة التفكيك.. وأن منصة صواريخ المفوضية لن تكون موجهة بصورة مباشرة نحو فساد الإنقاذيين وإزالة تمكينهم.. (تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)..!.. وعلى كل حال لا تعارض بينهما أصلاً في الصلاحيات والمهام وطبيعة العمل ولا آلياته.. فلكل منهما قانونها وصلاحياتها وأساليبها في (مطاردة البعاعيت)..!
كم تمنى المُرجفون الراجفون أن يغمضوا عيونهم ثم يفتحونها ليجدوا لجنة التفكيك قد زالت من الوجود.. ولكنها بفضل الله راسخة رسوخ البركل والداير والتاكا وسرغام؛ تسندها قوة الثورة، ومضاء العزيمة، وقوة الشكيمة، وسلامة العريكة، ووثيقة الدستور، وقوة الشعب، ونبل الهدف، وجسامة الواجب، وجسارة التغيير، والمهمة الجليلة التي تتعلق بمستقبل الوطن.. ولا مستقبل للسودان إلا بالتفكيك الكامل لكل ما خلفته الإنقاذ من مؤسسات وهياكل وألغام وجرائم.. وما زرعته من خوازيق في الحياة العامة، وما استولدته من إرث قبيح وسلوك ناشز وقدوة سيئة وما نشرته من نفاق ومداهنة وإفساد عبر شبكة من فاسدي ذمم أضحوا بسبب تطاول سنوات الإنقاذ بؤراً صديدية في المجالات كافة، الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والرياضية والثقافية.. ويساهم هؤلاء في نقل فيروسات استحلال الحرام وأكل المال العام وإزكاء نوازع الأنانية والفردية وتخريب المرافق العامة من أجل بناء الملكيات الخاصة.. وهم من زيّفت بهم الإنقاذ نجومية المجتمع، ونصبتهم على واجهات المحافل وصدور المجالس، وهم (نكرات متاعيس) في صورة رجال أعمال مزيفين ومطربين جهلة وإعلاميين وصحفيين معروضين للبيع.. ومن على شاكلتهم .. وإزاحة كل هذا البلاء عن واجهة المجتمع هو ما يقع ضمن مهام لجنة إزالة التمكين التي كُتب عليها في زبورها أن تتابع هذه الاختراقات، وتكثّف جهودها لكشط هذه الدمامل من وجه المجتمع.. وهي هيئة مفوضة بقانونها الذي يقضي بتفكيك الإنقاذ واستعادة الأموال المنهوبة وإزالة التمكين.. ولا حصانة لأي موقع يلبد فيه (اللابدون) لأن صلاحيتها تمتد لاقتلاع الإنقاذيين من كل مؤسسة ولو في ديوان النائب العام أو الهيئة القضائية أو داخل تلافيف القوات النظامية.. ولإزالة هذه الشكوك أعلنت لجنة إزالة التمكين عن ترحيبها بإجازة قانون (مفوضية الفساد الشقيقة) وستعمل الهيئتان على مطاردة المفسدين وانتزاع أملاك الدولة منهم..(قل لي بربك أين منك المهربُ)..؟!