سلط دكتور حسين حسن حسين،رئيس تحرير ” التحرير” الالكترونية الضوء على واقع الصحافة السودانية اليوم، وقال فى تحقيق نشرته صجيفة ” اندبندت” النسخة العربية ، أن “المناخ الصحافي الآن في ظل الحكومة الانتقالية مناسب للحريات، وأن الأوضاع ستتجه نحو الأفضل عند الانتقال إلى الديمقراطية الكاملة بعد إجراء انتخابات عامة في نهاية الفترة الانتقالية”، منوهاً بأن الصحافة السودانية عانت كثيراً خلال فترة النظام السابق بسبب الرؤية الأحادية، حيث شرد العديد من الصحافيين، وهاجر قدر منهم إلى الخارج، كما حدث تجريف للصحافة بشكل كبير، فضلاً عن افتقاد دورها ورسالتها الرئيسة، لأن توجهها كان ينصب في خدمة النظام وأهدافه وتحقيق مصالحه.
لكن في ظل الوضع الحالي هناك حاجة إلى تقييم موضوعي لهذا الواقع من ناحية استمرار الصحف بالفكرة القديمة ذاتها، وهي صحافة الرأسمالية الصغيرة أو رأس المال المحدود، مما يجعل استمراريتها صعبة، فضلاً عن تقلب ملكية الصحيفة من مالك لآخر، مشدداً على أهمية أن تكون هناك صحافة مؤسسات، وأن تعي الأحزاب السودانية أهمية الصحافة بأن تقوم بتقويم وضع صحفها، بحيث تصبغ عليها الصبغة المهنية والاحترافية، وألا تنحصر رسالتها في الحزب فقط، بل يجب أن تشمل المجتمع ككل.
وأشار حسين إلى أهمية أن يفهم ويعي الجيل الحالي من الصحافيين الذين لم يعملوا في ظل النظم الديمقراطية ماذا تعني الحرية؟ فالصحافي يجب أن يكون أحرص الناس على الحرية وممارستها بالصورة الحقيقية، لذلك نجد في هذه الفترة الانتقالية نوعاً من التخبط في الأداء الصحافي. موضحاً أن تلك الحرية ترتبط دائماً بالمسؤولية والانضباط والرقابة الذاتية.
وأكد أن “المال أصبح يلعب دوراً كبيراً في توجيه الإعلام من خلال القوة المضادة للثورة”، فهناك صحف عدة تعمل تحت مظلة النظام السابق، في إطار مظلة الحرية المتسعة التي تجد التقدير من المجتمع الدولي، لافتاً إلى أنه تحت هذه المظلة يوجد من يمارس التخريب لمفهوم الصحافة والحرية والعمل ضد مصالح الوطن والمواطن من أجل فئة تمتلك المال، فضلاً عن وجود فئة من الصحافيين جرى المال في عروقها، إذ لا تريد أن تتخلى عن مصالحها، لذلك تدافع عنها بشراسة شديدة، إلى جانب قيامها بنشر الشائعات والهجوم الكاسح على الحكومة الانتقالية وعلى المرحلة برمتها، وكذلك محاولة تشويه بعض المؤسسات التي تواجه ما خرّبه وما أفسده النظام السابق مثل لجنة إزالة التمكين وتفكيك النظام السابق.
وبرأيه أن هناك تركيزاً من “أقلام مأجورة” تمارس هجوماً ممنهجاً على شخصيات لها حضورها في الذهنية السودانية، واستطاعت أن تكتسب التقدير والاحترام من خلال أدائها المميز في المراحل الماضية وتضحياتها، إضافة إلى اتباع أسلوب اغتيال الشخصية تجاه بعض الفاعلين في المجتمع.
وقال رئيس التحرير إنه في ما يختص بالمؤسسات الإعلامية التابعة للدولة، مثل التلفزيون والإذاعة، فإنها تحتاج إلى معالجات بالإبقاء على أهل المهنة والاحتراف الذين ينتمون لهذه الحقبة، كما أن هناك حاجة لنقابة شرعية تدافع عن المهنة ومصالح الصحافيين، وأن تهيّئ البيئة الصالحة للصحافي وتوفر له التدريب العالي والتأهيل، مما يمكنه من ترقية وتطوير أدائه بالشكل الذي يناسب رسالته ووضعه في المجتمع، حتى تعود الصحافة السودانية لرونقها وسابق عهدها.
وأضاف أن كليات الإعلام التي تقوم بتخريج الكوادر المهنية تحتاج إلى تقويم جديد في ظل تغير مفاهيم الصحافة، واتساع رقعة العمل الإعلامي إلكترونياً وورقياً وعبر الوسائط المختلفة، لذلك يجب أن تسعى هذه الكليات إلى تأهيل صحافيين يمتلكون المعرفة العلمية، والقدرة على اكتساب المعارف الجديدة، فضلاً عن الاندماج في الصحافة العالمية بمفهومها الكبير، وذلك بالتصاقها بالمجتمع وقضاياه بصورة مباشرة.
ولفت أن الصحافة ترتبط ارتباطاً كبيراً بالأوضاع السياسية في البلاد، فإذا تهيأت هذه الأوضاع، وكانت ماضية نحو أهدافها، فمن المؤكد سنرى مؤسسات صحافية تستطيع أن ترتقي لمستوى المرحلة.