لم يتبقى من (رائحه) الثوره إلا عبق الشهداء وهؤلاء الشباب الذين يؤمنون بالوطن (واكتوا) بضريره عرسه وبعض (كحل) اللساتك التى تضمخ عيون طرقات البلد…لابد من رمز واحد نلتف حوله وضوء فى أخر النفق نستنير به… وهدف واحد نسعى إليه…القاره من حولنا تأكل فى بنيها…وأن ناتى متأخرين خير من أن لا نأتى….دام الوطن بخيره ببركة هذه الأيام الطيبات والدعوات المستجابات….ومزيدا من الأيادى ا(لمصفقات)…ف (الحمدوك) الواحد ما بصفق… هذا ما كتبه الأخ والصديق، المسرحي مصطفى أحمد الخليفة على صفحته في ( الفيس بوك )، الحالة التي عبر عنها الأخ مصطفي الخليفة هي حالة يعيشها ويعايشها أغلب أهل السودان الذين يرون أن الثورة التي ضحى من أجلها الشباب باغلى ما عندهم (أنفسهم) من أجل أن ينعم الوطن والمواطن في ( حرية وسلام وعدالة ) هي الآن بعد أن تجاوزت مرحلة (االحبو ) لا تقوى على السير وتترنح في مشيها ، كما شكل حالة من الإحباط عبر عنها مصطفى الخليفة وآخرون كثر ، وهي الحالة التي يشعر بها غالبية أهل السودان ،، ولكن ترى كيف ينظر أهل السياسة لحال الثورة بعد عامين من العمر ،، سؤال طرحته ( التحرير ) ، وأجاب عليه مجموعة من قيادات القوى السياسية ،، وجاءت افاداتهم على نحو ما يرد …
في ميدان الاعتصام :
نائب رئيس حزب الأمة القومي، الفريق صديق إسماعيل قال بعد نجاح ثورة أبريل في تغيير نظام الإنقاذ أو نظام حزب المؤتمر الوطني ونتصار إرادة الشعب ، تولت قوى الحرية والتغيير مسؤولية إنفاذ أهداف الثورة ومطالب الثوار والجماهير التي قادت التغيير والثورة ، ولكن للأسف الشديد دخلت قوى الحرية والتغيير ومنذ البدايات في نزاع وصراع مع شريكها في المسؤولية المكون العسكري ،وانعكس هذا الصراع في تعطيل متطلبات المواطن التي خرج من أجلها ضد نظام المؤتمر الوطني . واكد الفريق صديق في حديث ل ( التحرير ) أنه و بالرغم من صدور الوثيقة الدستورية التي اتفقت عليها تلك الأطراف والتي نصت على العلاقة بينهما للعمل من أجل إنفاذ مهام الفترة الانتقالية المحددة والتي تبدأ بالسلام وتحقيق الوفاق الوطني ،إلا أن مجريات الأحداث وما آلت إليه الأحوال تؤكد أن قوى الحرية والتغيير وشريكها المكون العسكري فشلوا فشلا زريعا في إنفاذ أهداف الثورة مما جعلها تقف في ذات المحطة التي بدأت منها قبل عامين من الآن ، لذا إنني أرى أن الثورة وبعد هذه الفترة الطويلة من عمرها ما زالت تقف في ميدان الاعتصام بالقيادة العامة
الأمل كبير:
ويرى مقرر المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير كمال بولاد آن الثوره ستظل فعل مستمر وسأظل جذوة التغيير متقده مهما كانت التحديات، وأشار بولاد إلى أن البلاد الأن تمر بظروف صعبه ، اخطرها استهداف وحدتها ومحاولات تفجير الأوضاع في مناطق الهشاشه الأمنية والاجتماعية،وقال إن هذا أكبر تحدي لأن له خيوط ممتده خارج حدود الوطن، وقال إن الوضع المعيشي وعدم استقرار الأوضاع الاقتصادية أيضا من أكبر التحديات وهي العامل المشترك بين كل هذه التحديات ، وأشار إلى أنها تركة النظام السابق في تخريب النسيج الاجتماعي وقيام المحليات والولايات على أساس قبلي لا تنظر لمستقبل وحده الوطن، وهو ما كان سببا في انهيار كل أدوات الإنتاج وسياده اقتصاد الاستهلاك وغيرها من السياسات أالتي دت إلى تهشيم بنيه الوطن .
وقال بولاد في حديث ل ( التحرير ) إن ثورة ديسمبر – أبريل المجيده طرحت جمله أهداف من أجل الانتقال والتغيير حتى تضع الإنسان السوداني صانع الثورات أمام صندوق الاقتراع ليختار من يحكمه ويقطع الطريق نهائيا على الانقلابات العسكريه والشموليات المستبده. وأشار بولاد إلى أن حكومة الثوره عملت على تحديد أولوياتها واستطاعت أن تقطع شوط معقول في إعادة السودان للمجتمع الدولي وتفتح الطريق لتدفق تحويلات المغتربين والتي نأمل أن تلعب دورا في استقرار الاقتصاد ودفع عمليه الإنتاج، وقال إن الحكومة بذلت مجهودا كبيرا لبناء السلام واسكات صوت البندقية واخيرا بعد أطراف جوبا وقعت اتفاق مباديء مع الحلو وهذا مهما اختلف الناس حوله يعد إنجازا قياسا بظروف تطاول أمد الاقتتال وفقدان الثقه والضحايا. وأكد بولاد على أنه وعلى الرغم من انقضاء عامين من عمر الثورة إلا آن أهم قضايا الانتقال ما زالت تنتظر العمل، منها المؤتمر الدستوري وإكمال خطوات السلام ومناخ وارضية التحول الديمقراطي من قانون الانتخابات والتعداد وغيرها من خطوات الانتخابات. وقال بولاد إن الأمل كبير وبمزيد من التوافق بين القوى الحريصة على إنجاز مهام الثوره وتعبيد طريق التغيير ودعم مسيرة الانتقال نستطيع أن نعبر الجسر بعدما ولجناه في ظروف بالغة التعقيد محليا وإقليميا ودوليا وبتضحيات جسام ، وأكد ان الثورة لا محال منتصره.
خطوة في الاتجاه الصحيح :
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله قال إن الشعب السوداني بالتراكم النضالي استطاع أن يحول معاناته القاسية ،جراء الفساد والاستبداد الانقاذي الذي سخر جهاز الدولة لحماية مصالح وامتيازات قوي الراسمالية الطفيلة ، استطاع أن يحول تلك المعاناة إلى طاقة موحدة لإرادته ،وإلى رغبة عارمة في التغيير، تجلي ذلك في المطاولة السلمية بالنفس الطويل ،الذي حول صدور طلائع الشعب إلى مصدات امتصت فاشية النظام وجردت آلته القمعية والإعلامية من أوهام القوة بالاستعداد المتناهي للعطاء حتي هوى النظام السياسي في 11 ابريل2019. دون أن تتمكن قوى الحراك من تطوير (اتساع الانتفاضة ) إلى إضراب عام وعصيان مدني ،يدفع الجيش إلى (الانحياز إلى الشعب) كما ترسخ في تجربة الانتفاضة في السودان في العام 1984 . مما احدث فراغا تحركت أقسام من مكونات النظام لملئه بالاستيلاء علي السلطة باسم (المجلس العسكري). وأشار خلف الله في حديث ل (-التحرير ) إلى أن هذا التطور أدى إلى بلورة واقع تعاملت معه قوى الحرية والتغيير بالتفاوض مع المجلس العسكري لنقل السلطة التنفيذية إلى مجلس الوزراء بدلا من أن تكون تحت إشراف المجلس العسكري. وقال خلف الله إن حزبه بعد أن تم ( الاتفاق السياسي) بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير وتقنين ذلك الاتفاق كوثيقة دستورية، اصدر بيانا وصف فيه ما تم ب(الخطوة في الاتجاه الصحيح ) رغم أن الحزب يرى أنها جاءت دون مستوى الحد الأدنى الذي تتطلع إليه جماهير الشعب وأشار إلى أن الحزب في بيانه أكد أنه سيعمل مع كافة القوى الحية لتعديل ميزان القوى ليكون بمستوى ما تتطلع إليه جماهير الشعب ،من داخل مؤسسات الحكم الانتقالي ومن خارجها، واضعا في الاعتبار تاثيرات التدخلات الاقليمية والدوليه ،التي جعلتها سياسات النظام وتوجهاته لاعبا أساسيا يسعى للتقرير في حاضر ومستقبل السودان .
وقال خلف الله إن حزب البعث العربي الاشتراكي ظل يؤكد وما يزال ،على اقتران النضال من أجل استعادة الديمقراطية بالحفاظ علي الوحدة الوطنية والسيادة ،إضافة إلى استيعاب حقيقة أن المصالح والامتيازات التي تشكلت خلال الثلاثين عاما الماضية لها عمقها وسندها الاقليمي والدولي الذي سيعمل على إعاقة أي توجهات وطنية لتصفيتها والمساس بها . وأشار إلى أن أول تجليات ذاك النفوذ ظهر في (صنع) رأي عام حول رئيس وزاء بحكومة كفاءات مستقلة، اقتنعت به أو سايرته أغلب مكونات قوى الحرية والتغيير.
تقييم حصاد عامين :
ويرى خلف الله وبعد مرور عامين على الثورة وعلى الصعيد الجماهيري استطاع الشعب أن يبرهن علي حيوية نضالية منحته قدره فائقة علي تجديد الثورة والتشبث باهدافها، ومد السلطة الانتقالية بسند لا قبل به لأي حكومة سابقة ،منتخبة أو بعد انتفاضة شعبية في التاريخ الحديث، كما أن فترة العامين هذه أكدت على وعي حركي جماهيري اجهض المحاولات المتعددة لحرف سلمية حراكه ،ورفضه لكافة مساعي وجهود قوى الردة وذلك من خلال تسير المواكب وتنظيم الوقفات الاحتجاجية ،والانخراط في لجان الخدمات ولجان المقاومة ،ولجنة التفكيك واسترداد الأموال المنهوبة ،وافشال مخطط حلها او تحجيمها ،،ولجان تسيير النقابات ،والالتفاف حول (القومة للسودان) رغم صدورها المتاخر ،والمطالبة المتصاعدة بتصفية بنية التمكين وتقديم عناصر النظام، قتلة شهداء الشعب للمحاكم والقصاص ، وأشار إلى هذه الفترة أيضا كان لها تداعيات ظهرت في الصراع والتشققات وسط قوى الثورة وبروز أكثر من مركز وسط قوى الحراك الشعبي . وعلى صعيد الأداء الحكومي يرى خلف الله أن محصلة الأداء اقل بكثير مما تتطلع إليه القوى صاحبة المصلحة في التغيير، وأكد أن الأحوال المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية تدهورت عما كانت عليه قبل (السقوط السياسي) للنظام المباد، خاصة في الولايات التي تحول فيها عدم الرضي إلى سخط لا يخفي علي احد ، وبرز عدم الانسجام بين ما تدعو له اللجنة الاقتصادية القوى الحرية والتغيير وسياسات الحكومة في، تشكيلتيها، والتي حادت عن تبني سياسات نقيضة لتوجهات الانقاذ وبديلة لها ، والبعد عن توصيات المؤتمر الاقتصادي القومي بحشد الموارد والاعتماد علي الذات وسيطرة الدولة على الثروات المعدنية وتولي مسؤولية دعم وتوفيرالسلع الأساسية والخدمات الضرورية ،وتأهيل شركات القطاع العام وشركات المساهمة العامة ،وربط ذلك بإصلاح جهاز الدولة ،والجهاز المصرفي والتشريعات ،وتوظيف ما استردته لجنة التفكيك ومكافحة الفساد والشفافية في التعاقدات والعطاءات والمشتروات الحكومية، وترجمة ولاية وزارة المالية والخزانة الواحدة ،واستصدار عملة جديدة إلى أخر اطروحات برنامج قوى الحرية والتغيير والموتمر الاقتصادي القومي، وأشار إلى أن ذلك زاد من المعاناة المتفاقمة ،والندرة في السلع الاساسية ،والارتفاع المستمر في مستويات الأسعار ،وتدهور سعر الصرف ، والتدهور المريع في الخدمات ( الكهرباء ،المياه ،الصحة ،البيئة ،النقل ،المواصلات ….الخ) ، وقال إن كل هذا كانت طبيعية لمحصلة النهج النقيض المستسلم للحلول المعدة و للرهان على الخارج و الرضوخ لمطلوبات الدائنين وضغوطات بيوتات الراسمالية والراسمالية الطفيلية ،وهو ما يؤكد استمرار هيمنة عناصر النظام على المفاصل الحيوية للتجارتين الداخلية والخارجية والجهاز المصرفي واستمرار هدر الموارد والثروات بالتهريب،
تراجع الدعم الشعبي :
ويواصل خلف الله تحليله لما آلت إليه البلاد بعد مرور عامين على الثورة ويقول إن عدم استكمال هياكل الفترة الانتقالية ، وفي مقدمتها المؤسسة التشريعية، والمنظومة العدلية والمفوضيات ،وتغيير المؤسسية كواحدة من علامات (الدولة المدنية ) والميل الدائم للانفراد باتخاذ القرارات المصيرية (لقاء رئيس مجلس السيادة برئيس وزراء الكيان الصهيوني) ،وعدم التقيد بالسلطات والصلاحيات ،وعدم الانسجام مابين المجلسين حينا ،ومابين الوزارات ،ومابين السياسات المالية والسياسات النقيدية، وتحميل قوى التغيير أعباء الاصلاح الاقتصادي ،عوضا عن قوي الفساد والثراء الطفيلي ، كل ذلك أدى إلى تراجع الدعم والسند الشعبي للسلطة الانتقالية وتصاعد نشاط قوي الردة ،التي وظفت كل ما سبق الاشارة اليه لخدمة اجندتها وفي مقدمتها اعاقة تصفية بنية الفساد والتمكين والانتقال السلمي والسلام الشامل .
ويرى الناطق باسم حزب البعث عادل خلف الله أن انتقال قوى الحرية والتغييرمن قيادة الحراك الشعبي لإسقاط النظام إلى إدارة السلطة مع (شريك ) افقدها عنصر الوحدة والانسجام ،وتحميلها (كحاضنة) محصلة الأداء الحكومي بكل اثقاله في ظل تباين (التقديرات) التي أوصلت أطراف منها إلى الخروج منها وتبني الدعوة للاصلاح من خارج مؤسساتها، كل ذلك أدى إلى ازدواجية الاضعاف والتي اثرت بدورها في اضعاف فاعلية قوى الحرية والتغيير وهو ما يتطلب الاسراع في بلورة رؤية سياسية تنظيمية تؤهل قوى الحرية والتغيير لتكون اكثر انسجاما وفاعلية ،بتعزيز وتوسيع قاعدتها الشعبية وتواصلها مع الجماهير ،وشركاء السلام ،ودقة ووضوح علاقتها بالسلطة التنفيذية . ويؤكد خلف الله على أن تغييب السلطة التشريعية والرقابية لكل هذا الوقت كان العامل الأكثر تاثيرا في بلوغ الأحوال العامة في البلاد إلى هذا المستوى من التردي والتراجع ،والذي لم يرتقي لمستوى عنفوان الانتفاضة والاستعدادات المتناهية لقواها ،ولا إلى توظيف طاقاتها في تصفية بنية التمكين و تعزيز مقومات الانتقال السلمي وبناء السلام ،واستعادة السودان لدوره في محيطه العربي الافريقي .
الحاجة إلى موجة ثالثة :
رئيس القطاع السياسي لحزب الأمة، فتحي حسن عثمان يرى أن حكومة الفترة الانتقالية بشقيها المدني والعسكري أتيحت لها خلال العامين الماضيين من عمر الثورة العديد من الفرص الكبيرة أبرزها رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان وإزالة إسمه من لائحة الدول الراعية للإرهاب وإعادة الحصانة السيادية للسودان بعدم مطالبته بتعويضات مادية في أي قضايا ارهابية ارتكبت إبان حقبة نظام الإنقاذ المباد بعد دخول الحكومة في تسوية ضحايا المدمرة كول في شواطئ اليمن وتفجيرات سفارتي الولايات المتحدة الأمريكية في نيروبي ودار السلام وعقد مؤتمر برلين لأصدقاء السودان وتوقيع السودان علي الإتفاقية الإبراهيمية بانهاء حالة العداء مع إسرائيل وانضمامه رسميا لمجموع الدول التي وقعت إتفاق سلام مع اسرائيل. وأشار فتحي في حديثه ل (التحرير )إلى أن فترة العامين من الفترة الانتقالية شهدت أيضا مفاوضات مارثونية بين السودان وبعثتي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تم بموجبها قبول تطبيق روشتات وكل ما يطالب به صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من إصلاحات اقتصادية متكاملة شملت رفع الدعم عن القمح والكهرباء والمحروقات وتحرير سعر الصرف، وخلال هذه الفترة أيضا تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الاوروبي بمساعدة السودان على اعفاء ديونه عبر نادي باريس وهو أمر يتم الاستعداد له في الخرطوم ويشهد تنسيقا علي أعلى المستويات بين أصدقاء السودان، ويقول فتحي إلا أنه وعلي الرغم من كل هذه الاختراقات الكبيرة والمؤثرة في بنية النظام الاقتصادي السوداني الذي شهد عودة البنوك والمصارف والمؤسسات المالية العالمية الأوروبية والأمريكية والخليجية وعودة التحويلات المالية دون قيود أوعقبات، إلا أن كل ذلك لم ينعكس على حياة المواطن السوداني، بل بالعكس تماما حيث شهدت الأوضاع الاقتصادية تدهورا كبيرا بانفلات أسعار السلع الإستهلاكية وتأكل سعر صرف الجنيه السوداني أمام العملات الاجنبية ، ووصول التضخم لنسبة ثلاثمائة وأربعين بالمائة أعلى نسبة يشهدها السودان منذ قيامه كدولة ، وتدهورت الأوضاع الأمنية وزادت الاحتقانات والمواجهات في دارفور وشرق السودان وشهدت المدن السودانية الكبيرة حالات انفلات أمنى كبيرة، ويرى فتحي أنه وعلي الرغم من التهليل والاستبشار بتوقيع اتفاقية سلام جوبا إلا أنها أصبحت اتفاقية سلام سياسي بين قادة الحركات المسلحة والدولة السودانية ولم يتحقق السلام الاجتماعي بين المكونات الاجتماعية التي تحاربت وتقاتلت في دارفور تارة بالوكالة وتارة أخرى بالأصالة، فلم تنعكس اتفاقية سلام جوبا علي الأرض لتسهم في تفكيك معسكرات النازحين وتسهم في عودتهم الطوعية إلى قراهم وتحقق الأمن على الارض بنزع سلاح المليشيات والمتفلتين.
في محطة التشظي: ويقول فتحي إن هذه ملامح ما وصل إليه الحال في أبرز ملفات الفترة الانتقالية ،ويشير إلى أن ذلك يمكن تسميته ب (الموجة الثانية ) من الثورة واننا نحتاج إلى موجة ثالثة بعد أن توقفت الثورة في محطة تشظي الحاضنة السياسية لحكومة الفترة الانتقالية وتلاشي قوي إعلان الحرية والتغيير وانقسامها علي نفسها وخروج كثير من المكونات السياسية والاجتماعية من هياكل الحرية والتغيير ومجلسها المركزي وتجاوز الشركاء من حملة السلاح لتلك المحطة وتكوين مجلس شركاء الحكم كبديل لوعاء الحرية والتغيير كثير الثقوب والشقوق، ويرى فتحي ان الثورة بعد عامين تقف في محطة الإحباط واليأس والسخط العام والمخرج هو الموجة الثالثة التي ستنتج اصطفاف وطني جديد عبر ميثاق العقد الإجتماعي الجديد.
الإصرار على مطالب الثورة :
ويقول صالح محمود القيادي بالحزب الشيوعي إن ثورة أبريل التي شارك فيها كل الطيف السوداني من قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني وجماهير كانت نتيجة تراكمات ولم تكن نتيجة لحظية ،هذه التراكمات خلقت في نفوس الجماهير السودانية شحنات هائلة من العملية الثورية والتي ظهرت من خلال الانتفاضات والتظاهرات الشعبية التي شهدتها العديد من مدن السودان قبل الخرطوم ، حتى جاءت اللحظة الأكثر وضوحا في العملية الثورية في 16 يناير من العام 2018 عقب المذكرة الشهيرة التي رفعها الحزب الشيوعي إلى والي ولاية الخرطوم والتي أعلن فيها رفضه للميزانية المجازة التي من شأنها أن تزيد من معاناة المواطن بصورة لا يمكن احتمالها، وبعدها أخذت الثورة مناحي عديدة انتهت بالتغيير الذي تنشدة الجماهير والقوى السياسية. و طالب محمود في حديثه ل ( التحرير ) بضرورة التفريق بين جماهير الثورة والقوى السياسية التي ما زالت تصر على إنجاز كل المطالب التي خرجت من أجلها والواردة في المواثيق التي تم التوقيع عليها من جانب قوى الثورة والتي تم تضمينها في المواثيق المشتركة ، وقال يجب بعد مرور عامين على الثورة أن نفرق بين هذه القوى التي لا زالت متمسكة بالسير في طريق إنجاز تلك المطالب ، وهي قوى فاعلة تضم بعض القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني ولجان المقامة في كل مناطق السودان و بين تلك التي انحازت لمن يخططون لتعطيل سير الثورة ، وهي القوى تضم المجلس العسكري وبعض فئات الرأسمالية الطفيلية وقوى الهبوط الناعم من الأحزاب السياسية التي أظهرت عن توجهاتها في أواخر أيام حكم المخلوع والتي كانت قد نادت بقيام انتخابات 2020 وشاركت في ما عرف بحوار الوثبة الذي كان يهدف للتوصل إلى إجراء تعديلات غير جوهرية في ممارسات الدولة والقوانين وموافقتها على إستمرار المخلوع البشير على رأس الدولة بالسماح له بالترشح لدورة رئاسية بعد إجراء تعديلات على الدستور .
اختطاف مؤسسات الحكم :
وعبر محمود عن عميق أسفه بنان تلك القوى وبمساعدات خارجية إقليمية ودولية تمكنت من الوصول لاختطاف مؤسسات الحكم، وأكد أنها لن تستطيع اختطاف الثورة ولم تنجح في تغيير مواقف الثوار الذين توصلوا إلى قناعة راسخة ان الذين يديرون شؤون الحكم في البلاد لا يعبرون عن مطالب الثوار المشروعة والتي على رأسها قضايا العدالة ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خاصة المتورطين في مجزرة اعتصام القيادة العامة وكل المجازر التي حدثت في الولايات . وقال إن هذه المجموعة الحاكمة باسم الثورة فشلت في معالجة قضايا المعيشة التي خرج من أجلها الثوار وزادت من الضائقة المعيشية باتباعها للسياسات المرتبطة بشروط مؤسسات التمويل الدولية ، كما فشلت في قضايا الأمن وزادت حدة التفلتات الأمنية وانفجرت الأوضاع في كل مدن السودان وفي العاصمة الخرطوم وفي كل إقليم دارفور. وأشار إلى أن هذه المجموعة الحاكمة تسعى الآن لإنتاج قوانين تهدف لإنتاج دكتاتورية جديدة وذلك بالابقاء على القوانين المخالفة للمعايير الدولية والعمل على إجازة قانون جهاز الأمن الذي يمثل انتكاسة للحريات العامة ، هذا علاوة على ما تشهده البلاد من تدخلات خارجية بموافقة الحكومة والمتمثلة في قيام القواعد العسكرية ، بالإضافة لقانون الاستثمار الذي يعطي جهات خارجية الحق في استغلال أراضي البلاد لفترات طويلة . وقال محمود إن ما تشهده البلاد الآن من التظاهرات في العديد من مدن السودان هو دليل على أن الجماهير لن تسكت على ما يحدث وأنها مصرة على استكمال مطالب الثورة ، ورغم من حالة الإحباط إلا أن الثوار متمسكون بأهداف الثورة وهذا هو الضمان الحقيقي لعدم انتكاسة الثورة