الأربعاء ٥ مايو ٢٠٢١
صحيفة الديموقراطي
صرَّح السيد / محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع وعضو مجلس السيادة في السودان الديموقراطي ، على الملأ وفي محفلِ عام تصريحاً هذا نصهُ (إذا تم المساس بالدين سأكون أول المجاهدين) ، ثم أعقب ذلك بحصر وإحصاء مجموعة المشكلات والعقبات التي تواجه حكومة المسار الإنتقالي وفي مقدمتها الأزمات التي يعاني منها المواطن لأسباب معظمها معلومة ومتداولة ، مُنهياً حديثهُ بأن هموم الناس وإحتجاجاتهم ومعاناتهم لن يستمع أو يلتفت لها أحد وسيُضرب بها عرض الحائط ، مُعبِّراً عن ذلك بالعامية السودانية (مافي زول شاغال بيكم) ، ليبقى السؤال المطروح إلحاحاً بالضرورة (وما هو موقفك أيها القائد حميدتي من مؤامرة تجاهُل مُعاناة المواطن التي تتهم بها الحكومة الإنتقالية ، وأنت جزءاً منها ، بل أنت الجزء الأكثر أهمية وسُلطةً وقُدرة على التجاوب والمناورة ، بالنظر إلى منصبك الحالي وما بين يديك من إمكانيات مادية ولوجستية ؟).
فالإختباء وراء المبرِّرات الواهية للمسئولية خلف ستار الإنقسامات (الوهمية) داخل مكونات الحكم الإنتقالي التي بدأت (بعسكر ومدنيين) ، و إنتهت إلى صراعات الإستقطاب السياسي الحزبي والجهوي والمصلحي ، لن يُجدي أمام هذا الشعب الذي (أبدع) وأدهش العالم في سُمو وعيه السياسي ، وقدرتهِ على تحليل الوقائع وإكتشاف (الترُّهلات) الشكلية والضمنية فيما ترمي إليه تصريحات النافذين ، كان من باب أولى أن تُقر قيادات الحُكم الإنتقالي ونافذيه والمُبشِّرين بالإنتقال والسودان الجديد ، أن النظام الديموقراطي لا (يتنازع) مع الأديان ولا توجد في مبادئهِ ومدلولاته وهياكله وقوانينه (فُرصةً) ولو ضئيلة تدفعُ أحداً (للجهاد) أو النضال للدفاع عن معتقداته ، يجب أن يقوم قادة الإنتقال الديموقراطي بتبشير الشعب السوداني بهذه (المُكرمات) و(الفضائل) التي توفِّرها وتُتيحها الديموقراطية للدين والمُتديِّنين.
أما الإشارة إلى الإخفاقات والإحباطات إن سلَّمنا بمثولها في واقعنا رغم أن قياسها نسبي ومرحلي وغير مُطلق ، فهو مسئولية جماعية للذين يَحكمون ويُحكمون ، يتحمَّل فيها الشعب السوداني جزءاً من المسئولية لأنه هو الذي قام بالتغيير وهو من يجب عليه تحمُّل التبعات المؤقتة القاسية والموجبة للصبر والإحتساب ، وإلا أصبح أمر تنصُّل بعض قادة الإنتقال من المسئولية تجاهها ، مُجرَّد دعوة غير بريئة للثورة والإنقلاب على الشُركاء الآخرين ، عبر إعتبارهم مُسبِّباً أساسياً للفشل وتطاوُّل الأزمات ، أو من جانبٍ آخر إشارة موجَّهة للجمهور تفيد (قُدرة) حميدتي على حلحلة مشكلات البلاد وحدهُ دون شريك لو أُتيحت لهُ الفرصة ، وفي ذلك منظورٌ يدعو بصورة مباشرة للشمولية من جديد ، إن كان لابد للحقيقة من بث (الإتهامات) وجب أن تُعلن غير مُبهمة ومباشرة ومعنوَّنة بأسماء الأشخاص أو المؤسسات التي تتحمَّل المسئولية و يقع عليها جبر الضرر العام والخاص ، بدون ذلك لن (يُمرِّر) الشعب السوداني كل ما يُلقى على أُذنيه جُزافاً ولن (ينجو) من المسئولية أمامهُ أحد.