شكل اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك مساء اليوم ( ٢٥ رمضان الموافق ٧ مايو ٢٠٢١) حدثا مأساويا ، دمويا، بشعا ، انتهك حقوق الإنسان انتهاكا سافرا يستحق الادانة بقوة ووضوح.
مثلما تم انتهاك الحقوق في (حي الشيخ جراح) جرى اقتحام و استباحة باحات المسجد الأقصى، وجرى ضرب مصلين بالرصاص المطاطي في رؤوس وعيون، وتم اخراجهم بالقوة من المسجد بعد اهانتهم بأساليب شديدة الاذلال، وتشمل الاعتداءات حاليا مناطق أخرى في القدس.
رسالة رئيس الوزاء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (الرمضانية) موجهة لأطراف عدة في العالم والمنطقة، وفي صدارتها الولايات المتحدة الأميركية .
نتانياهو غاضب من سياسة الرئيس جو بايدن فلسطينيا ودوليا ،وأحدث دليل أن واشنطن أعربت عن قلق بشأن تطورات القدس الشرقية، وهو قلق لم يكن يساور البيت الأبيض في زمن الرئيس المهزوم انتخابيا دونالد ترمب .
رسالة نتانياهو التي تريد( قلب الأولويات) في العالم موجهة أيضا الى الأوروبيين الذين يتقاسمون مع أميركا الآن خطوات السعي لايجاد معالجات وتفاهمات مع ايران بشأن ملفها النووي.
رسالة نتانياهو (الرمضانية) العدوانية في المسجد الأقصى تهدف لإحداث ربكة في المنطقة الخليجية والعربية ، خصوصا أن هناك تحركات إيجابية بين السعودية وإيران.
جرت لقاءات سرية باتت معلومة بين مسؤولين سعوديين وايرانيين ،وهي تؤشر الى وعي بأهمية أن يحتكم الجانبان الى نهج الحوار في سبيل التفاهم والتعاون ، بديلا عن الخصومة والصراع الحاد ، وهذا تطور ايجابي يزعج نتانياهو ،لأنه قد يؤدي الى استقرار الأوضاع في الخليج،وفتح أبواب التعاون بين دولتين كبيرتين في المنطقة .
رسالة نتانياهو (الرمضانية) العنيفة في القدس تأتي غداة جريان مياه جديدة تحت جسر العلاقة المصرية التركية، اذ طار وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية واجتمع في القاهرة مع وفد ترأسه نظيره المصري ،في خطوة وصفت ب(الاستكشافية)،تمهيدا لحلحلة قضايا ساخنة.
المؤكد أن تطبيع العلاقات بين مصر بثقلها الكبير وتركيا بمكانتها الفاعلة سيؤدي -اذا توصل الجانبان الى قواسم مشتركة – إلى انفراجة في أجواء المنطقة ،وهذا يزعج نتانياهو .
مناخ التلاقي يزعج نتانياهو ، وفي هذا السياق فانه أول الغاضبين والمنزعجين بعودة المياه الى مجاريها بين قطر من جهة، والسعودية ومصر والإمارات والبحرين من جهة أخرى ، بعدما ساد (حصار ) وقطيعة ،أضرت بشعوب الدول الخمس وحكوماتها.
نتانياهو لا تعجبه كل هذه التطورات الايجابية ، ولهذا يسعى الى افتعال المشكلات في القدس المحتلة ، ليضرب توجهات بايدين وتحركات دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط.
هذه التحركات ما كان بالامكان حدوثها اذا لم يطل بايدين في البيت الأبيض إلى جانب أسباب داخلية وقراءات جديدة تخص تلك الدول التي تعبت من الصراع ،لكن تأثيرات أصابع السياسة الأميركية الجديدة مؤثرة في احداث تحولات في سياسات دول المنطقة .
معلوم أن نتانياهو. يركز على توسيع دائرة (التطبيع) مع دول خليجية وعربية ،لحرق ورقة ضغط كانت تصب في مصلحة الفلسطينيين ،اذ كانت بعض الدول العربية تربط عملية التطبيع مع اسرائيل بضرورات قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
رسالة نتانياهو (الرمضانية) ضد المصلين في المسجد الأقصى في ليلة رمضانية هي رسالة شديدة الاحراج الى من قالوا إنهم (طبعوا) لدعم الشعب الفلسطيني .
هاهو نتانياهو يهديهم في رمضان (باقة ورد دموية) ،وقد تجعل من العسير على (أصدقائه الجدد) قبولها علنا، وبينهم (قادة في السودان )جاءت بهم (ثورة شعبية سلمية ) رفعت شعار(حرية ..سلام.. وعدالة).
الدول العربية والإسلامية عودتنا الاكتفاء ببيانات تنديد ، وهاهي تسارع الى شجب اقتحام (الأقصى) وبعض البيانات لا يشير الى سياسة نتانياهو القمعية،وهي تخاف من مجرد ذكر اسمه .
في هذا السياق ،ماذا يقول من سارعوا في الخرطوم إلى اتخاذ قرارات ليست من اختصاصهم بشأن (التطبيع) في توقيت خاطيء يعبر عن افلاس سياسي وبؤس في الخيال السياسي .
قلت وأكرر أنهم خاضوا في ميدان ليس من أولويات الثورة السودانية في هذه المرحلة الانتقالية ، وإنهم يخلقون مشكلات داخل السودان ، اذ أنهم يشقون الصف الوطني في مرحلة انتقالية حساسة تتطلب وحدة الصف والتكاتف.
والأهم في هذا السياق أن (صديقهم) نتانياهو يعيش حاليا في حالة (غيبوبة سياسية) رغم أنه استخدم تقاربهم معه في حملات انتخابية لم توفر له أغلبية لتشكيل حكومة جديدة.
الفلسطينيون أصحاب حقوق مشروعة،ولا سبيل لاحلال السلام الا بأن تضغط أميركا وأوروبا والأمم المتحدة وكل من يدعم الحرية والعدالة في العالم على حكومة اسرائيل ،كي تتراجع سياسات القمع ،لتنطلق الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة اسرائيل.
الفلسطينيون داخل فلسطين وفي المهاجر يشكلون حقيقة انسانية كبرى ،وليس في مقدور أحد أو أي سياسي واهم أن يقتل عدالة قضيتهم،وحقهم في العيش الكريم،أو (يسمسر) أو (يقتات) من دمائهم وأوجاعهم وأحزانهم.
قضية الشعب الفلسطيني -كما هي قضية الشعب السوداني خلال ثورته السلمية الباهرة- هي قضية (حرية..سلام..وعدالة).
واهم من يظن أن ارادة الشعوب من أجل الحرية والعدالة والسلام يمكن أن تقهر..
ارادة الشعوب لا ولن تنكسر مهما طال ليل الظلم..
الحرية والعدالة والسلام قيم انسانية رفيعة لا تمنحها حكومات ظالمة بل تنتزعها الشعوب (كما انتزعها شعب السودان) بالتضحيات.. والصبر.. والقبض على جمر المواقف العادلة.
– لندن – ٧ مايو ٢٠٢١
اللهم انصر حراس القدس على أعدائهم
اللهم اللهم برحمتك