سوريا تعرضت لحرب ظالمة ونسعي لإعادة العلاقات العربية العربية ولن نلتفت للوراء.. الانتخابات الرئاسية في سوريا استحقاق دستوري وثلاثة يتنافسون علي مقعد الرئاسة..
جلست ” التحرير” امام سعادة السفير السوري حبيب علي عباس، سفير جمهورية سوريا لدى السودان، فى حوار تناول حقيقة الاوضاع التي تدور بالدولة السورية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة فى نهاية الشهر الجاري، وملامح الصراع الذي تمر به سوريا وطبيعة العلاقات الدولية والاقليمية فى ظل مرحلة رئاسية جديدة ، بجانب اهمية المرحلة المقبلة فى إطار الوحدة السورية وعمليات إعادة الإعمار وعودة اللاجئين .
الانتخابات الرئاسية استحقاق دستوري
ابتدر السفير حبيب علي عباس حديثه لــ” التحرير ” قائلا : الانتخابات الرئاسية للعام 2021 واجبة وملزمة بحكم الدستور المعمول به، وهو الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في عام 2012 والدولة السورية قائمة وملتزمة بالدستور وتطبيق بنوده فى كافة المجالات ، ويعتبر الاستحقاق الرئاسي وانتخابات مجلس الشعب والادارة المحلية استحقاقات رئيسية فى العمل السياسي في الدولة ولذلك تجري هذه الانتخابات وفقا لقواعد الدستور .
وما هي الاجراءات الخاصة بالسوريين في المهجر ؟
ظلت سوريا ورغم ظروف الحرب الظالمة منذ 2011 وحتى الآن لم تتأخر الحكومة عن التزاماتها الدستورية ، حيث تمت الانتخابات السابقة في عام 2014 بانتخاب مجلس الشعب والمجالس المحلية فى كل ارجاء سوريا ، والدستور ينص علي ان تجري انتخابات رئاسة الجمهورية في سفارات سوريا بالخارج وينتظر ان تشهد السفارة السورية بالخرطوم في يوم 20 مايو الجاري اقتراع الجالية السورية وجهزت السفارة بدورها قوائم الراغبين فى التصويت لهذه الانتخابات.
وهل الرئيس بشار الاسد سوف يترشح وحيدا ؟
هذه الانتخابات تعددية وبلغ عدد المرشحين ” 51″ مرشحا إلا ان الدستور يشترط أن ينال المرشح علي 35 صوتا من اصوات عضوية مجلس الشعب إضافة إلى شروط شخصية اخري ، وتحقق هذا الشرط في ثلاثة من المرشحين وهم الرئيس بشار الاسد ، والسيد عبدالله عبدالله ، والسيد محمد برعي، حيث ينحصر التنافس بينهم ، واكملت السفارة كامل الجاهزية لتأمين الانتخابات ومنح الناخب حريته الكاملة فى اختيار من يراه مناسبا.
هل تعتقد بان هذه الانتخابات سوف تشهد إقبالا كبيرا من المواطنين السوريين ؟
اعتقد بان التجاوب سوف يكون كبيرا، ولا شك ان ظروف الحرب في العشرة سنوات الماضية ، ونجاح الدولة السورية فى محاربة الارهاب والحفاظ علي وحدة الاراضي السورية ، منح دافعا كبيرا للمواطنين السوريين فى الداخل والخارج للمشاركة فى هذه الانتخابات.
تجري هذه الانتخابات فى ظل ظروف صعبة من تآمر الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا و بريطانيا وتركيا، علي الدولة السورية ، واعتقد ان اسباب الحرب فى سوريا لم تعد خافية على احد، وحتي من كان فى المعارضة السورية اصبح يقر بذلك ويقولون بان ما جرى كان خطأ كبيرا ارتكب فى حق سوريا، وانه تم بدعم كثير من الدول، ولا شك ان استقلال القرار السوري وعدم تبعيته لمشيئة الدول الغربية لعب دورا كبيرا فى إستهداف سوريا ، ومحاولة إعادتها لبيت الطاعة بالسياسات الاستعمارية ، ولاشك ايضا ان موقف سوريا من القضايا القومية وتحديدا العدوان الدائم للكيان الصهيوني كان من اسباب محاربتها.
واضاف السفير حبيب عباس، أن سوريا ورغم الجراح التى اصابتها بعد حرب عشر سنوات ، لازالت تؤكد على مواقفها الثابتة فى حق المقاومة وتحرير الارض وهذا النهج نشأنا عليه ثقافيا واجتماعيا وسياسيا ولا يمكن التخلي عنه.
هناك من يشكك فى نتائج الانتخابات المقبلة مسبقا ؟
نحن نسمع اصواتا كثيرة من دول غربية وغيرها من الدول حول الانتخابات ونتائج الانتخابات، ونحن نجيب بان هذه الانتخابات تجري وفقا للدستور السوري ، وإجراءها والاشتراك فيها واجب وطني ، ولقد حاولت هذه الدول مجتمعة إسقاط الدولة السورية بتقديم الدعم للإرهاب فى سوريا ، حيث قدمت المال والسلاح والمظلة الدولية لحمايتهم بالتعاون مع الكيان الصهيوني وتركيا، الإ ان النتائج تؤكد فشل هذا المشروع على الرغم من الآثار الكبيرة التى تركتها الحرب وخاصة علي الجانب الاقتصادي فى سوريا، الإ ان إرادة الشعب صلبة ومستمرة فى محاربة الإرهاب وإعادة بناء الدولة السورية للتعافى من آثار الحرب الظالمة .
هل هناك مشروع سياسي جديد بعد جولة الانتخابات ؟
لا شك ان المشروع السياسي الذى قاده الرئيس بشار الاسد منذ بداية الحرب ، ويؤكد عليه بشكل دائم ويتمركز على قضايا محاربة الإرهاب أولا ، ولا يمكن بناء دولة والإرهاب مستشري بسوريا، ويتضمن البرنامج إعادة الإعمار وتحسين الوضع الاقتصادي وعودة اللاجئين، وكل هذه الاهداف ركائز اساسية في مشروع الرئيس بشار الاسد، أضف اليها تأمين المصالح تأمين المصالح الوطنية فى سوريا على قاعدة حب الوطن والعمل على إستقراره وإعادة بناءه .
وما طبيعة العلاقات الخارجية لمواجهة المرحلة المقبلة ؟
السياسة الخارجية السورية تقوم علي احترام الاصدقاء والدول التى وقفت إلى جانب سوريا فى هذه الحرب بشكل كبير ، ونعمل بقوة علي اعادة العلاقات العربية العربية كاحدي اولويات الخارجية السورية ، ورغم كل ما حدث مازالت لدينا قناعة بان التضامن العربي السياسي الاقتصادي العربي له القدرة علي عودة الامة العربية بشكل أقوى ، واضاف السفير حبيب عباس، بانه من الملاحظ خلال العشرة سنوات الماضية ان الدول الغربية تستفرد بكل قطر عربي بشكل منفرد وممارسة ضغوط كبيرة عليه ذات آثار اقتصادية وسياسية وإجباره على إتخاذ قرارات قد لا تتوافق مع المصلحة العامة ، وهذا ما يجعل قناعتنا تزداد بضرورة مجابهة هذه الضغوط فى إطار عربي منظم وجامع يخدم الامة العربية بشكل اكبر، ونأمل ان يكون فى المستقبل مشروع عربي متكامل تتبناه الدول العربية ليصبح حصنا منيعا امام المشاريع الخطيرة التي تستهدف الامة العربية ، سيما ان الامة العربية مرت عليها الكثير مراحل الخلافات التى اضعفتها ، وتمكن تجاوزها في فترات سابقة .
كيف تنظر لواقع العلاقات السودانية السورية اليوم ؟
الحديث عن العلاقات العربية العربية هو حديث محزن، وربما كنا نأمل ان تقف الدول العربية على جانب سوريا فى حربها ضد الإرهاب، والحرب فى سوريا كانت حرب طاحنة بين مئات الآلآف من الارهابيين التكفيريين الذين دخلوا سوريا عبر حدودها مع تركيا والعراق،علما اننا كان هناك تعاون كبير مع العراق لمحاربة الارهاب في سوريا والعراق وعند الحديث عن العلاقات العربية العربية كان بعضها جيدا ودول نأت بنفسها وبعضها ساند ودعم الارهاب، ولذلك كان الحديث محزنا، وسوريا لم تتاخر فى واجبها العربي فى دعم اي قضية عربية، ومع ذلك نحن ننظر إلى علاقتنا العربية إلى الامام ولا ننظر إلى الخلف كما قال الرئيس بشار الاسد
وبالنسبة للعلاقة مع السودان استمرت العلاقة بيننا علي مستوي السفارات بين البلدين ، وكانت العلاقة فى حالة سكون ، ربما لظروف يعيشها السودان ، وربما تفاديا لبعض الضغوط عليه، والسودان يظل غاليا على سوريا وطبيعة العلاقات المتجذرة بين الشعبين، وظهر ذلك من خلال استقبال السودانيين لاشقاءهم السوريين الذين تدفقوا للسودان باعداد كبيرة في الفترة ما بين 2013 وحتي 2019 وكان تقدير الوجود السوري فى السودان بلغ 175 الف سوري وسورية ، الإ انه حسب تقديراتنا انخفض إلى ما لايتجاوز 30 الفا ويتضح ذلك من خلال المعاملات القنصلية بالسفارة، ولا توجد احصائية رسمية بالسفارة باعداد السوريين فى السودان، وفي تقديري ان هذا الانخفاض يعود لعدة اسباب، منها أن هناك كثير من المناطق تم تحريرها وعاد لها الامن والاستقرار ولذلك كثير من العائلات عادت اليها، والأمر الآخر يتعلق ببعض الظروف الصعبة التي قد يعاني منها عدد من اعضاء الجالية دفعتهم للهجرة إلى دول أخرى ، ونأمل فى ظل الحكومة الجديدة فى السودان ان تتحسن العلاقات السورية السودانية في جميع المجالات فى ظل حكومة الثورة التي ترفع شعار” حرية سلام وعدالة” ونتمني ان يتحقق فى السودان ويعمل علي سلامة وحرية الدول الشقيقة ، وخصوصا ان هناك قواسم مشتركة كثيرة تجمع بيننا ونعمل علي محاربة التطرف في كل المجالات وخصوصا التنظيمات الارهابية كداعش والنصرة ، ونثق بان السودان قادر علي تجاوز الفترة الماضية وان الحكومة الحالية لا تملك عصا سحرية لإحداث التغيير دفعة واحدة ، ولكنها تسير في الاتجاه الصحيح وتحقيق كافة اهداف الاستقرار الاقتصادي والامني.
واشار السفير حبيب عباس إلى ان الجالية السورية في السودان لديها بعض المعاناة وتعرفها الحكومة بشكل جيد ، ويأمل في المساعدة على حلها ، مشيرا الي السوريين في كل الدول التي هاجروا اليها بظروف الحرب تعيش في حالة من الاستقرار ولم يكونوا يوما عالة علي اقتصاد الدول التي ذهبوا اليها ، واليوم نلاحظ بان الجالية السورية في مصر اصبحت من اكبر الجاليات الداعمة للاقتصاد المصري بشهادة الحكومة المصرية وبلغت الاستثمارات السورية مليارات الدولارات وكذلك الحال في الامارات وتركيا والمانيا ، واستطاعت تلك الدول الاستفادة من الكفاءات والخبرات العملية والمهنية السورية التي انفقت عليها سوريا الكثير من الاموال علي مر السنوات .