قال خطيب وأمام مسجد الهجرة بودنوباوي الأمير عبدالمحمود أبو، الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار في خطبة صلاة العيد اليوم إن صلاة العيد مظاهرة إيمانية يظهر فيها المسلمون تماسكهم وتعاضدهم وشكرهم لله الذي أنعم عليهم بأداء الصيام والقيام.
وأشار إلى أن الإسلام دخل إلى السودان عن طريق التجار والرعاة والدعاة فاعتنقه أهل السودان بالرضا وانتشر بينهم حتى استقر في وجدانهم واختلط بحياتهم. وظل أهل السودان يواصلون إكمال حلقات الإسلام عبر الفقهاء والطرق الصوفية ، وخلاوي القرآن ، حتى جاءت المهدية فأكملت حلقات الإسلام بإعلان الجهاد على المستعمر وتصحيح المفاهيم الخاطئة القائمة على التقليد والجمود ، فالتف الناس حول الدعوة الجديدة وحددوا في ظلها هويتهم وحققوا كينونتهم وارتبطوا بالعقيدة بدل الارتباط الضعيف بالقبيلة وكانت المهدية في ذلك معبرة عن كل حركات الإصلاح في العالم الإسلامي وحققت للسودان التحرير والتوحيد والتعريف وأكملت حلقات الإسلام فيه بإقامة التشريع .
وقال الشيخ أبو ان بلادنا تواجه تحديات تتطلب الصبر والصمود والعزيمة للعبور بالوطن إلى بر الأمان. وناشد المواطنين بإصلاح ذات البين، والاتفاق على كلمة سواء لمواجهة التحديات التي تواجه الوطن ، وقال إننا بالوحدة نتجاوز الصعاب، وباتفاق الكلمة نحقق المعجزات.
وترجم الشيخ أبو على روح الإمام الصادق المهدي وقال إن العيد هذا العام بها علينا وقد غاب الإمام هذه المرة غيابا أبديا، و رحل عن دنيانا الفانية، وعزاءنا أنه أدى رسالته وأكمل معالم مدرسته، واطمأن على المؤسسات التي شيدها لتواصل مسيرته، وأكرمه الله بأن تحققت كلمته التي قالها في بداية النظام الانقلابي ( الديمقراطية عائدة وراجحة)، فرأى في حياته عودة الديمقراطية؛ رحل بعد أن أثمر غرسه.
وقال خطيب مسجد الأنصار إن الإمام الصادق المهدي ظل يؤكد دائما إنه تعهد كثيرا من أبنائه وبناته في الكيان بشقيه الدعوي والسياسي؛ روحيا وفكريا ووطنيا، وأنه واثق من أن مدرسته قادرة على الاستمرار وتطوير ذاتها من خلال عطاء المؤمنين بها، وأنه بنى مؤسسات سياسية ودعوية وفكرية، تحكمها نظم ولوائح، وأهدافها محددة هي من يخلفه؛ وقال إننا نؤكد له أن الراية التي رفعها لن تسقط بإذن الله، وإن كياننا بشقيه الدعوي والسياسي سيواصل المسيرة ملتزما بالمبادئ ومجتهدا لمواجهة المستجدات، مع تجديد الوسائل واضعا أمامه المقاصد الكلية التي قام هذا الكيان لتحقيقها.
وأكد أبو أن الدعوة المهدية في السودان إحياء للدين، وإصلاحا للتدين، وتحريرا للوطن، واستعادة لكرامة الإنسان؛ وقال إن الأنصار في سبيل تحقيق أهداف الدعوة الأنصارية واجهوا الاحتلال الأجنبي، والاستبداد الداخلي، والأفكار الهدامة يمينا ويسارا، وقدموا كثيرا من التضحيات دون كلل ولا ملل .
وأكد أبو أنهم عارضوا النظام السابق معارضة واعية، برَّأت الدين من التشويه، وأصَّلت للقيم والمبادئ التي يقوم عليها الحكم الراشد، وقال إن موقفنا هذا أكَّد أن ما يمارسه النظام لا يمثل الإسلام؛ فدين الإسلام كله عدل ورحمة وكل تصرف خرج من العدل إلى الجور، ومن الرحمة إلى ضدها، فليس من الشريعة في شيء
وطالب خطيب مسجد الأنصار الحكومة الانتقالية أن تلتفت لأوجه القصور وأن تضع خطة عاجلة لمعالجة هذه الأزمات؛ كما طالب ان يكون الأساس في التعامل بين مكونات الحكم المدنية والعسكرية الثقة والتعاون والالتزام بالوثيقة الدستورية؛ وأن تكون هناك خارطة طريق واضحة ومحددة ببرامج مرتبطة بأسقف زمنية واستنهاض الشعب للمشاركة في تنفيذ برامج الفترة الانتقالية.
وأكد أبو في خطبته على ضرورة الإسراع في استكمال مؤسسات الفترة الانتقالية ومتطلباتها، مثل المجلس التشريعي والمؤسسات العدلية والمفوضيات، والالتزام بالفترة المحددة المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية.
والالتزام بحقوق المواطنة لجميع السودانيين في تقلد الوظيفة العامة؛ وتجنب أساليب الاقصاء والتمكين التي أفسد بها النظام البائد الخدمة المدنية؛ كما طالب بضرورة الابتعاد عن الدخول في القضايا الخلافية، وعدم التسرع في التعامل مع القضايا التي تحتاج إلى إشراك أصحاب المصلحة؛ وأشار إلى أن القضايا التي حولها خلاف مثل التطبيع والعلمانية وتعديل القوانين يجب تركها للمؤتمر القومي الدستوري الجامع الذي يقدم بها تصورا للحكومة المنتخبة والمفوضة من الشعب.
وقال إن سياسة السودان الإقليمية والدولية ينبغي أن تقوم على الاحترام المتبادل وتراعي المصالح الوطنية والابتعاد عن المحاور؛ وبالنسبة للعلاقة مع الجارة إثيوبيا دعا إلى معالجة القضايا محل الخلاف بالحوار ومراعاة مصلحة البلدين والعلاقة التاريخية بينهما والالتزام باتفاقية تحديد الحدود بين البلدين الموقعة عام 1902م.
وأكد الشيخ أبو أن التطبيع مع الكيان الصهيوني قبل الوصول إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين وإعادة حقوقهم إليهم؛ يعتبر تشجيعا للدولة الصهيونية على الاستمرار في ممارساتها العدوانية وإضفاء شرعية على وجودها القائم على الباطل؛ والصهيونية مثلها تماما كمثل الصليبية والإسلاموية؛ حيث تتفق الحركات الثلاث على استغلال الدين لأغراض سياسية ظالمة.
ودان أبو في خطبته العدوان الصهيوني على المقدسيين وبيت المقدس ، وقال إنه عدون يوضح أن الصهيونية لا يمكن أن تعيش طبيعية مع الآخرين؛
وأشار إلى ما قاله الإمام الراحل الصادق المهدي بأن التطبيع بهذه الطريقة الابتزازية يدل على عدم وعي بإحساس السودانيين الكبير بالكرامة، وحتى الذين يؤيدون لأسبابهم إقامة علاقات مع إسرائيل سوف ينفرون من هذا الأسلوب المذل.
وحول العلمانية قال الشيخ أبو إنها في بعدها الفلسفي ضد الغيب، ولا تعترف إلا بالعالم المشاهد المحسوس مكانا وزمانا؛ وأشار إلى أنها ظاهرة غربية جاءت رد فعل على ممارسات رجال الدين ومواقفهم الرافضة للعلم وللعقل ولكرامة الإنسان ولتحالفهم مع الحكام الظالمين وتبرير عدوانهم على حرية الشعوب، وأكد أن العلمانية لا مبرر لها في المنهج الإسلامي الصحيح ولا يوجد في الإسلام رجال دين؛ بل فقهاء شرع غير معصومين واجتهادهم قابل للخطأ والصواب، وأكد أن الإسلام احتفى بالعلم والعلماء وقبل نتائج العلم التجريبي؛ وطالب بسؤال أهل العلم والأخذ برأيهم؛ وأنه لا تناقض بين حقائق الدين وحقائق العلم في الإسلام.
وأكد خطيب مسجد الأنصار أن الأسباب التي دعت لظهور العلمانية في أوروبا غير موجودة في ديننا؛ وعليه فإن الدعوة للعلمانية في بلادنا كثقافة وكأطروحة فكرية مفهومة؛ أما كتطبيق فصب للزيت في النار ونخشى أن تفتح الباب لفتنة نحن في غنى عنها.
وقال إننا نقبل التحاور مع دعاة العلمانية للوصول إلى قواسم مشتركة ونرفض فرض العلمانية علينا بالقوة دون إرادتنا. إن قضية العلمانية قضية خلافية تحسم قوميا.
وأكد أبو أن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو ) جاءت نتيجة للتطور الإنساني في مجال الحقوق، وتبنت الأمم المتحدة إقرار هذه الاتفاقية اتساقا مع الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان.
وأشار إلى أن هيئة شؤون الأنصار نظمت ورشة بأمانة المرأة في يوليو2004م شارك فيها علماء وخبراء وخاطبها الحبيب الراحل بكلمة ضافية ذكر فيها أنه تأمل بنود اتفاقية سيداو الثلاثين ولم يجد نصا يتحفظ عليه، ولكنه يعتقد أن النص كله مدبج في شكل جاف كأنها وثيقة مطلبية، وكأنما المرأة موظف عند الرجل وفي هذه الوثيقة يمنحها حقوقا في عالمه ،واشار الى ان الإمام الراحل قدم سبعة مقترحات طالب بإضافتها لمعاهدة سيداو قائلا: ينبغي ألا تقف من سيداو موقف القبول التبعي، ولا موقف الرفض الإنكفائي؛ بل موقف القبول لمبدأ إزالة كافة أنواع التمييز ضد المرأة مع إضافة النقاط السبعة المذكورة؛ وهو اتجاه لا ترفضه الأسرة الدولية؛ لأن ما ترفضه الأسرة هو على حد تعبير المادة (28/2) لا يجوز إبداء أي تحفظ يكون منافيا لموضوع هذه الاتفاقية وغرضها.
وقال الشيخ أبو ان الإمام الراحل الصادق المهدي في منتدى المرأة بحزب الأمة في 19 سبتمبر 2020م ، أكد أن سيداو تطور في الفكر العالمي، وهي اتفاقية فيها ثلاثين بندا، أغلب الدول الإسلامية قبلت سيداو ولكنها دونت تحفظات في ستة بنود. فندت التحفظات أمام قبول سيداو ويقول هنالك من يحشر قضايا ليست موجودة في سيداو مثل العلاقات المثلية بين الرجل والرجل والمرأة والمرأة، ويهاجمون سيداو باعتبار أنها تبيح ذلك؛ وهذا ليس صحيحا.
وأكد أبو أنهم مع الاتفاقية من حيث مبدأ القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والدعوة إلى إغنائها روحيا وخلقيا وإيمانيا مع أقلمتها لتتلاءم مع الكرامة الإنسانية التي دعا لها الإسلام – خاصة وأن المادة (23/ أ) تنص على الآتي: ليس في هذه الاتفاقية ما يمس أي أحكام تكون أكثر تيسيرا لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة وتكون قد وردت(أ) في تشريعات دولة من الدول الأطراف. ونحن نؤكد أن ديننا يشتمل على أحكام أكثر ملاءمة لتحقيق كرامة المرأة مما وضعه البشر؛ علينا أن نجتهد لإبراز هذه المبادئ لنساهم في إغناء المواثيق الدولية.
وقال إننا في هيئة شؤون الأنصار سوف نواصل البحث في سيداو والبروتوكولات الملحقة وأدلة الرافضين لها والموافقين مسترشدين بمنهج الإمام الصادق المهدي عليه من الله الرحمة والرضوان ونقدم الموقف الذي تتبناه المؤسسة بإذن الله.