كتب الإعلامي إسلام صالح الذي عمل لفترة طويلة بالتلفزيون القومي مذيعا مقدما لعدد من البرامج وهو أحد كوادر الإسلاميين مقالا تناقلته عدد من مواقع التواصل الاجتماعي قدم فيه نقد لتجربة حكم الإسلاميين، قال في مستهله إنه يشعر بالصدمة من حالة النشوة التي يعيشها بعض الإسلاميين، فرحين بالفشل الذي تغرق فيه حكومة (قحت)، وأشار إلى أن حالة النشوة هذه يخالطها شعور بالشماتة بالشعب السوداني، الذي في نظرهم قد (تهور) بإسقاط حكمهم .
وقال إن فشل حكومة (قحت) يعود لعدة أسباب منها ما يرتبط ( بالحاضنة) و وما يرتبط بالداخل والخارج، والموضوعي وغير الموضوعي، لكن أهم أسباب ما تشهده الفترة الإنتقالية من فشل وما يعانيه الوطن من أزمات هم الإسلاميون أنفسهم، لأنهم دون بقية القوى السياسية هم أصحاب التجربة (الأطول والأسوأ) في حكم السودان ويتحملون وزر ما حدث وما يحدث وما سيحدث من نكبات.
وأشار إسلام في مقاله إلى أن حكومة حمدوك فشلت لأنها وجدت خزينة منهوبة، وبنى مهترئة و مشاريع خاسرة، ومنها ما بيع بأبخس الأثمان، ولأنها وجدت خدمة مدنية عاطلة، وقدرات معطلة، وطاقات مهمشة لم يُحسن توظيفها أو إدارتها، ولأنها وجدت وطناً جريحاً أنهكته الصراعات، ونسيجاً إجتماعياً مزقته القبلية والعصبية وسياسة فرق تسد،
وفشلت حكومة (الكفاءات) لأنها أتت خالية من الكفاءات، فاستوزروا قليلي الخبرة ومدعييّ المعرفة، وزاد من الطين بلة أن يعمل هذا الهجين أو الفريق الحكومي بلا رؤية أو خطة ولا هدى ولاكتاب منير، وأشار إلى أن مافاقم من هذا التردي أن الإنقاذ عمدت طيلة ثلاثين عاماً إلى إقصاء الكفاءات الناجحة حتى من غير معارضيها (وفقاً لقاعدة من ليس معي فهو ضدي) فأفرغت الوزارات والدواوين من كل صاحب رؤية أو عقل مستنير.
وأكد إسلام أن الفشل الذي نعيشه اليوم تتحمل وزره الإنقاذ التي أفسدت الحياة السياسية، وعطلت الأحزاب ، ثم أعادت لبعضها الحياة بقدر ومقدار ولاء قادتها لها، فانشغل هؤلاء بالمكاسب والمناصب، وانصرفوا عن كل مامن شأنه إصلاح حال أحزابهم المتكلسة.
وقال إن الإنقاذ فعلت كل ذلك لأنها لم تكن طيلة ثلاثين عاماً مشروعاً وطنياً يسعى إلى أن يلتف السودانيون حوله، وليتوافقوا على ثوابت وطنية يعملون لها وعلى أساسها، وليجنبوا بلادهم ما تعيشه من فشلٍ اليوم.
وأكد أنه ليس من حق المنتشين من الإسلاميين بفشل (الحاضنة) و(ربيبتها) أن ينتشوا، لأن حمدوك لم يتول السلطة عبر انتخابات جرت بنزاهة وشفافية في عهد البشير (الزاهي المزدهر) ، أو بموجب انتقال سلس للسلطة، ليعود الشعب من بعدها بالتصويت لصالح السلف والإعتذار له عن الخطأ وسوء التقدير.
وأشار إلى أن من بقى من الإسلاميين مع الإنقاذ إلى أن لفظت أنفاسها هم في مأزق أخلاقي كبير لأن مشروع الإنقاذ لم يكن إلا مشروعاً سلطوياً، دام ثلاثين عاماً، مستنداً على دعامتي الفساد والقمع، ولم يكن بناء الوطن وتطوير مقدراته وموارده أكبر همهم ولا ضمن أجندتهم، أو هدفاً من أهدافهم.
وطالب إسلام تيار الإسلاميين أن يتطهروا من تجربتهم في الحكم ومن نتائجها الكارثية على البلاد والعباد، وقال إنهم وقبل أن يقفزوا مباشرة لمرحلة توجيه النقد والتقريع لمن خلفهم، عليهم أن يتذكروا أنه ليس بمقدورهم القفز على حقائق التاريخ ومحو ثلاثين عاما من ذاكرة الشعب السوداني.
وقال إن الإسلاميون إذا ما فكروا في خوض التجربة الديمقراطية القادمة، فإن أولى مقتضيات هذه الخطوة هي الاعتراف بالخطأ الذي ارتكبوه بحق السودان وبحق الديمقراطية التي وأدوها، وقبل ذلك ما اقترفوه بحق الإسلام والشريعة التي أساؤوا إليها بتجربتهم الشائهة، وأن يعكفوا على مراجعة فكرية تؤسس لمنهاج وممارسة سياسية جديدة، في ظل دستور يحمي الحريات ويرعى مبدأ التداول السلمي للحكم، وقال إن على الإسلاميين ان يفعلوا هذا لأجل الوطن، قبل أن يرقصوا طرباً لفشل هذا أو ذاك.