يجيء تدمير قوات الاحتلال الاسرائيلي برج (الجلاء) في مدينة غزة اليوم (١٥ مايو ٢٠٢١) الذي كان يضم مكاتب مؤسسات اعلامية في صدارتها شبكة الجزيرة،ووكالة اسوشيتد برس الأميركية ، ليرسم مشهدا يؤكد مجددا وحشية الممارسات، والنهج الدموي ، الذي يهدف إلى اسكات الاعلام، كي لا يفضح أساليب ونتائج البطش متعددة الأشكال والألوان ضد الفلسطينيين .
استهداف مكاتب اعلامية في غزة اليوم يأتي في اطار سياسة الأرض المحروقة التي يطبقها بشراسة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، الذي قتلت قواته عددا من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب،ودمرت مساكن مواطنين، وبطشت بمصلين في المسجد الأقصى، و قمعت تظاهرات احتجاجية سلمية ، وسعت وتسعى لاخراج سكان في حي (الشيخ جراح) بالقدس من بيوتهم.
تدمير البرج يعبر عن محاولة غاشمة و يائسة لإرعاب وإرهاب الصحافيين المواكبين للأحداث، في سبيل عرقلة ومنع أدوارهم ،التي تكشف شلالات الدم بالصوت والصورة .
ما جرى اليوم يأتي في سياق سلسلة جرائم عدة ارتكبت ضد الصحافيين الفلسطينيين والدوليين الذين يعملون في الأراضي الفلسطينية .
في هذا السياق يبدو واضحا الدور الحيوي الذي تقوم به حاليا شبكة الجزيرة الفضائية،في سياق مواكبتها للأحداث الكبرى، وتغطيتها على مدار الساعة لوقائع الحرب الحالية ،وهي تقدم عملا مهنيا راقيا، و جديرا بالاحترام والتقدير.
المهنية ملموسة ومحسوسة في أداء مراسليها الرائعين، وأرى أن كشف (الجزيرة) ما يتعرض له الفلسطينون من قتل بدم بارد ينسجم مع قيم ومباديء حقوق الانسان ، ما يضفي على دورها بعدا (حقوقيا) مهما، اذ لاقيمة لأي عمل إعلامي لا يهتم بكرامة الإنسان وحقوقه الانسانية .
أي ما أروع المهنية التي تنطلق من منصة الوعي بحق الناس المشروع في عملية تدفق المعلومات، وكشف الحقائق على الهواء مباشرة، هذه أرقى وأرفع وأروع مستويات المهنية .
(الجزيرة) تتصدر الآن بتغطيتها للحرب في فلسطين قائمة المنصات الإعلامية الدولية بلا منازع أو منافس، وقد باتت بهذا الدور الاعلامي، المهني، الحقوقي و الإنساني تشكل مصدر خطر على الطغاة ،قتلة الأطفال والنساء،ومنتهكي حقوق الإنسان .
(الجزيرة) بهذه الإطلالة الواثقة والمشحونة أيضا بدروس التجربة والخبرة باتت تمثل أكبر رئة للتنفس الطبيعي لضحايا الظلم والقمع، في مواقع عدة بالعالم، كما أنها مصدر معلومات موثوق به في أوساط عدة.
ولتعزيز هذا الدور الايجابي ، وهو يؤشر الى حيوية أدوار السياسة القطرية في هذا الشأن ، فان على الدول الكبري، وفي مقدمتها الولايات المتحدة في زمن الرئيس جو بايدين الذي أعلن اهتمامه بملف حقوق الانسان، أن تتخذ خطوات لا تقف في حدود الادانات اللفظية لقتلة النساء والأطفال ومنتهكي حقوق الصحافيين، اذ أن المطلوب بالحاح توفير الحماية الدولية للصحافيين في العالم كله .
الأمم المتحدة مدعوة أكثر من أي وقت مضى للبحث في وسائل وآليات جديدة لحماية الصحافيين من القمع ، والبطش، من المحتل، أو من أية دولة تقمع الانسان وتقهره وتصادر حقوقه .
و رغم بشاعة الاستهداف المستمر للصحافيين في العالم، لم يعد في مقدور الجلادين أن يخفوا الحقيقة ، اذ بات الفضاء مفتوحا للقنوات الفضائية ، ووسائل التواصل الاجتماعي والاذاعات والصحافة الحرة ، كي تلعب دورها الريادي ، بتعرية مصاصي دماء الشعوب المتطلعة للحرية والعيش الكريم، وبينها الشعب الفلسطيني الذي يخضع في القرن الحادي والعشرين لاحتلال جائر وبشع، لكنه حتما سينتصر،طال الزمن أو قصر..
خلاصة القول.. التحية لزملاء الحرف الأخضر في فلسطين والدوحة.. وفي أي بلد يولي إعلامه اهتماما بحقوق الإنسان ، ويشمل ذلك تدفق المعلومات.. بسلاسة وشفافية …
لندن- ١٥ مايو ٢٠٢١