في الوقت الذي تستضيف العاصمة الفرنسية باريس، اليوم الاثنين، مؤتمرا لدعم السودان بحضور القوى الإقليمية بينها مصر، اعتبرت صحيفة “لوموند” الفرنسية، أن اهتمام فرنسا بالسودان على الرغم من أنها ليست منطقة نفوذ يرجع إلى موقعها الإقليمي بين الدول الكبرى في المنطقة مثل مصر، وإدراكا منها للمصلحة الاستراتيجية لإقامة شراكة مع دولة على حدود البحر الأحمر وعلى الحدود مع ليبيا وتشاد ومصر وإثيوبيا.
وقالت الصحيفة الفرنسية إنه “بعد أن تحرر السودان من العقوبات الأمريكية التي أبعدته عن الأسواق المالية، تستعد البلاد لعودته إلى الساحة الدولية”.
ووفقا للصحيفة الفرنسية، فإن الهدف المعلن للمؤتمر هو تقديم السودان في ضوء جديد، وهو الهدف الذي أظهره الوفد برئاسة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك ورئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، يرافقه ثمانية وزراء ونحو خمسين من قادة القطاع الخاص في باريس.
ولفت الصحيفة إلى أن تنظيم مؤتمر دولي في باريس جاء لتشجيع إحياء هذا البلد الذي يعاني اقتصادا مضطربا عشية القمة المخصصة لتمويل الدول الأفريقية، والتي انعقدت أيضًا في العاصمة الفرنسية.
ووفقا للصحيفة الفرنسية فإنه “منذ سقوط نظام عمر البشير في أبريل 2019، إثر احتجاجات حاشدة، تعهدت فرنسا بتنظيم مثل هذه الفعالية لدعم عملية الانتقال السياسي وتقديم الدعم المالي لهذا البلد الذي ظل بعيدًا عن السوق الدولية، بسبب إدراج الولايات المتحدة السودان في عام 1993 على “قائمة الدول الداعمة للإرهاب”، لا سيما لاستقبالها زعيم القاعدة، أسامة بن لادن.
وفي ديسمبر الماضي، قبل مغادرة البيت الأبيض، رفع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب السودان من هذه القائمة السوداء المرادفة للعقوبات الاقتصادية وعرقلة الاستثمار الأجنبي، بحسب الصحيفة الفرنسية.
وتابعت: “بعد عامين من سقوط عمر البشير، لا يزال السودان يواجه العديد من التحديات، إذ شرعت البلاد في انتقال سياسي غير مسبوق نتج عن “شراكة” بين المدنيين والعسكريين ويفترض أن تؤدي إلى انتخابات بحلول عام 2024″.
وأشارت “لوموند” إلى أن إرث ثلاثة عقود من حكم البشير، اتسم بالفساد وسوء الإدارة، فضلا عن وزن ساحق لديون تقدر بأكثر من 60 مليار دولار، تجعل المهمة صعبة بشكل خاص على القادة الجدد.
وأضافت الصحيفة أنه “ستكون مفاوضات الديون السودانية الموضوع رقم واحد في المؤتمر الدولي، إذ تحتاج الخرطوم إلى المساعدة في تسوية متأخرات السداد مبدئيًا من مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الأفريقي”.
وفيما يتعلق بالمساعدات، أوضحت الصحيفة أنه “في يناير، تعهدت واشنطن بتقديم 1.15 مليار دولار كمساعدات للسودان لمساعدته على سداد ديونه للبنك الدولي”.
كما أقرضت المملكة المتحدة والسويد وأيرلندا عدة مئات من الملايين من الدولارات للخرطوم لتسوية أوضاعها مع بنك التنمية الآسيوي، من جهتها، قالت فرنسا إنها مستعدة لتقديم قرض تجسيري يصل إلى 1.5 مليار دولار لمساعدة الخرطوم على سداد متأخراتها لصندوق النقد الدولي.
ووصفت الصحيفة، السودان بأنه الآن تلميذ جيد في صندوق النقد الدولي، الذي جدد في 10 مايو دعمه للإصلاحات التي تجريها السلطات وأعلن خطة تمويل تمهد الطريق لتخفيف الديون.
من جانبها، قالت كريستالينا جورجيفا، العضو المنتدب لصندوق النقد الدولي، بأن هذه “خطوة حاسمة في مساعدة السودان على دفع عملية تطبيع علاقاته مع المجتمع الدولي”، في انتظار الضوء الأخضر الرسمي من المؤسسة – سيعقد مؤتمر في يونيو، بواشنطن.
ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى ما قاله وزير الخارجية السابق عمر قمر الدين، والمستشار الحالي لعبد الله حمدوك للشراكات الدولية: “لا يزال المسؤولون السودانيون متفائلين. لم نعد دولة تدعم الإرهاب المنهك بالديون ويقودها الإسلاميون. لقد تغير وجهنا، لقد عدنا إلى المجتمع الدولي وبدأنا عملية سلام في الداخل مع مجموعات متمردة مختلفة. بلدنا غني بالموارد، ويقع في قلب منطقة استراتيجية”.