أحبابي .. 18من شهر مايو 1966م انتقل الي الرفيق الأعلى الرجل الانسان والمناضل والمجاهد رجل الزمان والمكان بحكمته وبعطائه و رجل المهام الصعبة، و لقد أجمع على ذلك الاعداء قبل الاصدقاء و الغرباء قبل الأقربين بانه المعلم و المربي و الحامي لعرض ولعرف ولوطن و نحن احفاده و ابنائه لنا الفخر أن نكون من نسل ذاك الوطني الغيور. لقد وجدت معاناة وانا أحضر لرسالة الماجستر عن السيد عبد الله الفاضل المهدي، واسبابها كانت تكمن في غزارة وأهمية المعلومات التي حصلت عليها للبحث عن طريق المقابلات والمراجع، ولولا قيد الرسالة بعد محددة من الصفحات لكنت الي اليوم اكتب ولأمتلأت مجلدات، لان اي معلومة تحصلت عليها وجدتها أهم من التي سبقتها.
السيد عبدالله، رحمه الله وأحسن اليه، كان من الشخصيات النادرة في كل مناحي الحياة وضع بصماته بقوة الارحمه الله وسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والمتصدقين والصابرين.
واسمحوا لي ان انزل لكم مختصر البحث عن هذا القامة الانسانية والوطنية ولقد مضي علي رحيله 48 عاما.
ولد السيد عبد الله عام 1890 بامدرمان والدته هي زينب محمد ابراهيم فونج من سلالة ملوك الفونج وجدها ابراهيم فونج كان من امراء الفونج الذين عاشوا في القطينة وامها فاطمة بنت عبد الرحمن حفيدة المك عجيب المانجلك. هاجرت امه تحمل اولادها الثلاثة مع ركب الخليفة عبدالله بعد واقعة الشكابة واستشهاد الفاضل والبشري والخليفة محمد شريف هاجرت الي منطقة الدويم وعندها توفي ابنها محمد وبنتها بسبب مرض اصابهما، استقرت وابنها عبد الله في القطينة وتزوجت السيدة زينب الناظر هباني وانجبت منه يوسف وابراهيم وبشري وقمر هم اخوان السيد عبد الله من والدته، وكان من اهم صفاته صباحة الوجة وعذوبة الحديث وحسن المعشر ووقار وهيبة وقدرة هائلة علي اكتشاف واجتذاب العناصر التي تدعم صفوف الانصار وحزب الامة.
أكمل مراحل الخلوة و المدرسة الأولية تحت رعاية خاله سر الختم، و بعدها حضر الامام واخذه معه الي امدرمان حيث أكمل تعليمه الثانوي، التحق السيد عبد الله بكلية غردون قسم الزراعة وتخرج اوائل العشرينات ثم التحق بمدرسة كسلا الزراعية وبعدها توظف في الحكومة الثنائية لمدة وجيزة في الزراعة في جهات طوكر.
كان مهتم بالزراعة و كان له مستشارين من مصريين و أجانب خاصة من إيطاليا لتطويرها في السودان ، كما كان سابق لعصره رغماً عن تعليمه المحدود، ولدينا من الوثائق مايثبت أن كل سفرياته للخارج كانت لعقد الإتفاقيات التجارية و التنموية.
كان محبا للإمام عبدالرحمن وكان احد كبار معاونيه و لا يخاطبه الا بعبارات تدل علي التقدير و الاحترام و الاعتزاز، مثل سيدي الوسيلة و سيدي الوالد الوسيلة أو سيدي الامام و سيدي القدرة و هي عبارات تفيض بالاحترام و التقدير للإمام الذي رباه و علمه و كان بمثابة الإبن الأكبر له.
وهو أحد المؤسسين لمؤتمر الخريجين، و يعتبر رمانة ميزان المؤتمر لما إتصف به من صدق و رجاحة في العقل وإتزان في التناول و بعد نظر في دراسة أحوال البلاد.
مد جسور التواصل مع الحركة السياسية ورجال الطرق الصوفية ورجال الدين وله ايادي في إنشاء المدارس والمعاهد الدينية و كان حريصاً علي مواصلة ذوي القربي و الجيران ويولي العلاقات الإجتماعية الإهتمام الأكبر.
يعتبر السيد عبد الله مهندس اتفاقية الجنتلمان التي قررت فيها مصر إلتزام جانب الحياد و التي نكصت عنها فيما بعد.
تزوج السيدة أم الكرام الخليفة شريف 1914، و أنجبت له من الذرية الطيب و قمر و كمال و رقية و مفيدة و بدور و إسماعيل و الصادق، و في 1936 تزوج من السيدة منيرة عبد العزيز القباني و أنجبت له الفاضل و وفاء و حباب و زينب و نعمات و مبارك، و حرص علي تعليم أبناءه و بناته في المدارس و الجامعات داخل وخارج السودان.
علاقته الطيبة مع مصر لعبت دوراً هاماً في نيل السودان لحقوقه كاملة، خاصة وأن بينه وبين اللواء محمد نجيب ثقة بلا حدود.
لعب دورا هام اساسيا في ثورة اكتوبر1964 وسعي لتوحيد الصف الوطني.
لعب دوراً هام في إنجاح كافة المشاريع دائرة المهدي ، و قد فتح أبواب العمل لأفراد المجتمع و نقلهم الي حياة الإنتاج و الاستقرار و التنمية.
دخوله الجمعية التشريعية كان بمثابة طلقة البداية لتحقيق الحكم الذاتي و الجلاء و هذا يدل علي بعد نظره في قيادة حزب الامة برلمانياً.
لعب دور هام في مقاومة حكم عبود الذي فجر أحداث المولد الشهيرة، و في إيقاف نزيف الدم الذي كاد ان يفجر الأوضاع في الوطن، و قد تفهم الفريق عبود القضية واطلق سراح الامام الصديق.
رفض تولي أمامة الانصار مع أحقيته لها، و عمل علي جمع شمل كيان الانصار، وقد كان صمام الامان للحزب وللكيان، و بعد وفاته عصفت بالكيان الخلافات و توالت الانقلابات العسكرية.
يحسب له انه عمل مع الإمام عبدالرحمن علي تكوين حزب الأمة علي أسس علمية وهيكلية لم تكن متبعة قبلاً.
لمس بصدق حسه و بعد نظره إلي ملمات، ولفت نظر القائمين علي الامر لتفاديها. و لقد كان بعيد الافق في التنبيه لما يخطط له صلاح سالم و الذي قاد الي أحداث مارس 1954 مع التنسيق مع جمال عبد الناصر لتدببر تصفية محمد نجييب، و إتهام الانصار بإغتياله.
كان لسان حال الامام عبد الرحمن لثقته التامة في مقدراته في ادارة الحوارات التي تكفل للوطن حريته و استقلاله.
عمل علي تطوير العمل الزراعي باستيراده لوابورات زراعية من الخارج و هو أمر لم يكن معمول به من قبل مما أدي الي مضاعفة الانتاج وإرتفاع دخول العاملين.
ساهم في تشييد المساجد و الخلاوي و المدارس مع الاهتمام بالمراة و الصناعات المحلية.
أول من عمل علي إيجاد قطاع تجاري حديث قوامه رأس المال السوداني.
يرجع له الفضل في انشاء مسجد بالقصر الجمهوري إبان عضويته لمجلس السيادي و وافق الازهري و بقية أعضاء المجلس علي طلبه.
فتح آفاقاً للاكتشافات و التنقيب عن الثروات المعدنية الدفينه بإنشائه شركة تعدين بهدف إستغلالها.
إستحدث عنصراً إيجابياً في مصلحة الاقتصاد الوطني بجلبه لراس المال الاجنبي الخاص و إستغلاله تمويل وتطوير المشاريع الوطنية.
و في الجانب الاجتماعي ساعد الامام في الحفاظ علي ما تبقي من أسرة المهدي و عمل علي جمع كيان الانصار.
أسس أول شركة سودانية لتفويج الحجاج الي الأراضي المقدسة1962
ساهم مع عمه الإمام عبدالرحمن المهدي في تأسيس و انشاء دائرة المهدي بابي حليمة في شرق النيل جهة الكدرو، وأمتد بعد ذلك التوسع في المشاريع شمل قندال و أبا و الجمالاب و الشوال و غيرها.
اللهم أرحمه بقدر ما جاهد و ناضل و كافح من أجل الإسلام و السودان و الوطن و لقد كان بكل المقايس شخصية حملت رسالة الاجداد وجاهد فيها خير جهاد ، تحمل المسؤلية وادى الأمانة خير أداء.
والرسالة مهداة الي المجاهدين الاحرار من اجل الحرية والشوري والي الكيان الانصاري والاسرة الامام المهدي والاسرة السيد عبد الله والي والدتي.رقية عبد الله واقل ما يمكن ان اقدمه الي هذا الكيان العظيم تثبت مجاهداته عسي ان تستمر المسيرة ويعاد الهيبة لهذا الكيان العظيم بان نسير علي هدي الاباء والاجداد، و ما التوفيق.الا بالله عليه توكلت واليه أنيب.