تناولت المنصات الاعلامية المختلفة وعلى نطاق واسع خلال الساعات الماضية حديث مناوي حاكم أقليم دارفور الغير موجود على ارض الواقع ( اعني تسمية الاقليم ) والذي طالب الحكومة الانتقالية بسرعة دفع الاستحقاقات المادية لأقليم دارفور والبالغ قدره ٧٠٠ مليون دولار سنويا حسب نص إتفاقية جوبا إضافة الى ٤٠% من جملة الدخل الخاص بأقليم دارفور في خزينة الدولة .
ولم تكن مصادفة ان يطالب مناوي بهذا المبلغ الدولاري بالتزامن مع إعلان بنك الاستيراد والتصدير الافريقي بموافقته على دفع مبلغ ٧٠٠ مليون دولار لحكومة الفترة الانتقالية وذلك في فعاليات مؤتمر باريس والذي عقد خلال الايام القليلة الماضية .
ولعل الجميع تابع ان مبلغ البنك الافريقي سيكون من اولى الدفعات التي ستدخل خزينة الدولة من جملة المبالغ التي أعلنت من كل الدول والجهات المانحة خلال هذا المؤتمر وحسب تأكيدات ادارة البنك ان وصول المبلغ لخزينة الدولة سيتم خلال ايام قليلة جدا .
وبمجرد ان علم المناضل الكبير مناوي بهذا الخبر المفرح حزم حقائبه وهجر العواصم الاوربية التي كان موجودا فيها منذ فترة ليست بالقصيرة تاركا من ناضل من أجلهم سنينا عددا في معسكرات اللجوء والنزوح في دارفور وتشاد وافريقيا الوسطى وبمجرد سماعة بخبر هذه الدفعية المحترمة من البنك المعنى حتى سال لعابه وهرع للخرطوم وبمجرد ان وطأت قدماه ارض المطار طالب باستحقاقات دارفور وفورا !!
مناوي لم يطالب بسرعة انفاذ بند الترتيبات الامنية وهذا البند هو المحك الاساسي لسلطتك في دارفور . منذ تعيينك كحاكم عام لدارفور لم تحضر للخرطوم مباشرة لترتيب اوضاع الاقليم . لم تبدأ فورا في تشكيل القوات المشتركة لحفظ الامن في دارفور حسب نص الاتفاقية . لم تحضر حتى لتؤدي القسم وارتبط قدومك من اوربا ارتباطا وثيقا ببدء التدفقات الدولارية لخزينة الدولة سواء تعمدت ذلك او لم تتعمد ولكن اللبيب بالاشارة يفهم .
ولا أدري هل يعلم مناوي ام لا يعلم ان التدفقات المالية المتوقعة اصبحت مربوطة ببرامج محددة وسيتم مراقبتها بدقة من الدول الخارجية ومن صندوق النقد والبنك الدولي . الوضع الآن ليس كما كان في إتفاقية ابوجا الذي وقعته انت مع حكومة المؤتمر الوطني والاموال الطائلة التي كانت تمنح بدون مراقبة وبدون حساب وكانت تدفع فقط لشراء المواقف والاتفاقيات .
واذا كنت لا تعلم فلتعلم ان البنك الافريقي خصص هذا المبلغ لبنود محددة منها الطاقة والصحة ليس لدارفور وحدها انما لكل السودان ودارفور جزء لا يتجزأ من هذا الوطن وسيكون له نصيبه في الطاقة والصحة مثله ومثل باقي أقاليم السودان في جنوبه ووسطه وشرقه وشماله والبنك الافريقي لم يطلب ان تعطي دارفور ميزة تفضيلية في هذا القرض .
وهذا الحديث يقودنا للتساؤل عن تفاصيل إتفاقية جوبا في هذا الشأن .. حسب نص الاتفاقية هناك مبلغ سنوي سيخصص لدارفور اعتقد ٨٠٠ مليون دولار سنويا وعلى مدى عشرة سنوات اضافة الى ٤٠ % من دخل أقليم دارفور . والسؤال هنا كيف ستدار مشاريع التنمية في دارفور ..هل خصما من هذا المبلغ المخصص لدارفور ام من الخزينة العامة للدولة .؟ وبعني آخر وبعد ان تدفع الحكومة المركزية ٨٠٠ مليون دولار سنويا لدارفور هل ستدفع ايضا لاي مشاريع تنموية تقام في دارفور ام ان حكومة الاقليم هي من ستقوم بذلك من ميزانيتها الخاصة . ؟
وفي خطاب تعيين مناوي حاكما لدارفور ومن ضمن مهام واختصاصات حاكم الاقليم لاحظت وجود بند يعطي الحق لحاكم الاقليم بعقد اتفاقيات وصفقات اقتصادية مع دول خارجية !!! هل هذا الحق سيمنح لكل أقاليم السودان ام هو حكر فقط لدارفور ؟؟ أسئلة كثيرة تحتاج الى توضيح وشرح حتى لا نخلق دولة داخل الدولة .
وحتى يأتي ذلك اليوم الذي سينعقد فيه مؤتمر الحكم في السودان وتقسيم السودان الى أقاليم معروفة ومحددة بحدودها الحغرافية وصدور القانون الخاص بالاقاليم نقول للاخ مناوي ( اصبر شوية يا راجل والمثل بيقول الفقرا بتقاسموا النبقة وما في طريقة تشيل النبقة كلها يا مناوي )
كان الله في عوننا