1- الشيخ علي الزين.
الشيخ علي الزين (77 سنة) ، من أنصار الله .
مؤذن مسجد قرية ام متيلو، بالضفة الغربية لنهر عطبرة، بمحلية الدامر في ولاية نهر النيل .
ظل الشيخ الزين، وهو أعمى فقد نعمة البصر من الصغر ، يداوم علي رفع الآذان في مسجد القرية في مواقيت الصلاة ، دون إنقطاع لما يقارب الـ 50 عاماً .
يعتمد الشيخ الزين على نفسه في الذهاب للمسجد، ولا يتقيد بوجود مساعد .
ربط الشيخ الزين بحبل بين المسجد ومنزله الذي يبعد عن المسجد بحوالي 300 متر . يمسك الشيخ الزين بالحبل في قدومه ورواحه ، فيصل إلى المسجد ومنه إلى منزله ، دون مساعدة من أحد .
يفعل الشيخ الزين فضيلة من الفضائل التي دعانا الامام الأكبر عليه السلام للتمسك بها في راتبه العظيم … فضيلة الاعتماد على النفس .
علمتنا التجربة في كوبا وفي كوريا الشمالية ، إن الإعتماد على النفس أساس كل تقدم وترقٍ . فإن اتصف اكثر أفراد الشعب بهذه الفضيلة ، كان ذلك الشعب قوياً وعظيماً، وكان السرّ في إرتقائه وتقدمه وقدرته هو تلك الخصلة فقط.
ترتكز التربية عند أنصار الله على المسؤولية الفردية ، وأداء الواجب، والاعتماد على النفس.
تعزز فضيلة الاعتماد على النفس الثقة في النفس وإمكاناتها، وتساعدها على تحمل المسؤولية، والأخذ بالأسباب ، فإن ( قَدرُ الرجل على قد همته ) ، او كما قال الإمام علي كرم الله وجهه .
أي أن قيمة شخصية كل فرد يجب أن يُبحث عنها في مستوى اعتماده على نفسه، ودرجة علو همته، وكلما كانت حصة الإنسان من هذه الفضيلة الخلقية اكبر كانت قيمته اكثر.
وبهذا الصدد يقول الشاعر:
كن كالشمس في استنادك إلى نفسك فإن نور الشمس يشع من نفسه
طوبى للشيخ الزين تمسكه بفضيلة الإعتماد على النفس .
2- الذكرى الـ 28 لنظام الانقاذ ؟
في الذكرى ال 28 لإنقلاب الإنقاذ المشؤوم ، أجاب السيد الإمام على السؤال المفتاحي :
ماهي ثمار انقلاب الإنقاذ المرة ، وماذا تبقى منها ، فبثمارها تعرفونها كما قال السيد المسيح ؟
قال الحكيم :
هل انبأكم بالاخسرين أعمالاً ؟
الأخسرون أعمالاً هم اهل الانقاذ الذين يسر لهم الله بنفسهم طريق الخسران … فيسرهم للعسرى . جعل الله سبحانه وتعالى اهل الانقاذ يقودون نفسهم بنفسهم للعسرى ، اي طريق الخسران ، كالجاهل عدو نفسه . فأهل الإنقاذ يقودون نفسهم للعسرى ، لأنهم ظلموا وفسدوا ، و بخلوا وإستغنوا ، وكذبوا بالحسنى ، فيسرهم سبحانه وتعالى للعسرى ، كما جاء في محكم التنزيل .
يقول السيد الامام :
الويل الويل لمن يسر الله له طريق العسرى . وطوبى طوبى لمن يسر الله له طريق اليسرى .
يسرك الله ويسرنا جميعاً لليسرى، وابعدنا عن طريق العسرى ، او كما يدعو السيد الامام لجميع السودانيات والسودانيين .
نستعرض في النقاط ادناه بعض البعض من سيرة ومسيرة الانقاذ ، آيات لقوم يتفكرون .
أولاً :
لا زال السيد الامام يشحذ وينحت في صخر المعاني والمفاهيم والقيم تشخيصاً ، وتحليلاً ، وتقييما ، وموعظة ، وتطبيباً ، وصولاً للسلام الشامل العادل والتحول الديمقراطي الكامل ، إما عبر حوار جاد بإستحقاقاته ، أو اذا تعنت وإستكبر نظام الإنقاذ ، عبر إنتفاضة شعبية ما تذر من نظام مستبد فاسد أتت عليه ، إلا وجعلته كالرميم .
قال :
سيفهم الصخر إن لم يفهم البشر ان الشعوب إذا هبت ستنتصر . لأن كلمتها لا تموت ، ومتى سُطرت لا تُمحى .
الحرية والكرامة واحترام حقوقنا الانسانية هي امور تساوي الحياة نفسها .
إن كل يوم يمر على الحكم الإنقاذي دون مقاومة ، هو مسمار يثبت سطوته واستبداده وفساده ، ويشجعه على مواصلة الابادات الجماعية بالاسلحة الكيماوية ، وجرائم الحرب ، والجرائم ضد الانسانية ، والقمع والظلم والنهب والخيانة .
إذن مقاومة نظام الانقاذ بالحسنى حتى يرعوي … واجب وطني .
ثانياً :
منذ يوم الجمعة 30 يونيو 1989 ، وعلى إمتداد 28 سنة كبيسة بئيسة ، تغير وجه السودان الناعم ، إلى وجه تكسوه غبرة ، بعد أن هوى به الانقاذيون إلى منحدر سحيق ، وما زال الوطن ينتقل من سئإلى أسوأ، بعد أن جلبت سياسات الانقاذ البئيسة :
+ الفقر الذي أنهك الجميع . إدعى نظام الإنقاذ إنه جاء ليحول دون طلوع الدولار الى 20 جنيه من 12 جنيه في يونيو 1989 ، فتجاوز الدولار اليوم حاجز ال 22 الف جنيه ، بفضل سياسات الانقاذ البئيسة ، والنتيجة فقر مدقع لأكثر من 90% من اهل السودان الشرفاء ؟
+ ديون خارجية تنؤ بها الجبال ، تجاوزت حاجز ال50 مليار دولار ،
+ دماء غزيرة تجاوزت حاجز النصف مليون قتيل ، تلعن سافكيها على إمتداد الاجيال ،
+ كما قادت سياسات الانقاذ الاستبدادية إلى أكثر من 4 مليون نازح ولاجئ .
+ قسمت سياسات الانقاذ البئيسة البلاد إلى قسمين ، وفرطت في مثلث حلايب الذي احتلته مصر عنوة وإقتداراً ، وفي منطقة الفشقة التي احتلتها اثيوبيا بالقوة الخشنة ، ونظام الإنقاذ عاجز عن حماية الوطن ، بعد ان حصر مهمة قواته المسلحة في قمع الشعب وإذلاله .
ثالثاً :
مشكلة الانقاذيين إيمانهم الراسخ بعمليات الغسيل اليومي في الصلاة ، او الشهري في الصوم ، أو السنوي في الحج ، كي يتطهروا ويتحللوا من آثار إعوجاجهم من تخريب لدنيا السودانيين .
إعوجاج أهل الانقاذ جسدته الآية 45 في سورة الأعراف ، وكانها تحكي عنهم :
الذين يصدون عن سبيل الله ، ويبغونها عوجاً .
إغتصب اهل الانقاذ السلطة بالنهب المسلح ، فلما آلت إليهم حقوق الناس لكي يديرونها ويصونونها ، ما رعوها حق رعايتها ، مما ينأى بهم عن الذين جاء عنهم في التنزيل :
والذين هم لآماناتهم وعهدهم راعون .
( 8 المؤمنون ) .
رابعاً :
في الديمقراطية الثالثة ، كانت الحياة السياسية تتمتع بالتعدد والحيوية . كانت هناك عشرات الأحزاب والحركات السياسية، من بينها الجبهة القومية الاسلامية ، صاحبة ثالث أكبر تكتل نيابي في البرلمان السوداني ، والتي تآمرت بليل ضد هذه الحيوية السياسية .
في الديمقراطية الثالثة ، تمتعت الوسائط الاعلامية خصوصاً الصحافة ، بحرية كبيرة مكنتها من كشف الحقائق ومحاربة الفساد.
في الديمقراطية الثالثة ، كانت الحقوق والواجبات محمية بدستور يفصل بين السلطات الاربع ، ويوازن بينها.
كانت الديمقراطية الثالثة تجسيداً حياً للآية 251 في سورة البقرة التي تدعو للفصل بين السلطات الاربع التشريعية والقضائية والإعلامية والتنفيذية :
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض ، لفسدت الارض …
ويتكرر نفس المعنى لاهميته في الآية 40 في سورة الحج :
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد …
فجر الجمعة 30 يونيو 1989 ، فرتك أهل الانقاذ كل ذلك المولد الديمقراطي الغناء ، وتم بناء الدولة المستبدة الفاسدة على انقاضه .
ولدت الانقاذ سفاحاً … لا شرعية أخلاقية او سياسية لها ، كونها جاءت نهباً مسلحاً على سلطة منتخبة ديمقراطياً .
خامساً :
والأسوأ إدعاء نظام الإنقاذ إنه جاء لإنفاذ الشريعة الاسلامية ، فصار بعد حوالي 3 عقود من انتهاك مقاصد الشريعة والعمل ضد مرجعياتها الاساسية ، في قاع الدول التي لا تحترم المقاصد الاسلامية ، بعكس ايرلندة التي تسنمت قائمة الدول التي تحترم وتعمل حسب المقاصد الاسلامية ، حسب اخر استطلاع دولي في الموضوع .
تقول المقاصدية :
الشريعة آلية كالشمعة توفر لنا نوراً يساعدنا للانتقال من مكان إلى آخر في الظلام ، وإذا نسينا إلى أين نحن ذاهبون ، وركزنا على الشمعة ، ضاع المعنى.
ركز اهل الانقاذ على الآلية والشمعة ، بدلاً من تركيزهم على الهدف والغاية وهم يسيرون في ظلام الاستبداد والفساد ، فضلوا عن سواء السبيل .
كانت ولا تزال الانقاذ تستعمل الدين لمكيجة وجهها المشوه ، فنزع الشعب البرقع من على وجهها القمئ ، فظهر بدمامله وتشوهاته وكانه وجه زومبي .
خسرت الانقاذ الدنيا والآخرة ، وصارت من الاخسرين اعمالاً ، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ، وهم يحسبون إنهم يحسنون صنعاً ، فحبطت اعمالهم ، فلا نقيم لهم وزناً ، لا دنيا ولا آخرة .
نواصل …
tharwat20042004@gmail.com