قالت اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير في بيان لها حول الوضع الاقتصادي المتأزم والبدائل المطروحة وجهته إلى جماهير الشعب السوداني، إن البلاد تمر بمأزق اقتصادي خطير كان نتاجا طبيعيا للسياسات الاقتصادية التضخمية الخاطئة التي تم تطبيقها خلال عام ونصف؛ والتي لم ينتج عنها سوى المزيد من التدهور الاقتصادي والافقار للشعب؛ وارتفاع وفوضى الأسعار وأزمات ندرة الوقود ومضاعفة سعر الجالون إلى أكثر من عشرين ضعفا وأزمة الغاز والخبز والكهرباء والدواء وارتفاع تكلفة المواصلات؛ وتدهور قيمة العملة الوطنية بمعدلات ووتائر غير مسبوقة وتدني إنتاجية القطاع الزراعي والصناعي والخدمي، وأشارت إلى أن الحكومة لا زالت تصر على المضي في ذات الطريق وبوتائر أسرع .
واكدت اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير في بيانها إلى أنها نبهت منذ وقت مبكر إلى هذه النتائج الكارثية للسياسات الاقتصادية ، وحذرت منها وطرحت برنامجا وطنيا بديلا يعتمد على حشد الموارد الداخلية ليصبح العون الخارجي في حالة وجوده عاملا مساعدا.
اللجنة الاقتصادية لو تم تطبيق هذه السياسات منذ أن طرحتها فى ديسمبر ٢٠١٩ لكان السودان اليوم في وضع اقتصادي مختلف ولكان الجنيه السوداني في أقوى حالاته ولما كانت هنالك أي أزمات في السلع الأساسية والدواء والمواصلات وغيرها .
إلى أن عبقرية الشعب تفتقت عن البرنامج الإسعافي الذي قدمته الحرية والتغيير لرئيس الوزراء في ١٥ أكتوبر ٢٠١٩، وعن مقررات المؤتمر الاقتصادي القومي الأول و المذكرات والبرامج التي ظلت تطرحها اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير بحيث تشكل هذه المرجعيات حلا وطنيا ناجعا لكل قضايا الاقتصاد الوطني، وقالت إن السلطة التنفيذية تجاهلت تماما هذه البرامج واتجهت بالكامل لتنفيذ إملاءات خارجية وروشتات ليس لها علاقة بمعالجة الوضع الاقتصادي بالبلاد حيث تستهدف خلق الأزمات وتعميقها بما يبرر تسليم اقتصاد البلاد للشركات الأجنبية لاستنزاف ثرواتها لصالح رفاهية المجتمعات الغربية والإقليمية ووضع البلاد عمليا تحت الانتداب متعدد الجنسيات بواجهات محلية عبر استخدام مؤسسات التمويل الدولية التي تفرض شروطا قاسية على الشعب تؤدي إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة، مستغلين في ذلك قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص لسنة ٢٠٢١ والذي يعطي الأجنبي حق الانتقاع والسيطرة على المشروع لمدة أربعين عاما ويخلو من الرقابة على الشراء والتعاقد الحكومي أو مشاركة المراجع العام امتدادا لنفس نهج النظام البائد في قانون التصرف في مرافق القطاع للعام ١٩٩٠ سيئ الذكر .
وأكدت اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير في بيانها إنها منذ ديسمبر ٢٠١٩ ظلت تطرح رؤيتها لكيفية تقوية سعر صرف العملة الوطنية باعتبار أن ذلك يؤدي إلى تقوية القوى الشرائية للجنيه وبالتالي تخفيض تكاليف المعيشة، وقالت إن تلك الرؤية تمثلت في ضرورة سيطرة الحكومة على صادر الذهب وإنشاء بورصة الذهب والمحاصيل الزراعية وإرجاع عمل الشركات الأربعة التي كانت تعمل في مجال الصادرات وهي شركة الصمغ العربي وشركة الحبوب الزيتية ومؤسسة الماشية واللحوم وشركة الأقطان، وذلك لضمان توريد حصائل الصادرات في القنوات الرسمية ووضع الدولة يدها على رسوم عبور الطائرات للأجواء السودانية، ورسوم عبور نفط الجنوب بالإضافة إلى تطبيق مبادرة المغتربين المسماة بمبادرة داعمي البنك المركزي بحيث تؤدي تلك البرامح إلى توفير العملات الحرة بمبالغ كبيرة لا تقل عن ١٢ إلى ١٤ مليار دولار في العام على أقل تقدير والتي تغني البلاد عن أي استجابة لضغوط خارجية، أو تخفيض لقيمة العملة الوطنية أو مجاراة السوق الموازي الذي لا يقف عند حدود.
اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير إن السلطة التنفيذية سارت في الاتجاه المعاكس تماما ولم تنفذ تلك البرامج وخضعت للشروط الخارجية بالتخفيض المستمر لقيمة العملة الوطنية حتى وصلنا إلى طريق التدهور المستمر الذي لا تحده حدود في سعر صرف العملة الوطنية الذي انخفض من ٤٧ جنيه للدولار إلى ما يقارب ال ٥٠٠ جنيه للدولار في استجابة مذلة للشروط الخارجية، وترتب على ذلك تصاعد جنوني في أسعار كافة السلع وتأزيم متواصل في الوضع المعيشي للمواطنين..
وأشارت اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير في بيانها إلى أنها طالب بضرورة إعادة هيكلة وزارة المالية وفرض ولايتها على المال العام وتجريم التجنيب وضم الأموال المجنبة لوزارة المالية وضم أموال الشركات العسكرية والأمنية والرمادية لولاية المال العام وزيادة الضريبة على شركات الاتصالات وفرض الضريبة النوعية عليها وزيادة كفاءة التحصيل الضريبي وضبط وتحسين إدارة الأصول والأموال المستردة بواسطة لجنة إزالة التمكين؛ كما طالبت بضرورة خفض الإنفاق الحكومي؛ وتبديل العملة لضرب مواقع الاكتناز والمضاربة في الدولار، وأكدت اللجنة الاقتصادية أن كل تلك الخطط لم يتم الأخذ بها من جانب السلطة التنفيذية بالرغم من أنها توفر للدولة إيرادات عظيمة تغنيها عن أي اتجاه لرفع الدعم عن السلع أو التضييق على المواطنين في معيشتهم .
اللجنة الاقتصادية أنها طرحت فكرة أن تتولى الدولة استيراد السلع الأساسية الضرورية للمواطنين وفي مقدمتها ما يسد العجز في الإنتاج المحلي للمحروقات والغاز عن طريق التعاقد المباشر مع الدول المنتجة للنفط وكذلك الدواء ليتم توزيعه بواسطة الإمدادات الطبية؛وأشارت إلى أن السلطة التنفيذية سارت باتجاه تكوين محفظة السلع الاستراتيجية ليتولى الاستيراد طفيليي النظام البائد وصارت تبيع الوقود المنتج محليا للمواطنين بسعر المستورد محسوب بدولار السوق الموازي + 10٪ مما أدى إلى أن تصبح ثلث إيرادات موازنة ٢٠٢١ البالغة ٩٢٨ مليار جنيه أي أكثر من ٣٠٠ مليار جنيه من مورد واحد فقط هو مبيعات الحكومة من الوقود حيث تم اللجوء مباشرة إلى جيوب المواطنين لتصخيم الصرف على الجهاز الحكومي مما أدى إلى زيادة تكلفة المواصلات للفرد في اليوم الواحد من حوالي ٣٠ أو خمسين جنيها إلى ٨٠٠ جنيه ، وارتفاع أسعار كافة السلع بسبب ارتفاع تكلفة النقل..
واشارت اللجنة إلى أنها طرحت أيضا ضرورة دعم المواسم الزراعية والإنتاج الصناعي والتعديني لزيادة الصادرات، وضرورة دعم التعاونيات الإنتاجية والاستهلاكية بما يؤثر إيجابيا على حياة الناس ويساعد في استقرار الأسعار ومراقبتها وضرورة تشغيل الشباب واستيعابهم في مشروعات صغيرة ومتوسطة كجزء من خطة لمحاربة البطالة والفقر.
وأكدت اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية ان السلطة التنفيذية أصبحت عينها على الخارج فقط لتنفيذ مطلوبات الاملاءات الخارجية مهما كانت تكلفتها على المواطنين وعدم وضع أي اعتبار للشعب السوداني ومطالبه الحيوية.
وطالبت اللجنة الاقتصادية بضرورة الرجوع إلى البرنامج الإسعافي للحرية والتغيير ومقررات المؤتمر الاقتصادي القومي الأول؛ ومذكرات وبرامج اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير؛ وتطبيق ما ورد فيها باعتباره الحل الشامل لأزمة الاقتصاد السوداني في المرحلة الراهنة؛ ثم يكون العون الخارجي في حالة وصوله عاملا مساعدا؛ وأكدت أنه في حال لم يتم ذلك فإن البلاد موعودة بمستوى شامل وأكثر عمقا من الانهيار الاقتصادي والتجويع للشعب والانفراط الأمني بسبب السياسات الراهنة للسلطة والتي تتناقض تناقضا جذريا مع أهداف وبرامج ثورة ديسمبر المجيدة وطموحات الشعب..