مواكب اليوم بين الاستغلال والانتهازية

منذ توقيع اتفاق الشراكة كنت استغرب جدا من دعم بعض الأحزاب السياسية التي وقعت وثيقة الشراكة وشاركت في الحكومة الانتقالية بوزراء ومسؤولين لمواكب الثوار التي تخرج ضد الحكومة!!، الانفصام الغريب الذي يعيشه الحزب المشارك في الحكومة  والداعم للمظاهرات ضدها هذا أسوأ انفصام سياسي يمكن أن يشاهده الإنسان المتابع لمجريات الأحداث السياسية، الكثيرون اصيبوا بالدهشة من هذه الممارسات العجيبة لأحزاب غارقة حتى اذنيها في السلطة وفي نفس الوقت تخرج في الشوارع ثائرة ضد نفسها!! هذه صورة عجيبة لا تشاهدها الا في بلادنا بلد العجائب.

الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة إن أرادت إجراء تغيير داخل نظام الحكم فعليها ان تحارب بفكرتها داخل المؤسسات، لا أن تخرج إلى الشوارع مستغلة عواطف الجماهير ومعتلية لظهورها لتحقيق اجندتها، أحزاب الحكومة لديها أسلحة مختلفة عن أحزاب المعارضة، أحزاب المعارضة من حقها ان تسير المظاهرات وتملأ الشوارع بالهتاف ضد الحكومة واحزابها، أما أحزاب الحكومة فسلاحها الضغط من داخل الحكومة او الانسحاب منها و استقالة ممثليها.

الأحزاب المشاركة والتي لا يعجبها أداء الحكومة وتتمنى أن يخرج الشارع ضد الحكومة، عليها ان تتحلى ببعض الأخلاقية، لا يجوز أن تركب المركب وتسعى لاغراقها، فالمركب الغارقة لن ينجو منها احد لا الربان ولا الراكب الذي اغرقها، لذلك على الأحزاب المشاركة ان تتحدث عن الإصلاح وعن التطوير والتعديل والأفكار البناءة لبناء الحكومة وتمتين وتقوية حاضنتها السياسية، ولكن لا يجوز لها أن تخرج عليها بالمظاهرات، هذا يشبه الطعن من الخلف، وهذه قمة الانتهازية.

الجماهير من حقها ان تخرج متى ارادت للشوارع وان تطالب بما تشاء، بإسقاط الحكومة أو فض الشراكة او العدالة او غير ذلك، فهي ليست شريك في السلطة ولا يوجد ممثلين لها داخل السلطة انتخبتهم بمحض إرادتها، ولكن مهم ان يحذر قادة الجماهير من الانتهازيين السياسيين داخل السلطة وخارجها، الذين يملكون أجندة مخالفة لاجندة الجماهير ويريدون أن يستغلوا خروجها من أجل تحقيق أجندتهم الخاصة، وهم ما اكثرهم في هذا الظرف الراهن، فليحذرهم الجميع، فإن سارقو الثورات بلا أخلاق.

واجب الحكومة الانتقالية ان تحمى مواكب اليوم الخميس الثالث من يونيو وان تحرص على ان تلتزم الأجهزة الأمنية والعسكرية بضبط النفس والمسؤولية وان لا يطلقوا الرصاص على المتظاهرين العزل، حرية التعبير والتظاهر دفع فيها الشعب ثمنا غاليا ومن حقه أن يتمتع بها وان يعبر بكل حرية عن اراءه ومطالبه، ومن واجب الحكومة ان تستمع لهذه الآراء وتنفذ المطالب حتى وان كان من بينها ترك السلطة والاستقالة، فالشعب هو سيد السلطات وصاحب الكلمة الفصل وهو من أوصلهم جميعا لهذه المناصب بانتفاضته المجيدة في ديسمبر. والله نسأله السلامة للجميع (وان شاءالله ما نفقد شهيد جديد)

يوسف السندي
sondy25@gmail.com