في مواكب امس والتي خرجت في الذكري الثانية لمجزرة القيادة كانت هناك بعض اصوات الشباب تهتف ضد الاحزاب كلها وانهم يريدون بلدا بدون احزاب سياسية !! وهناك ايضا بعض الاصوات القليلة جدا التي كانت تهتف بإسقاط النظام .
الفئة الثانية التي كانت تهتف بإسقاط النظام كان واضحا جدا انهم ينتمون للنظام السابق وظهرت بعض لقطات الفيديو التي تبين ارتباطهم بالنظام السابق وبالذات من كانوا في أجهزتها الامنية حاولوا استغلال هذه المواكب للمناداة باسقاط النظام ولكن سرعان ما توقفت هذه الهتافات عندما لم تجد تجاوبا من الثوار .
وكانت هناك هتافات تنادي بإسقاط الحكومة ( الحكومة وليس النظام ) والمطالبة باسقاط الحكومة حق مشروع خاصة في ظل الاوضاع الاقتصادية المتأزمة والتي تزداد سوءا يوما بعد يوم دون ان نرى اي بارقة امل في الاصلاح او حتى مجرد بؤرة ضوء في آخر النفق .
إضافة للازمة الاقتصادية هناك ايضا هشاشة في الوضع الامني وكذلك تعقيدات كثيرة في بسط قيم العدالة وتقاطعات بين الاجهزة العدلية والامنية كل هذه الاسباب وغيرها دفعت البعض للمطالبة باسقاط الحكومة .
ولا اعتقد ان هذه الدعوة هي دعوة منطقية في هذا الوضع الحرج والحساس جدا الذي نمر به جميعنا . لابد من وجود طريق ثالث للخروج من عنق الزجاجة .
لا وجود هذه الحكومة وبشكلها الحالي سيغير من واقعنا المأزوم شيئا ولا المطالبة باسقاطها والاتيان بحكومة اخرى بديله سيغير من الواقع المأزوم ايضا . اذن اين الحل ؟
الحل كما قلت هو ضرورة وجود الطريق الثالث للخروج من هذا النفق . والطريق الثالث موجود وأمام اعين الجميع الا من كان في عينيه رمد .
أول خطوة في الطريق الثالث هي سرعة قيام المجلس التشريعي الانتقالي وبدون اي تلكوء. واي حديث عن اصلاح المنظومة الحاكمة دون وجود رقابة شعبية صارمة على ادائها يصبح حرثا في البحر والرقابة الشعبية هي المجلس التشريعي الانتقالي . لذا لابد للثوار ان يطالبوا ويعتصموا ولا يرفع الاعتصام الا بتكوين المجلس التشريعي الانتقالي .
وإلغاء ما يسمي بمجلس الشركاء والذي ظن البعض انه بديل للمجلس التشريعي . هذا المجلس يجب حله فورا وإعادة كل سلطاته للمجلس التشريعي .وايضا إلغاء ما يسمى بالمجلس التشريعي المؤقت والذي يتكون بإجتماع مجلسي الوزراء والسيادة . هذا المجلس الذي سلب كل اختصاصات المجلس التشريعي لذا تتلكأ الحكومة في تكوين المجلس التشريعي الانتقالي .
وبتكوين المجلس التشريعي الانتقالي سيتحسن الاداء في كثير من اجهزة الدولة وبالذات الاجهزة الامنية والعدلية والتي يشتكي منها الكل .
الخطوة الثانية في الطريق الثالث هي الاسراع في اصدار قانون تكوين النقابات المهنية وعودة كل النقابات العمالية ونقابات المزارعين والمهنيين وتكوين كل النقابات وباسرع وقت ممكن . لان وجود هذه النقابات وقوتها هي قوة للفترة الانتقالية وحماية لها من اي انتكاسات متوقعه .
الخطوة الثالثة في الطريق الثالث هي عودة الاحزاب و بشكل جدي وتكوين نفسها وتأسيس برامجها ونشرها للوعي بين المواطنين ولابد من إقناع الشباب بضرورة وجود هذه الاحزاب في الحياة السياسية السودانية ولابد من إقناعهم بانه لا ديمقراطية ولا مدنية الا عبر هذه الاحزاب .
فإذا كانت هناك جدية في بناء دولة ديمقراطية حقيقية ودولة مدنية نباهي بها العالم من حولنا لابد من وجود احزاب قوية قادرة على حمل أمانة هذا الوطن . كل احزابنا اليوم وبلا استثناء تحتاج لمراجعة نفسها واعداد نفسها جيدا للفترة القادمة .. ونكرر ولن نمل من التكرار لا بديل من وجود الاحزاب لتكوين دولة ديمقراطية ودولة مدنية .
رسالتي لكل قادة الاحزاب السودانية .. يجب ان تعلموا ان عددا لا يستهان به من شباب ثورة ديسمبر لا يؤمنون اصلا بالاحزاب ويعتقدون ان هذه الاحزاب هي سبب كارثة السودان .. المطلوب منكم تغيير هذه الفكرة وأقناع هؤلاء الشباب ان وجود الاحزاب ليس ترفا سياسيا كما يعتقد الكثيرين منهم . بل ضرورة لابد منه لانجاح اي ديمقراطية ليس في السودان بل في العالم اجمع
كان الله في عوننا