اسبوع ساخن جدا .. اشتكى منه جل المواطنين تسبب في اصابة اغلبية السكان بحالات التوتر النفسي و “الزهج والضيق ” تزامن معه استمرار قطوعات التيار الكهربائي لساعات طويلة اثناء النهار والمساء بل كاد ان يؤدي بحياة البعض ، فارتفاع درجات حرارة الشمس التي الهبت طقس الخرطوم العاصمة السودانية خلال الايام الماضية وما زالت اسهمت في تحريك الاطباء والمختصين بالارصاد الجوي للتحذير من مخاطر التعرض لاشعة الشمس الحارقة معلنين عن توقعاتهم لظهور حالات اصابة بامراض الصيف خاصة ” ضربة الشمس ـ السحايا “
انتبهت “التحرير ” لهذه التحذيرات فقررت فتح ملف امراض الصيف التي تم الاشارة اليها ، فوضعت العديد من الاستفهامات في طاولة الخبراء والمختصين فيما يتعلق بماهية هذه الامراض وماهي اوجه الشبه بينهما ؟ وماهي اعراض الاصابة بكل منهما ، والاسباب والاثار الصحية المترتبة ؟ وغيرها من الاستفسارات .. فكانت هذه الحصيلة
فرق واضح
اكد اطباء تحدثوا للصجيفة وجود فرق كبير جدا بين فيروس التهاب السحايا المعروف بـ“الحمى الشوكية” والتهاب ضربة الشمس ، وقالوا السحايا التهاب يصيب الغشاء الرقيق الذي يحيط بالدماغ وبالحبل الشوكي وتشمل الاصابة به الحمى المفاجئة وفقدان الوعي وتصلب الرقبة بالاضافة الى الصداع الحاد ، بينما تنجم ضربة الشمس اما للتعرض الشديد للاشعة فوق البنفسجية الحارقة او عدم التعرض بشكل نهائي للشمس ، وتبد الاعراض بفرط التعرق وخلل في إحتباس السوائل في الجسم والذي يتحول إلى حالات من الجفاف مما يتسبب في موت خلايا انسجة متعددة بالجسم مع اخفاق مراكز المخ الحيوية والتي تقوم بعمل التوازن الحراري المعتاد بسبب ارتفاع الحرارة الداخلية نتيجة إخفاق اجهزة دفاع الجسم ثم اختلال الجهاز العصبي وقلة افراز العرق ، مؤكدين ان ضربة الشمس من الحالات التي تتطلب تدخل اسعافي سريع جدا
حالات مشابهة
فيما رصدت “التحرير ” عدد من الحالات التي ظهرت عليها اعراض مشابهة ، اسماء سيد حسن طالبة بجامعة النيلين شعرت بدوار شديد جعلها تجلس تحت ظل شجرة باسفل نفق جامعة السودان الجناح الغربي ، فاتصلت على احدى صديقاتها لتسندها وتوقف لها عربة ترحال تقلها الى منزل اسرتها بامدرمان حي الموردة ، اثنا ذلك شعرت بعدم توازن بسبب الجفاف الذي اصابها وحمى فراءت ضرورة الذهاب الى الطبيب برفقة صديقتها ، قالت لم اقوى على تحمل الحمى فاخبرت الطبيب باني تناولت طعاما ربما كان فاسدا ولكن بعد ظهور نتيجة الفحص اتضح انها ضربة شمس فتم اسعافي سريعا وابقائي في العناية المكثفة قرابة (6) ساعات ظننت في البداية باني سوف اصاب بالشلل ولكن طمانني الطبيب واخبرني ان حالتي مستقرة على ان استمر في تناول العلاج وعدم الخروج من لمدة اسبوع حتى اتماثل للشفاء بشكل كامل .
اعراض سحائي
عبد الرحمن حسن في الـ(50) من العمر ، من محلية شرق النيل مدينة الحاج يوسف ، انتابته اعراض مشابهة باعراض التهاب السحائي فظنت انها مجرد ارهاق سوف يزول بزوال المؤثر وهو حرارة الشمس اكتفى بتناول حبوب “بندول ” لعلاج الصداع ثم زاول عمله كالمعتاد .. قال لـ”التحرير ” بينما كنت استعد لفرز الخضار الذي اقف على بيعه بالسوق الشعبي الخرطوم شعرت بصداع خفيف طننت انه نتج عن عدم تناول قهوة الصباح فاحضرت القهوة وواصلت عملي كالمعتاد ولكن بعد مضي ساعة فقط ازداد الصداع حدة وبدات اتقيأ وبسرعة شعرت بالم في الرقبة وكأن احدا قام بضربي فتم اسعافي لاقرب مركز صحي وهناك خضعت لعدة فحوصات وظهرت النتيجة بوجود التهاب خفيف في النخاع الشوكي بسبب ارتفاع درجات حرارة الجو منتصف مايو الماضي وانه يتطلب اخذ العلاجات حتى لا يتطور ويتحول الى سحايا
خوف وحجز
تابع عبد الرحمن بالقول ” عندما اخبرت اسرتي بالمرض حضر ابني الكبير واخذني الى المنزل مظهرا خوف شديد بان تسؤ حالتي ” واروح فيها ” حسب قوله ، فاتصل على صديقه في الحي وهو اخصائي مخ واعصاب فطلب احضاري له في العيادة مساء نفس اليوم وهناك اجريت لي التحاليل اللازمة وامر الطبيب بحجز داخل المنزل وتناول العلاجات التي صرفها لي واكد بان الحالة في بدايتها وانها ليست خطيرة ويمكن ادراكها حال استجبت للعلاج والتزمت بنصيحة الطبيب وبالفعل نفذت كل ما طلب مني بعد ان علمت بان المرض قاتل والان لي عشرة ايام محجوز داخل المنزل رافض الذهاب الى المستشفى حتى لا اصاب بفيروس ” كورونا “
سرعة انتشار
تؤكد تقارير حديثة صادرة من منظمة الصحة العالمية خطورة فيروسات “السحايا وضربة الشمس ” ، وسرعة انتشارهما في الصيف ، حيث تزداد الاصابة بهما في السودان بنسب عالية جدا ، وكشفت متابعات “التحرير ” ان نسبة الاصابة بالتهاب السحايا فاقت الـ(50%) خلال الثلاثة اعوام الماضية بولاية الخرطوم وبعض الولايات الاخرى ، واغلب الحالات انتقل لها المرض عن طريق اشعة الشمس الحارقة مما ادى الى الوفاة ، بينما سجلت نسب الاصابة بضربة الشمس ((60%) ، وكانت وزارة الصحة بولاية الخرطوم قد كشفت عن خطة لمحاولة تجنب الاصابة بضربات الشمس والتهاب السحايا وسط المواطنين ، و تعكف الجهات الصحية على دراسة الخطة واعدادها للخروج بنتائج يمكنها المساهمة في خلق مجتمع معافاة من الالتهاب المرتبطة بالصيف
اسباب عديدة
واشار اختصاصي المخ والاعصاب د. الامين حسن الطاهر ، الى تعدد اسباب الالتهابات التي تشمل العدوى الفيروسية او البكترية او غيرها من الكائنات الدقيقة ، وقال لـ”التحرير ” ان الالتهابات مهدد للحياة بسبب قربها من الدماغ والحبل الشوكي ، واضاف : تتمثل الاعراض الاكثر شيوعا في التهاب السحايا في الصداع ، وتيبس العنق المرتبط بالحمى ، والارتباك او اضطراب في الوعي ، والتقيؤ وعدم تحمل الضوء “رهاب الضوء ” او الاصوات العالية ، اما لدى الاطفال فغالبا ما تظهر فقط اعراض غير محددة مثل التهيج والنعاس ، وقد يظهر طفح جلدى في حالة الاصابة بالالتهاب الناجم عن بكتريا المكورات السحائية ، وفي حالة ضربة الشمس افاد انها تبدأ بالضعف العام والشعور بالهبوط وقيء ربما دموي واسهال بالاضافة الى قلة إفراز البول وتشنجات احيانا
كيفية العلاج
واضاف الطاهر ، ان العلاج في حالة السحايا يتمثل في دخول ابرة في القناة النخاعية لاستخراج عينة من السائل النخاعي ، الذي يحيط بالدماغ والنخاع الشوكي ، ومن ثم يفحص السائل النخاعي في مختبر طبي ، ويتطلب العلاج بالمضادات الحيوية في حالة الالتهاب الحاد ، حيث تعطى المضادات فورا واحيان مضادات فيروسات ، وقد تستخدم كذلك الستيروئيدات القشرية لمنع حدوث مضاعفات من الالتهاب الشديد ، واضاف قد يؤدي التهاب السحايا الى عواقب وخيمة طويلة مثل الصمم ، واستسقاء الرأس والعجز المعرفي ، خاصة اذا لم يعالج بسرعة ، ويمكن الوقاية ومنع بعض اشكال التهاب السحايا المرتبطة بالتهاب المكورات السحائية ، المستدمية النزلية من النمط” ب “وهي المكورات الرئوية أو فيروس النكاف عن طريق التحصين المناعي ” التطعيم ” ، وتوقع احتمالية زيادة نسبة الاصابة بالاتهاب خلال هذا الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة في بعض المناطق وبسبب الازدحام في ولاية الخرطوم.
اهمية تمييز
فيما يختص بضربة الشمس نبه اختصاصي المخ والاعصاب ، الى اهمية التفرقة بين ضربة الشمس وغيرها من الالتهابات الاخرى التي تتشابه في الاعراض مثل نزيف المخ والهستيريا ، واشار الى بعض المسببات منها تراكم درجة الحرارة بالجسم وقلة حركة الهواء بالاضافة الى ارتفاع الرطوبة في الجو والتعرض المستمر لدرجات الحرارة وطالب بضرورة توخي الحذر والخروج من المنزل ومواقع العمل في ظل اجواء باردة وقبل غروب الشمس ، مؤكد ظهور حالات خلال الثلاثة ايام التي اشتدت فيها حرارة الشمس في نهاية مايو فيما نفى مصدر من وزارة الصحة فضل حجب اسمه تسجيل اي حالات سحايا او ضربات شمس مشددا على ضورة الحماية والمحافظة على الصحة في ظل جائحة ” كوفيد 19″ .