النظام السابق كان يستهدف النوبيين و مناطقهم
لا يوجد تمثيل للنوبيين ولا لقضاياهم و ما حدث قلب قرش السودان من ” طرة ” إلى ” كتابة
في ظل التغيرات السياسية التي يشهدها السودان عقب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير و ظهور كيانات في الساحة السياسية النوبية و أجسام تدعو لحمل السلاح صحيفة السوداني الدولية جلست لرئيس اللجنة الدولية لإنقاذ النوبة و مناهضة السدود الاستاذ بركات بشير نجار حول القضية النوبية و الصراع الدائر في المناطق النوبية و المتغيرات في الساحة النوبية و السودانية .
بصفتك رئيس اللجنة الدولية لإنقاذ النوبة و مناهضة السدود ماهية اللجنة الدولية ؟
اللجنة الدولية لإنقاذ النوبة ومناهضة السدود هي لجنة تنسيقية تضم ممثلين من كل لجان مناهضة السدود النوبية داخل وخارج السودان وهي عبارة عن مظلة تنسق جهود النوبيين في مناهضة السدود وانقاذ المنطقة النوبية تكونت في العام 2007م بعد مجزرة كدنتكار مباشرة، إذ أن النوبيين في الخارج بالذات كانت مساهماتهم تصل للجان الداخل مباشرة كل حسب معرفته ودون وجود تنسيق فأنشأ النوبيون اللجنة الدولية لتكون جسراً يربط نوبيي الداخل بالخارج ويوحد جهود مناهضة السدود ويتيح للنوبيين أينما وجدوا قناة فعالة ومتفق عليها ومساحة واسعة للمساهمة، إضافة إلى أن المساحة خارج السودان كانت أكثر اتساعاً ويمكن التحرك فيها بسهولة وحرية إلى جانب أنها كانت بمثابة تغطية في حال اعتقال لجان الداخل التي شن عليها النظام البائد حملة شرسة اينما وجدوا فادخلهم المعتقلات وأصيب الكثيرون منهم اصابات بالغة إلى جانب التضييق عليهم في العمل والحركة وسبل كسب العيش، فاللجنة تولت مهام كثيرة كان في مقدمتها الجانب الإعلامي والدعم المادي ثم التواصل مع المنظمات وجماعات الضغط خارج السودان إن كانت في الاقليم أو العالم.
هل اللجنة الدولية لجنة مطلبية ام جسم نوبي سياسي؟
بالرغم من أنه ليس هنالك فرق كبير بين الاثنين في ظل ممارسات النظام السابق فكل لجنة مطلبية لا تتوافق مع رؤيتهم كان يتم التعامل معها على أنها جسم سياسي، إلا أن الدولية جسم تنسيقي مطلبي وفي مقدمتها المطالبة بالغاء مشاريع السدود في المنطقة النوبية فرضته تعقيدات القضايا النوبية وتداخلها وامتداداتها داخل وخارج الوطن، والبحث عن تكامل الجهود ورص الصفوف وشحذ همم النوبيين كافة أينما وجدوا، فالمنطقة كانت مهددة بالضياع والاندثار، ان لم تكن بالغرق عبر بناء سدي كجبار ودال، فبتدهور البيئة من خلال مخلفات التنقيب العشوائي للذهب واستخدام مواد مضرة بالبيئة كالسيانيد القاتل والزئبق. بالتالي هي جسم مطلبي محدود المطالب والاهداف
• ما دور اللجنة الدولية في مناهضة السدود وقضايا المنطقة النوبية ؟
دور اللجنة لا ينفصل عن ما قدمته لجان مناهضة سدي دال وكجبار واللجنة الشبابية واتحاد الروابط النوبية ولجان الخرطوم، فالدولية كانت ولا زالت هي الداعم المالي والاعلامي واللوجستي الأساسي، حيث تمكنت من تمويل حوالي 85 % من مشاريع وفعاليات وتحركات تلك اللجان اضافة الى طرحها لقضايا النوبيين في العديد من المحافل الخارجية كمنظمة الانهار الدولية، مجلس الشيوخ البريطاني، الإعلام المصري، القيادات السياسية الوطنية السودانية في الخارج، المحكمة الافريقية وكثير من الجهات الاخرى، وأقامت العديد من الوقفات والتظاهرات في العديد من العواصم الاوروبية والاميركية للضغط على الدول التي أبدت استعدادها لتمويل السدود، كما شكلت حضور قوي وفاعل في الكونغرس الاميركي، الى جانب انها تولت الملف الاعلامي للجان مناهضة السدود واعتقد أنها أدارته بشكل جيد اذ تمكنت من ايصال قضايا النوبيين في الكثير من انحاء العالم ومراكز اتخاذ القرار ما شكل ضغطاً فاعلاً للحكومة البائدة.
ما دور اللجنة الدولية بعد سقوط النظام والتغيير هل هو ذات الدور ام تغير؟
الحقيقة بعد سقوط النظام حدث تراخٍ في دور اللجنة وربما كل لجان مناهضة السدود، واعتقد ان ذلك نتيجة طبيعية لاعتقادنا بان النظام الذي كان يستهدف النوبيين ومناطقهم بسياساته وفقاً للايدلوجيا التي كان يعتقد فيها برفض وجود قومية غير عربية في منطقة واحدة كما حدث في دارفور قد سقط وأن السودان يستشرف مرحلة جديدة يسوده العدل والحرية والسلام ورد المظالم والحقوق، لكن لم يتوقف عمل اللجنة في ظل التطورات الأخيرة غذ تبنت اللجنة مذكرة عرضت موقف النوبيين من مفاوضات جوبا سلمت لمجلس السيادة ومجلس الوزراء كما اهتمت بعلاج ودعم بعض المصابين من قيادات المناهضة الى جانب توقيعها مذكرة المطالب النوبية التي قدمت لحكومة الولاية الشمالية الحالية، كما وفرت ميزانية اللجنة التي كونها وزير العدل بخصوص قضية شهداء كدنتكار وكذلك حركة اسر الشهداء، ولها مساهمات مقدرة في الحملات التي تنتظم المنطقة النوبية بخصوص مناهضة التعدين العشوائي والشركات في المنطقة النوبية.
• هل هنالك تمثيل للنوبيين في مكونات الفترة الانتقالية؟ أو هل حاولت الانضمام؟
للاسف لا يوجد تمثيل لا للنوبيين ولا لقضاياهم وهي الاهم لذلك نعتقد بشكل جازم أن ماحدث حتى الآن هو قلب قرش السودان من “طرة” الى “كتابة”، فبالرغم من نضال النوبيين الطويل مع النظام السابق وتضحياتهم الجسام حتى الآن قضايا النوبيين لا تجد اذناً صاغية من أي جهة، بل بالعكس اعتقد هنالك استهداف مستمر لما تشهده المنطقة من أحداث واستمرار نفس السياسات في التعدين وحرائق النخيل والتنمية والاستقرار ..اما بخصوص الانضمام نحن لم نبحث عن الانضمام ولسنا راغبين في ذلك كهدف استراتيجي فالطبيعي ان مسؤولي سودان ما بعد الثورة يكونون مسؤولين عن كل السودان ومؤسساته تخدم كل السودان وليس قوميات وجهات واثنيات محددة كما يحدث الآن، نحن قدمنا رؤيتنا وموقفنا من مفاوضات جوبا في مذكرة. وخطونا خطوة اكثر من ذلك بان قدمنا برنامج عمل كامل تضمن المطالب النوبية لحكومة الولاية الشمالية لكن للاسف لا البرنامج نفذ ولا قضايانا تم الاهتمام بها، ربما خلال العامين الماضيين من عمر الحكومة كل ما انجز هو الغاء القرار رقم 206 الخاص بملكية الأراضي حول النيل، وقرار الغاء مشاريع سدي دال وكجبار وللأسف الاخير بالرغم أن الأهم أعلنه رئيس الوزراء في مهرجان خطابي خلال زيارته في ابريل الماضي للولاية الشمالية ولكن حتى الآن لم يصدر القرار رسمياً، ونخشى أن يظهر لنا الكباشي ليقول بانه قرار من لا يملك لمن لا يستحق قبل ان يصدر رسمياً كما حدث بخصوص اتفاق المبادي بين رئيس الوزراء وعبد العزيز الحلو في اديس ابابا.
موقف النوبيين من مؤتمر جوبا، ولماذا رفضت الاجسام النوبية ومنها اللجنة الدولية مسار الشمال وتناول قضايا المنطقة في مباحثات جوبا؟
اولاً لان الاجسام النوبية كانت ومازالت لديها موقف واضح من الآلية التي تمت بها مفاوضات جوبا، فالحركات الثورية التي تبنت قضايا الاقاليم لا تمثل كل مواطني الاقليم المعني، والحكومة التي مثلت الطرف الثاني لم تستند على رؤية تم توافق اكبر قدر من أبناء وبنات الشعوب السوداني حولها، ولا يوجد دستور متفق حوله حتى تنطلق منه الحكومة، بالتالي الآلية لم تكن سليمة، فبعد هكذا ثورة كان من المفترض ان يتم طرح قضايا التفاوض على الاقل على مكونات الشعب السوداني من تنظيمات وحركات وأجسام مطلبية حتى تتشكل رؤية تهتدي بها الحكومة وتكون معبرة عن غالبية أبناء الشعب، لذلك ماتم هو اتفاق بين طرفين يمثلون انفسهم ولا يمثلون لا الشعب ولا الاقليم المعني، ثانياً: الجسم الذي فاوض باسم النوبيين هو جسم لا وجود له في ارض الواقع وغير ملم بقضايا النوبيين وهو حركة سياسية تمثل رؤية عضويته ولم نشاهد له نشاطاً طوال ال30 عاماً في السودان وانما احتاجت اليه الحركات الثورية لمنح الجبهة الثورية صفة الشمول وتمثيل كل اقاليم السودان، وبالتالي لم يكن أمامنا سوى رفض مؤتمر جوبا وشكل التفاوض. وحتى مسار الشمال الذي مثله محمد سيداحمد عن طريق الصدفة، الرجل تواجد في الجبهة الثورية بانه عضو في الحزب الاتحادي الذي يقوده التوم هجو وفجأة اصبح رئيساً لكيان الشمال ووقع عن مسار الشمال وهو ابعد ما يكون عن قضايا الشمال ولم يكن يوماً من الايام متفاعلاً او موجوداً في محافل ومنابر الشمال والنوبة، لذلك يمكن بكل ثقة القول ان ما تم في جوبا هو مجرد اتفاق بين مجموعتين لا يعبرون عن جماهير المسارات والاقاليم ولا يعبرون عن رؤية الشعب السوداني، وكان طبيعي ان يواجه الاتفاق كل المصاعب التي يواجهها الان، فالشرق جمد والشمال غضبان وزعلان والوسط ابعد ولم يتبق إلا ما يخص عضوية حركات دارفور التي كانت تحمل السلاح.
اعلن د. حمدوك عن الغاء سدود الشمال، ما موقفكم كلجنة دولية لهذا الإعلان؟
رحبنا بالإعلان وبالزيارة واصدرنا بياناً نحتفي بالاعلان خصوصاً أنه أعلن من أمام النصب التذكاري لشهداء كجبار في منطقة كدنتكار ، لكن ننتظر ان يصدر القرار رسمياً ومكتوباً ويصبح نافذاً ففي حالة السيولة السياسية التي يعيشها السودان نخشى ان ياتي احدهم ويلغي القرار او يهمل ويموت كما الكثير من القرارات الشفاهية التي تصدرها الحكومة التنفيذية او حتى المكتوبة، وخير مثال لذلك اتفاق حمدوك مع الحلو الذي تم تجاوزه ورفضه وبعده بشهور تم توقيع نفس الاتفاق مع المكون العسكري. لذلك نناشد رئيس مجلس الوزراء باصدار القرار كتابياً وتفعيله وتوثيقه.