لم يكن عبدالمنعم عبدالعال الذي رحل عنا قبل أيام إلى دار الخلود، شخصية عادية، او اداري مجتهد محدود القدرات.
كان عبدالعال من القياديين المرموقين الذين عملوا في المجال الرياضي لأكثر من أربعين عاما، ووضعوا بصمة.
كرمه الرياضيون في مدني، عندما انتخبوه رئيسا لاتحاد الكرة بداية الثمانينات نظير جهده وعمله وغيرته على اندية المدينة.
وتوج مسيرته الإدارية الناجحة في اتحاد مدني، بالفوز في انتخابات الاتحاد العام ،عضوا في مجلس الإدارة ثم نائيا للسكرتير.
جعل عبدالمنعم من اندية مدني، قوة ضاربة، حتى أصبحت تمثل بعبعا لاندية العاصمة في المنافسات القومية بما فيها الهلال والمريخ.
هو صاحب مشروع تاسيس اتحاد التضامن الذي تكون في منتصف الثمانينات، وكان يضم اتحادات مدني وكوستي والأبيض، وسنار، ثم اتحاد كسلا لاحقا على ما اظن.
كان عبدالمنعم يهدف من تكوين هذا الاتحاد، الى منح اندية واتحادات الأقاليم القوة الفنية والإدارية الكافية لمقارعة العاصمة في الميدان والانتخابات.
نجح عبدالمنعم في مسعاه، فالى جانب انه طور أداء اندية تلك الاتحادات، فقد قدم وجوها إدارية جديدة للاتحاد العام ، ففاز أحمد المعزل من سنار، وحسن الماحي من كسلا، وسليمان دقق من الأبيض، وعبدالمنعم نفسه وكاروري من مدني في الانتخابات.
كان عبدالمنعم يؤمن باهلية وديمقراطية الحركة الرياضية، وكان يؤمن أيضا بمبدا التنافس الشريف في الميدان، وتدوير البطولات.
عندما فاز مريخ الحصاحيصا ببطولة الاقليم الأوسط، عام 1986 للمرة الأولى، حيث كان الأهلي مدني محتكرا لها.
سافرت الى الحصاحيصا، في ذلك الوقت كأول صحفي يزور المدينة بعد فوز المريخ بالكاس، لتغطية الأفراح، وتوثيق الإنجاز.
من الحصاحيصا توجهت الى مدني، للالتقاء بعبدالمنعم عبدالعال رئيس الاتحاد لمعرفة اسباب خروج الكأس من مدني، وردود أفعال الأهلاويين.
من اهم الإجابات التي ذكرها عبدالمنعم في الحوار الذي أجريته معه، قال: ان خروج الكاس من مدني لا يعني ضعف انديتها، بقدر ما هو تطور في كرة الإقليم، وانه سعيد بذلك.
ترك عبدالمنعم عبدالعال السودان بعد انقلاب الكيزان، وهاجر الى العاصمة السعودية الرياض، وعمل سكرتيرا في نادي النصر أيام الأمير عبدالرحمن بن سعود يرحمه الله.
في الرياض كون الرابطة الرياضية للسودانيين العاملين بالخارج، وأصبح هناك نشاط كروي واجتماعي غير عادي.
لمسنا الجهد الكبير الذي بذله عبدالمنعم في الرابطة عندما سافرنا مع الهلال الى الرياض عام 1994، وكذلك عام 1995.
جندت الرابطة الرياضية نفسها لخدمة الهلال في تلك الزيارتين، مع الاخوة في رابطة الهلال، واحتفى الرجل بالهلال اكثر من مرة في منزله ، وتولى صهره فتحي حسن استضافة الإعلاميين المرافقين.
لم تتاثر العلاقة القوية التي تربطني به ، حتى عندما اغتربت عام 1997، واشتد الخلاف في الرابطة الرياضية، وادى لانقسامها، واخترنا نحن جناح الدكتور كرار التهامي المناويء.
كنت اتواصل معه هاتفيا باستمرار في الرياض ، وبعد عودته النهائية للسودان، حرصت على زيارته في مدني خلال اجازتي الأخيرة في نوفمبر 2019 برفقة صديقي وزميلي صلاح حاج بخيت.
جلسنا معه لأكثر من ساعة، وعندما هممنا بوداعه، لانني كنت انوي زيارة الأخ الصديق، التاج الشيخ ، والحكم أمير طاشين، رفض ذلك، واتصل هاتفيا بالتاج وامير، وطلب منهما الحضور الى منزله، وقد كان.
آخر مكالمة جمعتني به كانت قبل وفاته بنحو عشرة أيام، وفيها، حكى لي معاناته من البقاء المستمر في البيت، وعدم الخروج لمشاركة الناس افراحهم واتراحهم، بسبب توجيهات الأطباء، وقال لي بالحرف: انقطاعي من الناس تسبب في مرضي، واخشى ان يكون سببا في موتي.
كان اجتماعيا من الدرجة الاولى، يحب الناس، ولا يعرف العيش بدونهم، وكان كريما ، ومحبا للخير، قلبه ابيض، لسانه رطب، ووجهه صبوح.
تغمده الله بواسع رحمته، واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
والعزاء لنا ولابنائه واشقائه، وأهله وللرياضيين ، في مدني والخرطوم، واقاليم السودان.
وداعية:
الموت نقاد يختار الجياد