• قضية التعدين تشكل حجر الزاوية في المنطقة الآن، ما هي رؤية اللجنة الدولية لمعالجة هذه القضية؟
التعدين يعتبر اكبر مهدد للمنطقة النوبية بعد السدود، فجميع مصانع السيانيد موجودة في الولاية الشمالية ونهر النيل واكثر من 80% من المعدنين الأهليين ايضاً في الولايتين ويتم استخدام الزئبق الممنوع دولياً بشكل مهدد للبيئة والحياة الى جانب السيانيد القاتل، اضف الى ذلك نقل “الكرته” من الكثير من ولايات السودان الى مصانع السيانيد في المنطقة بالقرب من نهر النيل، ما يتسبب مباشرة في تغيير طبيعة الارض وبالتالي المناخ والبيئة، وفوق هذا وذاك تواجد الاف العالمين في مجال التعدين في مناطق غير مهيأة للاقامة والسكن والعمل ما يشكل ضغطاً كبيراً علي البيئة، وانتشار الجريمة والسلاح وغيرها من المضار، لذلك وضعت الدولة ايقاف نشاط التعدين الحالي في مقدمة الاولويات وطالبت في المذكرة التي قدمت لمجلسي السيادة والوزراء ايقاف نشاط التعدين في المنطقة حتى يتم اعداد قانون يحفظ وينظم هذا النشاط بما يحافظ علي البيئة، كما كان احد اهم المطالب في المذكرة التي قدمت لحكومة الولاية الشمالية، كما نسعى من اللجان والفعاليات النوبية لتكوين جبهة عريضة في المنطقة تتصدى لنشاط التعدين وايقاف كل المصانع في المنطقة، خصوصاً ان الجهود الشعبية اثبتت فعاليتها كما في حال مصنع الشركة الدولية في صواردة ومصنع الهاصور في حميد وقبله منع اقامة مصنع في منطقة دياتشي في منطقة سبو بالمحس، وظلت الدولية الدوام داعمة لكل الحراك الشعبي المناهض للتعدين في المنطقة ودعمت كل لجان مناهضة التعدين إن كانت السداسية ام الخماسية…الخ
• مذكرة المطالب النوبية التي تم تقديمها لحكومة الولاية الشمالية، هل تم تنفيذ تلك المطالب؟ وما موقف الكيانات الموقعة علي هذه المطالب لمتابعة التنفيذ؟ وهل هنالك خطوات حيال التقاعس في تنفيذ بعض البنود؟
للاسف الشديد لم تنفذ حكومة الولاية الشمالية المذكرة بالرغم من انها صاغت معظم برنامجها التي طرحته، بل الاسوأ من ذلك ان حكومة الولاية تجاهلت تواصل اللجنة المكلفة للمتابعة واستعدادها لتنفيذ البرنامج مع الحكومة ومساندتها، كما لم تعير بيانات اللجنة اهتماماً بل تجاهلته تماماً وهذا الموقف اجبر اللجنة المكلفة بالبحث عن سبل اخرى للضغط علي الحكومة عبر الضغط الشعبي الذي لم نكن نتمنى ان نلجأ اليه.. فالحكومة لم تترك لنا خيار سوى الضغط الشعبي عبر الاعتصامات والمواكب وتتريس الشوارع للاهتمام بهكذا مذكرة صاغت منها الحكومة برنامجها للعرض الاعلامي وليس للتنفيذ. وللاسف هذه سياسة اصبحت شائعة الآن في كل مفاصل الحكومة ان كانت اتحادية او ولائية..
• في الفترة الاخيرة ظهرت كيانات علي الساحة النوبية تدعي تمثيل النوبيين مثل مجلس شوري دنقلا الكبري؟ وهناك أجسام تدعو لحمل السلاح مثل قوات درع الشمال و حركة الشمال الفتية ؟ هل هناك تنسيق بينكم وبين هذه الاجسام؟
ليس لدينا تنسيق معهم بل نعتبرها اجسام انفعالية قائمة علي ردة الفعل وليس قضايا موضوعية والقائمين عليها اما بقايا النظام السابق او بعض البسطاء الانفعاليين، اما فيما يخص السلطة فالسودان حكم عسكريا 4 اعوام عبود و16 عاماً النميري والاثنين يمثلان المؤسسة العسكرية وليس ابناء الشمال والحكومة البائدة كانت حومة ايدلوجيا جمعت من كل مناطق السودان وليس الشمال فابناء الغرب ايضاً كانوا في قيادتها حتى اخر لحظة وبعضهم كانوا قوتها الضاربة والباطشة، وفترات الديموقراطية حكم السودان الصادق المهدي واعظم حزبة يتكون من ابناء دارفور وكردفان، اما الوظائف فكان من الطبيعي ان يشغلها ابناء من اجتهدوا وارسلوا ابنائهم لمصر وغير من الدول للتعلم بالرغم من مساعدة الانكليز لهم خلال الاستعمار، ويمكن عقد مقارنة بسيطة بين خريجي جامعة الخرطوم من ابناء الشمال وبقية ابناء السودان، اذن كلنا في السودان مهمشين وكما قال المفكر محمد ابو القاسم حاج حمد مشكلة السودان ليس الشمال او الجنوب الشرق او الغرب السودان مشكلته انه لم يتأسس حتى الان وللاسف ثورة ديسمبر كانت ولا تزال فرصة جيدة لتاسيس سودان يحقق العدالة والحرية والسلام الاجتماعي والتنمية في كل ربوع السودان، لكن هنالك من يريد ان يقلب الحال فقط دون معالجة الخلل، لذلك لم يكن مستغرباً رغم رفضنا لاتفاقية جوبا ان يتم استبعاد مسار الشمال والشرق من تشكيلة الحكومة ولم يمكن مستغرباً ان تتراجع حركات الكفاح المسلح التي كانت تدعي انها حركات لكل السودان وتهتم وتتبني فقط اقاليم دارفور وكردفان والمنطقتين، ولم يكن مستغرباً ان يزور الهادي ادريس كل محليات دارفور وكردفان في زيارة استمرت لشهرين ولا يزور الشمال فلو كانت الجبهة الثورية تتبنى كل قضايا السودان لكان زار محليات الشمال قبل الغرب، هذا الواقع جعل الكثيرين يؤمنون بأن الحقوق في السودان الجديد يؤخذ علي اسنة الرماح، ورغم كل ذلك نحن في الدولية نرفض تماماً دعاوى واتجاهات تلك التنظيمات والاجسام، ومؤمنين بان كل جهدنا يجب ان يبذلك في اصلاح مؤسسات الدولة القومية لتكون قادرة علي حفظ حقوق كل اقليم فيجب ان ندعم الجيش حتى يتم اعادة هيكلته وترتيبه حتى يكون حامياً لكل الشعب وكذلك الشرطة والامن وكل المؤسسات المدنية، فذلك هو الحل الوحيد الذي يضمن سودان جديد يتساوي فيه الجميع.
• ما هو من موقفكم من منفستو مجلس شوري دنقلا الكبرى، خاصة بعد أن تردد انهم بصدد ضم كل المنطقة النوبية لهذا الكيان؟
ليس المنفستو فقط وانما الفكرة نفسها لا تتماشي مع رؤيتنا، فمشاريع مجالس الشوري التي ظهرت مؤخراً قبل أن يكون اعادة تدوير للمؤتمر الوطني لاتتماشي مع طبيعتنا وثقافتنا وحضارتنا التي نبذت القبلية قبل سنين عددا وتجاوزت فكرة الشوري الى اجسام مدنية حديثة وحركات وفعاليات تتناسب المجتمعات الحضارية تبني علي قضايا وبرامج ولا شي غير ذلك، فالنوبيون منذ عام 1916 كان لهم جمعية في مصر ايام خدمتهم في سلاح الهجانة ولبعض القرى والشياخات الى الان مقار ومادفن في القاهرة، وبعد الاستقلال مباشرة اتجهوا لتكوين التعاونيات والاتحادات والروابط الطلابية اينما تواجدوا … لا يمكن ان يعودوا بعد كل هذا التاريخ الى مجالس شوري تماهت مع الاحتشاد القبلي الذي ظهر في السودان مؤخراً كاحد سلبيات مشروع تأسيس السودان الجديد… نحن في الدولية نرفض مجلس شوري دنقلا الكبري وقريباً سيكون للنوبيين رايهم الموحد حول المجلس ولن يسمحوا له نشر عقيدة التخلف والتراجع في المناطق النوبية، وسنواصل مشوارنا وجهدنا الى اصلاح كل السودان وتقويم المعوج ولن يجبرنا الواقع مما كان سيئاً للتراجع والاحتشاد القبلي والجهوي.
• كان البعض يؤيد السدود من أبناء المنطقه بحجة الجفاف الذي ضرب بعض المناطق عقب إنشاء سد مروي و تحديدا ” خور حبراب ” الآن هناك صراع حول إنشاء سد النهضة ما رأي اللجنة حول سد النهضة ؟
اولاً من كان يؤيدون سد كجبار من اجل تعبئة خور حبراب لم يكن يدرون انهم لن يكونوا حول الخور او في منطقة حبراب بعد انشاء السد. ثانياً : نحن بشكل مطلق ضد اي مشروع تنموي يرفضة المجتمع المحلي وبالتالي ضد اقامة اي سد يرفضة المجتمع المحلي، سد النهضة يقام في منطقة ربما خالية تماماً من السكان واجري له دراسات جدوي عرضت علي الحكومة السودانية والمصرية منذ العام 2011م وكانت هنالك لجان مشتركة وبيوتات خبرة عالمية درست الهيكل والمتانة والتاثيرات الاخرى ربما فقط الدراسات البيئية والاجتماعية هي التي لم تكتمل، لذلك من حيث المبدأ لانعارض سد النهضة ولا يمكن ان نكون ملكيين اكثر من الملك ان كانت هنالك معارضة من المجتمع المحلي في بني شنقول كنا سنقف معهم ودعمنا الكثير من مناهضي السدود حول العالم عبر منظمة الانهار العالمية، المخاوف حول سد النهضة كلها مبنية علي قواعد الملئ والتشغيل وضرورة ضبطها باتفاقية ملزمة تراعي مصالح الدول الثلاثة وهذا يحتاج الى حوار وارادة واتفاقيات وضغط من قبل الحكومة بما يضمن مصالح السودان قبل اي مصلحة اي دولة اخرى وهو ما نتمنى ان تنجح فيه حكومة الفترة الانتقالية .
• تم تكوين اللجنة الدولية لمواجهة قضايا السدود ومن اللجان المناهضة حول العالم.
ما مصير اللجنة الدولية بعد صدور قرار الغاء السدود؟
وهل هنالك فكرة لعقد مؤتمر اللجنة الدولية العام في السودان؟
هي لمناهضة السدود وانقاذ النوبة ومازال هنالك الكثير من المهددات التي نحتاج لانقاذها، ومتى ما كانت المهددات موجودة فالدولية ستظل موجودة، قد يتغير هيكلها واهدافها لكنها ستظل موجودة لانها تستهدف في المقام الاول توحيد قنوات الجهود النوبية التي تستهدف انقاذ النوبة، فكما ذكرت في بداية الحوار الدولية جمعت كل لجان المناهضة في الخارج مع الداخل ووحدت الجهود، والان هنالك اتجاه كما ذكرت لتكوين جبهة نوبية عريضة لمواجهة مهددات التعدين الشركاتي والاهلي وربما تنتقل الدولية من مناهضة السدود الى مناهضة التعدين ومن ثم المساهمة في استقطاب الدعم الغير حكومي الخارجي في تنمية المنطقة النوبية اذ ان لديها رصيد علاقات جيدة مع المنظمات والجمعيات والخيرية والداعمة. طبعاً المؤتمر هو سيد نفسه ويمكنه ان يقترح ما يشاء اما رؤيتي الشخصية فاتمنى ان يكون المؤتمر القادم في السودان وفي المنطقة النوبية وان تتحول الدولية الى ما هو اقرب للجمعية الخيرية يكون لها مقر رئيسي في المنطقة ومكاتب منتشره حول العالم تستقطب الدعم والخبرات للمساهمة في تنمية المنطقة النوبية.
• موقف اللجنة الدولية من الفترة الإنتقالية و تقييم اللجنة للوضع الحالي ؟
حقيقي كان املنا كبيراً في ان يتغير واقع السودان بعد الثورة لذلك دعمت اللجنة الدولية الثورة وكانت من اوائل الاجسام الموقعة علي ميثاق الحرية والتغيير، لكن واقع اليوم مظلم ويجعل اي مواطن مشفق علي مستقبل السودان، اعتقد انحراف الثورة بدأ منذ انفراد الاحزاب السياسية بقرار الحرية والتغيير بعد سقوط النظام وتجاهلهم للاجسام المطلبية والمنظمات التي وقعت علي الميثاق، فطوال الثلاثون عاماً الماضية كانت الاحزاب الى حد كبير بعيدة عن قضايا وهموم الجماهير في الولايات والمحليات وكانت مشغولة فقط باسقاط النظام او التحاور معه، وبعد السقوط وجدت نفسها معزولة ومنقسمة وغير متفقة الا علي البند الاو ل من بنود اعلان الحرية والتغيير وهو اسقاط النظام، وانعكس ذلك مباشرة في ادائها وتمزقها وعدم وضوح الرؤية فالاحزاب لا تزال مرتبطة فقط بالعاصمة وهي مركزية بامتياز، ثم تتابعت الخيبات وانخرفت الثورة. وكما ذكرت من قبل السودان يحتاج الى تاسيس من جديد فنحن ورثنا وطن جغرافيا لم نتمكن من الحفاظ علي حدودة منذ خروج الانكليز وورثنا نظام اقتصادي وتعليمي … الخ من الانجليز ولم نستطيع توطينه او تطويرة … والثورة فرصة عظيمة لتاسيس وطن اولاً بتبني حوار مجتمعي حول كل القضايا وبمشاركة الجميع ان كانت حركات مسلحة، احزاب، منظمات، اجسام قبلية مطلبية ولائية وكل فئات المجتمع لتحقيق مشروع وطني قانوني وسياسي واجتماعي واقتصادي وتنموي يساهم فيه كل الشعب السوداني وكل مجموعة او مركز قوى في السودان ترى فيه حلمها وطموحها وما يمثلها، الحكومة الانتقالية تجاهلت ذلك بل تجاهلت مشروع تحقيق وحدة وطنية كما ظهر نموذجة في اعتصام القيادة العامة، وهرولت للخارج تبحث عن من يحل مشاكل السودان وفتحت السودان مسرحاً للمخابرات الاجنبية ومنبرا لتصفية الاجندات الاقليمية، واصبح كل قرارات السودان بيد الخارج، سد النهضة بيد مصر، ديون السودان بيد فرنسا، اسعار الدولار بيد الامارات، الفشقة وحلايب بيد الاتحاد الافريقي ومصر ومجلس الامن… الخ، واستنزفت ميزانية الدولة الشحيحة في الرحلات الخارجية التي لا تتوقف، فيما يصعب علي الحكومة الذهاب الى بورتسودان عندما تندلع قتال او كسلا او القضارف او الجنينة او كادقلي او نيالا ، ما يدل علي ان الحكومة الانتقالية تركز علي الخارج اكثر من الداخل، بل اهملت الداخل تماماً ولم يحدث حتى الان التغيير الحقيق في مؤسسات الدولية المدنية والعسكرية والخدمية، ولا توجد وحدة وطنية وكل قرار يتم اتخاذة معارضية يكونوا بقدر مؤيدية ان لم يكونوا ازيد … وتظهر الحكومة كانها معزولة تماماً من الشعب الذي ابدي حسن نيته في القومة للوطن وقبلة في مواكب 30 يونيو وغيرة من الفعاليات.. لذلك نرى ان الفرة مازالت متاحة للعودة للجبهة الداخلية ورتق النسيج الاجتماع واشراك المجتمع في صياغة رؤية وطنية وتحقيق وحدة وطنية، ولو كانت هنالك حكومة قادرة علي تحقيق استقرار ورفاه بعيدا عن الشعب لكانت الحكومة البائدة نجحت في ذلك فقد امتلكت الفرص والامكانات التي لم تتوفر لاي حكومة في السودان. ونصرخ في وجههم اتركو الخارج واهتموا بالداخل واشتركوا الشعب في تاسيس السودان الجديد، اتفاقية جوبا وجدت معارضة واتفاقية الحلو رغم انها ترتكز في اهم موضوعاتها علي المشورة الشعبية الا انها ايضا لن تحقق استقرار فالبلد الذي لا ثوابت له يحتاج الى تاسيس من جديد وليس رتق التشقاقات هنا وهناك ومعالجة الراهن والطاري وانما تفكير وتخطيط استراتيجي.