. عشنا وشفنا حكومات ووزراء يصلون لمناصبهم بتضحيات أفراد الشعب العاديين وشابات وشباب الوطن البواسل ليضاعفوا بعد ذلك من معاناة هؤلاء النفر الأكارم بدلاً من رد الجميل لهم وشكر أمهات وعائلات الشهداء على تضحيات أبنائهم.
. فالمرء حين يتابع حجم المآسي التي تقع على رؤوس السودانيين كل يوم يظن أن من يحكموننا قد وصلوا للسلطة بتضحياتهم واجتهادهم ونضالهم، لا على أكتاف من يسومونهم العذاب.
. ينطبق علينا حالياً المثل ” تسويه بإيدك يغلب أجاويدك”.
. فنحن كشعب مغلوب على أمره من جعل من الدكاترة حمدوك رئيساً الوزراء وجبريل وزيراً للمالية.
. ولو لا أرواح الشهداء الطاهرة الزكية لما تمكن أي من هؤلاء المسئولين الحاليين من منصبه وإن ظل يمارس الكر والفر مع حكومة المقاطيع لعشرين سنة قادمة.
. فليس أقل من خطاب يحترم هذا الشعب ويقدر تضحياته يا دكتور جبريل.
. ما صرح به وزير المالية بعد الإعلان عن رفع الدعم (المزعوم) يذكرنا بتصريحات سييء الذكر رموز وقادة نظام (الساقط) البشير.
. وإن سألت عن الفرق بين (لحس الكوع) و (عندنا شنو غير جيب المواطن)، لأتتك الإجابة سريعاً أن العبارة الأولى يمكن بلعها بإعتبار أن صاحب اللسان الزفر الذي نطق بها كان مغتصباً للسلطة فليس بالضرورة أن نتوقع منه رأفة بمواطن البلد.
. أما ما تفوه به وزير مالية حكومة الثورة فأشد إيلاماً في نظري لأن هذا الشعب الذي يخاطبه بهذا التعالي هو من أتى به بطوعه واختياره.
. لكنني أحياناً أقول في قرارة نفسي أننا نستحق ما يجري لنا، لأن بعض المستنيرين (المنظراتية) يُجَهِلون إخوة لهم لمجرد رفضهم لبعض سياسات حكومة الثورة.
. فحين يزعم مثقف من عامة الناس أنه يملك كل الحقيقة ويرى أنه يستحيل أن ينصلح حال البلد الاقتصادي بدون مثل هذه السياسات والإجراءات الكارثية يصبح من حق د. جبريل أن يقول أنهم لا يملكون سوى جيب المواطن، وأن على هذا المواطن أن يكون واقعياً، أي ألا يحلم بعالم سعيد.
. لست اقتصاديا ولا أدعي معرفة جيدة بنظريات الاقتصاد، لكن بال (common sense) لا يمكنني أن أتوقع تحسناً في الوضع الاقتصادي لو بيع جالون البنزين بخمسين دولاراً في هذا السودان وإن طُبقت كل وصفات المؤسسات الدولية (الجائرة) وتدفقت علينا الهبات والقروض من كل صوب، ما لم تُضبط أوضاعنا الداخلية.
. والشاهد أن كل شيء ما يزال سائباً في المنظومة الاقتصادية للبلد بدءاً بالبنك المركزي وانتهاءً بأصغر مؤسسة.
. كما لا يمكنني أن أقبل من أي وزير حتى ولو ورث هو وزملاؤه هذه السلطة عن أجدادهم أن يمص دم الغلابى في الوقت الذي يستأثر فيه حميدتي وبعض العسكريين والرأسماليين الطفيليين بموارد هذا البلد ويبيعون ذهبه ومعادنه ومنتجاته الاستراتيجية للآخرين بتراب الفلوس.
. منتهى الغباء أن نقبل بنهب ثروات البلد وفي ذات الوقت نطأطيء الرؤوس لمثل هذه السياسات بحجة أن دعم حكومة الثورة واجب حتى (نعبر).
. لن نعبر يا سادة لو صبرنا لعشرين عاماً قادمة ما لم تتحقق العدالة ويُحاسب المجرمون واللصوص وتُسترد الحقوق وتُعاد موارد البلد لتصب عبر القنوات الرسمية.
. فكفانا سذاجة متعلمين يرحمكم الله.
. لن ندعم حكومة الثورة ما لم تسلك الطرق الصحيحة.
. أين برلمان هذا الشعب الذي أتى بحمدوك وجبريل وبقية هذه الكوكبة التي لا تحس بأوجاع الكادحين!
. وأين المنظومة العدلية التي تضمن لنا محاسبة من أجرموا في حق هذا الوطن وأهله!!
. أليس غريباً بالله عليكم أن يتوقع منظر اقتصادي تحسناً كبيراً في اقتصاد بلد لا يوجد فيه لا نظام ولا أمن ولا عدالة ولا انصاف!!
. لو كنا سنسكت على مثل هذا العبث لما دعمنا الثورة منذ كانت في مهدها لنحفز شباباً في عمر الزهور لكي يضحوا بأرواحهم لينتهي الأمر بما نراه الآن.
. على المستوى الشخصي أشعر بأنه حرام على أن أصمت متوهماً أنني بذلك أدعم حكومة ثورة وإجراءات يمكن أن تؤتي أُكلها بعد حين.
. أعيدوا الحقوق أولاً وحاسبوا المجرمين واستردوا موارد البلد وبعد ذلك طالبونا بالصبر على أي إجراءات مهما كانت قاسية.
. إيجاد الأعذار ل (معبود) البعض د. حمدوك بزعم انه لن يستطيع أن يفعل شيئاً في وجود شعب استمرأ الراحة و(العطالة) أيضاً حديث فيه الكثير من السذاجة.
. فالدولة هي من تحفز الشعب وتحدد الإجراءات وتضع سياسات الإنتاج وتوفر المدخلات وتعين المواطن لكي يعمل.
فما الذي قدمه حمدوك في هذا الجانب، وكم عدد المشاريع التي طرحتها حكومته وقالت هلموا للعمل ولم تجد هذه الحكومة راغبين في العمل!!
. كيف تطالب يا مثقف يا سوداني أخيك المواطن بالعمل وهو لا يجد لا كهرباء ولا ماء ولا وسيلة نقل بسعر مقدور عليه!!
. الله لا كسب الكيزان المقاطيع الذين عقدوا أوضاع هذا البلد وصنعوا فيه الفتن وأورثوا معظم موارده لفرقاء الخلا ولثلة من اللصوص والطفيليين.