لم نكن مخطئين ونحن ننتقد حكومة الدكتور حمدوك بكل القسوة منذ أسابيعها الأولى، ونشير لتهاونه وتقاعس وتواطؤ بعض وزرائه.
ولم نكن متشائمين عندما عبرنا عن حالة رفض واضحة لما كان يجري في جوبا من جلسات تفاوض حول اتفاق سلام مزعوم وصفناه بمحاصصات اقتسام كعكعة الوطن بعد أن حشدوا له كل من هب ودب ممن أسموهم بقادة وممثلي المسارات.
ولم نقسو على أحد ونحن نشير غير مرة إلى حقيقة أن القوانين التي تسنها حكومة الثورة مجرد حبر على ورق (قانون حظر حزب المؤتمر اللا وطني نموذجاً).
فها نحن نعيد ونكرر كشعب ثائر الحديث عن الفلول ومحاولاتهم التخريبية المستمرة التي ما كانوا سيجرأون عليها لو أنهم وجدوا الحسم اللازم من الأسابيع الأولى لتشكيل هذه الحكومة الضعيفة المتهاونة.
وكيف لا تكون حكومتنا ضعيفة ومتهاونة وهي توكل أهم وزاراتها لبعض الكيزان والمتماهين مع سياساتهم والراغبين في استمرار ممارساتهم القذرة.
فمع شروق كل يوم جديد يؤكد وزير المالية (الكوز) جبريل أن سلام جوبا المزعوم لم يكن أكثر من مؤامرة على هذا الوطن ووحدته وأمنه واستقراره ورخائه.
فهذا الوزير لا يرغب في أن يخاطب هذا الشعب الثائر بصورة محترمة تعبر عن اعترافه بأن تضحيات شباب البلد هي التي مكنته وغيره من مناصبهم الحالية، دعك عنك أن يحرص على تحقيق أهداف الثورة.
بعد الإعلان عن سياسات وإجراءات رفع الدعم القاسية أصر جبريل على استفزاز أفراد الشعب المغلوب على أمرهم بكل ما يملك، وكأنه يسعى لإشعال الشارع واحداث الفوضى.
ولم تمر سوى أيام معدودة حتى سمعناه ينكر أن تكون لجنة إزالة التمكين قد سلمت وزارته أي مبالغ نقدية أو مؤسسات وعقارات.
وفي الجانب الآخر أكد عضو اللجنة وجدي صالح تسليمهم لوزارة المالية ما أنكره الوزير جبريل، مُشيراً إلى مبلغ ستة ملايين دولار سُلِمت للوزارة نقداً بالإضافة لمصنعين عاملين بجانب العديد من المرافق الأخرى.
ومن هنا بدأ (الغلاط) الذي يؤكد ما ظللنا نرفضه من نهج الجزر المعزولة في حكومة الثورة.
فلم يكن مقنعاً أصلاً أن تعلن اللجنة كل أسبوع عن استرداد أموال وعقارات ومنظمات وأراضِ دون أن نرى لذلك أثراً على حياة الناس.
فالثورة قامت من أجل إعادة الحقوق لأهلها.
والمعلوم أن ما سرقه المقاطيع ونهبوه طوال سنوات حكمهم البغيض لم يكن مسبوقاً في تاريخ السودان.
والطبيعي في هذه الحالة العمل المتناغم بين مؤسسات حكومة الثورة.
وعندما نسمع عن استرداد مال، عقار أو مورد مسروق يفترض أن يتحول في أقرب فرصة ممكنة إلى ما يلامس حياة الناس ويخفف معاناتهم كمكافأة عاجلة لهذا الشعب الذي ضحى بالغالي والنفيس، وبخيرة شبابه من أجل هذا التغيير.
لكن الشاهد أن اللجنة كانت �