محجوب الخليفة
الصدفة وحدها هي التي جمعتنا بمجموعة من المواطنين يناقشون معاناتهم مع الغلاء وندرة الدواء وصراعهم اليومي من اجل البقاء ، النقاش المحتدم بين ثلاث مجموعات مختلفة مجموعة تؤيد حمدوك وحكومته وتؤمن بأن المعاناة هي نتيجة لفساد حكومة اﻹنقاذ وانه من المستحيل معالجة أخطاء ثلاثين عام خلال ثلاث سنوات فقط وان حمدوك هو بالفعل المؤسس الحقيقي لدولة سودانية معاصرة بمواصفات الدول الراقية والمتقدمة ، ولكن التأسيس يتطلب التخلص من كل بقايا التخريب وإزالة كل التشوهات ومن ثم وضع اساس متين لدولة جديدة تشبه دول العالم المتقدم والمعاناة والضغوط التي يعاني منها الشعب السوداني اﻵن هي الثمن الباهظ لمرحلة العبور التي يتحدث عنها حمدوك ، بينما تري مجموعة اخري ان اﻹنقاذ ورغم قناعتهم بفسادها ومخالفاتها ، اﻹ انها حتي أيامها الاخيرة تركت سعر الرغيفة جنيها واحدا بينما قفز سعر الرغيفة في عهد حمدوك المؤسس الي مايزيد عن العشرين جنيها قابلة للزيادة وكذلك الحال بالنسبة للوقود وغاز الطبخ والمواصلات والدواء
وأن اﻹنقاذ رغم عيبوها لم تعجز تجاه فرض هيبة الدولة وحسم التفلتات اﻷمنية ، ولم تسمح بلقاءات او تصريحات تسيئ الي عقائد الناس وتخدش الحياء العام لدرجة أن تصرح احدي الصحفيات بتشجيع أي زوجة بأتخاذ صديق او عشيق يؤدي مهام زوجها في حال غيابه او ذهابه إلي زوجته الثانية.
المجموعة الثالثة تبنت خطا مغايرا يظهر قناعتهم الكاملة بان اﻹنقاذ،وحكومة الفترة اﻹنتقالية هما وجهين لعملة واحدة فحكومة حمدوك فاشلة وفاسدة ايضا مثل اﻹنقاذ وهي امتداد لها في كل شيئ ، حتي ان المتحدث باسم المجموعة وهو اﻷعلي صوتا عقد مقارنات واضحة وادلة كثيرة تؤكد من خلالها ان لا فرق بين حكومة البشير المخلوع وحكومة حمدوك ، فكلاهما رهين لتدخلات خارجية وهيمنة دول اخري تجيد إبتزاز القادة السودانين وتوريطهم بعد إغرائهم فيما يخدم مصالح تلك الدول علي حساب مصالح السودان ، بل ان سياسة الحكومة اﻹنتقالية سياسة إنتقامية تشبه تماما ماقامت به اﻹنقاذ من حملات تشريد الكوادر المؤهلة باستخدام نظم احلال وفقا للولاء السياسي واﻹنتماء للحركة اﻹسلامية ،حيث تبنت اﻹنقاذ نهجا غريبا هو شيطنة خصومها ، وذات النهج اعتمدته حكومة الفترة اﻹنتقالية التي ابلست جميع اﻹسلامين ( أي جعلتهم اخوان ابليس).
كان وزيرنا يتابع ذاك النقاش المحتدم وينظر الي المتحدثين بنظرات ذكية من عينيه المتعبنين ، فالرجل الذي تتحدث ملامحه عن كفاحه الطويل ومعاناته في سبيل العيش الكريم واللقمة الحلال ، يبدو انه كان ينتظر أن تهدا اصوات النقاش المحتدم حتي يجد لنفسه طريقا ليعبر به عن المطلوب اﻵن ومايحتاجه الشعب السوداني بعيدا عن المغالطات والمقارنات (كما ظهر من حديثه فيمابعد) فكرت في طريقة اساعده بها ليجد فرصةللتعبير عن وجهة نظره والتي شدني الفضول لمعرفتها ، فتوجهت اليه بالسؤال مقاطعا جدالهم (ياعمنا رأيك شنو في كلام الناس ديل ؟ وضياع البلد وتدهور الحال مسئولية منو؟)
جاء رد الرجل سريعا قائلا :- المغالطات مابتفيد والحصل حصل خلونا نكون اولاد الليلة عشان الناس عايزة الطريقة البتخارجها من التعب والغلاء، يعني ليه حمدوك ولا وزير المالية ما يصدر قرار بالغاء الجمارك والضرائب علي الضروريات زي المواد البترولية والدقيق واﻷدوية ومدخلات اﻹنتاج ويزيد جمارك وضرائب الكماليات والحاجات الغير ضرورية.. وكمان يمنع التهريب والتخريب والتجنيب قاطعته انا مندهشا تقصد شنو بالتجنيب والتخريب ؟؟ إبتسم الرجل ثم رد علي قائلا ياولدي انا متابع والله لي خمسين سنة ملازم الرادي ومتابع يوميا لﻹذاعة بعد ما اصلي العشاء وعرفت انه النجنيب هو قروش يحجزها بعض المسئولين والوزراء في حسابات ولاتستفيد منها الحكومة ولا الشعب ، والتخريب زي الحصل في مشروع الجزيرة والسكة حديد وسودانير وبواخر السودان( يقصد الخطوط البحرية) ﻷنه إذا منعنا التهريب وقفنا التخريب ولغينا التجنيب
ممكن نستفيد جدا إذا نفذنا معاه الغاء جمارك وضرئب الضروريات وزدنا جمارك الكماليات .
استطاع عمنا بكلامه البسيط والمرتب ان يجبر الجماعات المتغالطة لﻹستماع اليه بأهتمام بل واﻹتفاق علي أن ماقاله هو بالفعل مانحتاجه اليوم ، فقال احد الحضور بأنفعال يظهر أعجابه بحديث عمنا (والله انت تنفع وزير مالية ياحاج ) إبتسم وزيرنا ولم يرد فالتفت إليهم وقلت سننشر روشتة وزير مالية غمار الناس لعلها تقع في يد حمدوك او زير ماليته جبريل.