قالت وزيرة الخارجية د. مريم الصادق المهدي إن السودان سيكون المتضرر الأكبر من سد النهضة الإثيوبي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد العملاق.
وأكدت الوزيرة في محاضره استضافها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات التابع لمعهد الدوحة للدراسات العليا أن أمر السد تحول من جانب الحكومة الإثيوبية إلى تعبئة سياسية شعبية خاصة في ظل اقتراب اجراء الانتخابات العامة في إثيوبيا والأوضاع الداخلية التي تعاني منها أديس أبابا.
وأفادت أن موضوع سد النهضة أصبح سياسي في المقام الأول ويحتاج إلى إرادة سياسية وضغط سياسي حتى يتم التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف.
ونوهت إلى دور السودان منذ بداية إنشاء السد وما قدمه لإثيوبيا من دعم فني لوجستي مروراً بمراحل التفاوض المختلفة.
وأوضحت موقف السودان وما يستند عليه والعوامل التي تجعل السودان المتضرر الأكبر في حال عدم التوصل لاتفاق ملزم بشأن الملء والتشغيل.
وأشارت إلى اقتراح سبق أن تقدم به السودان بأن تكون المفاوضات بوساطة الاتحاد الأفريقي ومشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بينما طلبت إثيوبيا في مفاوضات كينشاسا الأخيرة مشاركة مراقبين من جنوب أفريقيا.
وأوضحت الوزيرة أن مصر وافقت على المقترح السوداني حتى تملك الوساطة القوة اللوجستية والقانونية لمساعدة الدول الثلاث للتوصل إلى اتفاق يحقق مصالحهم، وزادت “للأسف إثيوبيا رفضت هذا المقترح”.
وتابعت “نحن في السودان نعلم تماما أهمية السد بالنسبة لإثيوبيا”، وأقرت بأن للسودان مكاسب معروفة أيضا حيث يعمل السد على حمايته من الفيضانات.
واستطردت قائلة “لكن من المهم أيضا ألا يشكل هذا السد ضغطا على السدود السودانية خاصة سد الرصيرص وبالتالي هناك أهمية لمعرفة كيفية الملأ والتشغيل لسد النهضة لسلامة السدود السودانية وسلامة تشغيلها”.
وأكدت مريم المهدي أنه لم يكن في الحسبان مع كل الدعم والعلاقة القوية بين السودان وإثيوبيا والعلاقة القوية التي تربط رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، “أن تطعن إثيوبيا السودان في ظهرة”.
وقالت “للأسف هذا ما حدث العام الماضي عندما قامت إثيوبيا بالملأ الأول ولم تشارك السودان المعلومات حيث رفض الجانب الإثيوبي اعطاء أي معلومات إلا باتفاق قانوني وملزم”.
وأضافت “لم يكلف آبي أحمد نفسه أن يرفع سماعة التليفون ليخطر صديقه رئيس وزراء السودان بأن الملء الأول سيحدث”.
وشددت بالقول “إذن مسأله تحول السد لخطر أو امكانية أن يكون سلاح ضد السودان تمت في واقع الأمر العام الماضي”.
وأشارت إلى أن الملء الأول لسد النهضة تسبب في مشكلات خطيرة في السودان على المستوى الاقتصادي وتعرض العاصمة الخرطوم للعطش لعدة أيام كما تسبب في مشكلات سياسية وتظاهرات ضد الحكومة واتهامها بالعجز، قائلة “لا شك لدي أنه كان واحدا من الأسباب التي أدت إلى سقوط الحكومة الانتقالية الأولى”.
وأكدت أنه بموجب هذا الملء حدثت هزة كبيرة في الثقة بين السودان وإثيوبيا، وقالت “لهذا اننا في السودان لا يمكن أن نمضي في هذا الأمر إلا باتفاق قانوني ملزم”.
وأفادت “أن أهمية الوصول لاتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة قبل الملء الثاني محور مهم جدا واساسي في التنسيق المصري السوداني”.
وأضافت “نحن الآن ماضون في الضغط السياسي والدبلوماسي لحماية حقوقنا بكافة الوسائل الدبلوماسية والقانونية، ونرفض تماما الانزلاق في أي مواجهات عسكرية”.
وذكرت أن آفاق الحلول تكمن في أن يكون السد عامل استقرار وتعاون بين الدول الثلاث.
وأشارت وزيرة الخارجية إلى أن موضوع الفشقة والحدود السودانية الإثيوبية كان منفصلا عن سد النهضة ولكن بواقع الامر أصبحا شديدي الترابط، متهمة اثيوبيا بتداول هذا الأمر في صورة تعبئة سياسية قبيل الانتخابات العامة.
وقالت “لا ننوي أن تكون هناك عمليات عسكرية مع اخوتنا في الشرق ولكن بالتأكيد فإن الجيش السوداني سيقوم بواجبه حال أي هجوم على الاراضي السودانية حيث لا يمكن التهاون في سيادة السودان على أراضيه”.