هل الشعب السوداني يعاني من فقدان الذاكرة ؟ وهل ذاكرتنا سمكية كما يقال ؟؟ هل
الوزراء يقولون حديثا اليوم ليقولوا عكسه تماما صباح الغد ؟ وهل يتعامل الوزراء معنا
وكأننا شعب من القطيع يوجهوننا اينما شاؤوا وشاءت سياساتهم الخرقاء ؟؟
تناسلت هذه الاسئلة وانا أتابع جلسة مجلس الامن امس الاول والتي خصصت للشكوى المقدمة من دولتي مصر والسودان ضد اثيوبيا لايقافها عن الملأ الثاني لسد النهضة حتى يتم الاتفاق بينها وبين دولتي المصب مصر والسودان .
نفس الوزير وهو وزير الري السوداني وقبل عام او يزيد قليلا كان يتحدث كثيرا عن الفوائد التي سيجنيها السودان من قيام سد النهضة معددا الفوائد مثل استقرار جريان النيل الازرق في مجراه وعدم التعرض مستقبلا لفيضان الازرق العاتي والذي يدمر القرى والمدن والمزارع كل عام وفي سرعة اندفاعه يسبب ضغطا على الابيض ايضا والذي بدوره يقوم بإكمال مهمة الازرق في تدمير المدن والقرى على شريط النيل الابيض كما يحدث سنويا .
ايضا من الفوائد التي كان يذكرنا بها وزير الري ان بناء سد النهضة واستقرار الازرق في مجراه سيزيد من المساحات الزراعية بشكل كبير على ضفتي الازرق وفوق كل هذا وذاك فإن اثيوبيا ستبيع لنا كميات مقدرة من الطاقة الكهربائية والحكومة يمكن ان تجد حلا لازمة الكهرباء الدائمة في السودان وباسعار خاصة . هذه بعض من البشريات ( رغم كرهي لهذه الكلمة التي استهلكت وفقدت بريقها من ايام الانقاذ )
فجأة أعلنوا لنا ان سد النهضة سيكون مدمرا للسودان وان ملايين السودانيين خلف السد سيموتون عطشا وستموت مزارعهم عطشا وستضرب المجاعة وقلة الغذاء الملايين خلف سد النهضة !!! واصبحنا في حيرة من امرنا.
كيف حدث هذا التغيير الدراماتيكي في الموقف السوداني من سد النهضة ؟؟ اما وزيرنا كان يكذب قبل سنتين او هو يكذب الان !! هل هناك احتمال ثالث؟
ونحن شعب السودان نريد ان نفهم ونعرف حقيقة الامر بعيدا عن موقف الجارة الشمالية مصر . ثورة ديسمبر واحدة من شعاراتها العظيمة ان سياسات السودان الخارجية يجب ان تقوم على مصالح السودان وليس مصالح اي دولة اخرى . وان نبتعد من سياسة المحاور الاقليمية وان لا نرهن مواقفنا او سياساتنا الخارجية الا وفق ما تقتضيه مصالح السودان العليا . وبهذا الفهم نريد ان نعرف حقيقة موقف السودان من سد النهضة . وما هي الايجابيات التي يجنيها السودان من قيام السد وماهي السلبيات وهل الايجابيات اعظم من السلبيات ام العكس وذلك دون القيام باي اسقاطات للموقف المصري تجاه السد مع الموقف السوداني .
اعتقد ان ما تمخض عنه اجتماع مجلس الامن الدولي بشأن سد النهضة هو درس قاسٍ وقاسٍ جدا للسياسة الخارجية السودانية المرتبكة تجاه هذه القضية . وكعادة خارجيتنا اصبحت مواقفها مرهونه تماما بالموقف المصري من القضية ومتماهية معها بصورة مؤسفة للغاية .
انا شخصيا من اكثر المنادين برفع مستوى العلاقات المصرية السودانية وان العلاقات بين الدولتبن والشعبين علاقات تاريخية .
علاقات الحكومتين في القاهرة والخرطوم تصعد وتهبط كثيرا وفق التباينات والتقاطعات السياسية في الاقليم ولكن تظل علاقة الشعبين علاقة مميزة على مر العصور . ولكن هذا لا يعني باي حال من الاحوال ان تكون حكومة الثورة ووزارة خارجيتها مجرد عربة
في قطار الخارجية المصرية تسحبها اينما تشاء وكيفما تريد .
مصر من حقها ان تدافع عن حقوقها المائية ولا غبار في ذلك ولكن على السودان ان يتخذ مواقفه وفقا لمصالحه وليس وفقا لمصالح مصر .
وزارة الخارجية لم تكن موفقة في ادارة هذا الملف الحساس وعليها ان تراجع مواقفها وعلى وزارة الري ان تكون اكثر شفافية في طرح هذا الملف لشعب السودان . الشعب السوداني يريد ان يفهم ماذا يجري خلف الابواب المغلقة واذا كانت هناك مصلحة عليا للسودان في سد النهضة يمكن بكل بساطة ان تصل حكومتنا لاتفاق ثنائي مع اثيوبيا لحفظ حقوق الطرفين ..
واهمس في اذن وزير الري زمن ( الغتغتة) انتهى . الوضوح مع شعبك هو طريقك الوحيد واتمنى من وزيرة الخارجية ان تترك هذا الملف لوزير الري ومعه رئيس الوزراء هم الاقدر لقيادة هذا الملف .
وكان الله في عوننا
رمزي المصري