تطلب المستحيل إذا حاولت مخاطبة ضمائر الفلول أو انتظرت منهم عدلاً وإنصافاً ووطنية أو إنصاتاً لصوت العقل والحكمة..! ولا بد أن الناس طالعوا صحف الإنقاذيين ومواقعهم الإعلامية واستمعوا في قنواتهم إلى هذا الدفاع المحموم عن التمرد الصريح على الدولة عبر أحداث شرق السودان .. حيث أصبح الذي يهدد بفصل جزء من الدولة بالقوة وإيقاف حركة القاطرات وإشاعة الفتنة (بطلاً إصلاحياً) وعمدة يجب احترامه وتوقيره..! فيا لبؤس هؤلاء القوم الذي يريدون إشاعة الخراب وتهديد استقرار الوطن لمجرد أن المؤتمر الوطني بؤرة الإجرام و(حاضنة التلوث) ومرتع الفساد خرج من السلطة بإرادة الشعب الغلّابة مذموماً مدحوراً..!!
قالوا انه ليس إنقاذياً وإنه جاء إلى السلطة باسم قبيلته.. فيا لقبح هذا الادعاء ويا لغلبة الوهم إذا ظنوا أن مثل هذه الحركات الهوجاء يمكن أن تلوي عنق الثورة أو تعطّل مسيرة الوطن نحو إكمال دفن (عهد الجهالة الأكبر) فهم الآن يحاولون التغطية على ما يتكشّف كل صباح جديد من مخازي الإنقاذ وقبورها الجماعية ولصوصية قادتها.. وبعد أن أعياهم الدفاع عن (خميمها ورميمها) وبين أياديهم كل هذه الصحف والقنوات والمواقع، اتجهوا إلى التهديد الصريح بإشاعة الفتن وزعزعة أمن الدولة وأمان المواطنين وهم يهدفون من وراء ذلك إلى دفع الناس والدولة إلى ردود أفعال تبيح لهم ممارسة العنف.. ولكن لا سبيل لذلك.. فليواصلوا نعيقهم وستمضي قافلة الثورة .. فلا عودة إلى ضلال الإنقاذ..وقد انطوت هذه الصفحة السوداء.. ولكن لا ندري إلى متى يستمر هذا الغي بالفلول وهم يرون بأعينهم كيف أن الوطن بقضه وقضيضه قد ركل ذلك العهد بكل زبانيته ولصوصه وأبواقه..!
وحتى بعد فشل موكبهم الهزيل في الثلاثين من يونيو لم تكف قنواتهم وصحفهم ومواقعهم عن التزييف والهرطقة.. فإذا بها تنسب هذا الفشل الداوي إلى مجرد (عدم الإعداد الجيّد) وغياب الحافز و”حالة الطقس” و(عدم وصول السندوتشات للمتظاهرين في مواعيدها).. فهم يفتقرون إلى شجاعة الاعتراف بأن الفشل يعود إلى عزلتهم عن الشعب والوطن وأن المسألة أكبر من مجرد (سخانة الجو) أو تأخر تمويل المشاركين أو عدم اختيار التوقيت المناسب..! وقد رأى الفلول كيف يخرج الشعب السوداني عندما يريد أن يخرج بغير انتظار إلى استنفار أو مواصلات أو (مصاريف جيب)…وهذه هو ما يعنيه الناس عندما يتحدثون عن الكرامة وشرف المواطنة.. ولكن (على مَنْ تقرأ مزاميرك يا داؤود)..؟!!
هذه هو السقوط العمودي في امتحان الوطنية؛ ولن يخذلك الانقاذيون ومن يتبعهم ومن لحق بهم من الأرزقية في ارتكاب أسوأ ما تنتظره منهم من سوء..! فلا أحد يستطيع أن يرسم حدوداً لانحدارهم السحيق في انعدام المروءة وجفاف الحياء.. فكيف عهدك برجل يكون والياً وينتهك ملكية الدولة ببيع ما يوجد في ولايته من مصانع..؟! وما بالك بوزير مالية ينهب المال العام؟! وبمحافظ للبنك المركزي يتاجر في العملة الصعبة؟! وبأمين لجماعة دينية يتورط في بيع خط طيران (أفرنجي)..؟! وما ظنّك برأس دولة يحمل منح وقروض خاصة بالدولة إلى غرفته الخاصة وينهمك في غسيل الأموال بينما نائبه يقوم بتجنيب مال الدولة وأراضيها لخدمة ضياعه الخاصة..؟! وواعظ مستدير اللحية يتحدث ليل نهار عن الحرام والحلال و”فضل السواك في نهار رمضان” ثم (يخمش) خمسة ملايين دولار.. وعندما تطالبه الدولة بردها للخزينة العامة يهرب إلى تركيا ويكتري فيها الضياع.. ويباشر الهمبتة الفضائية من اسطنبول..؟!..ألا خزياً للفلول في مشارق الأرض ومغاربها وللذين يعتصمون منهم في (هضبة الأناضول)..!!
murtadamore@yahoo.com